الأردن في دائرة الابتزاز الأمريكي: كيف ستتعامل عمّان مع طروحات ترامب؟

الصورة
الملك عبد الله وترامب
الملك عبد الله وترامب

رفض عربي ودولي متصاعد أمام دعوة ترامب لتهجير الفلسطينيين إلى الأردن ومصر

آخر تحديث

في تطور مثير للقلق، أثارت تصريحات ترامب الأخيرة حول تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر والأردن ردود فعل واسعة؛ بين اعتراضات شعبية ورسمية حادة. حيث تضمنت تصريحات ترامب الصحفية مقترحات على، الأردن ومصر، لاستقبال مزيد من الفلسطينيين جراء الأوضاع الإنسانية المتدهورة في قطاع غزة نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر. 

وقد لاقت التصريحات رفضا عربيا ودوليا، وتباينا في مواقف الشخصيات السياسية والإقليمية تجاه هذا الطرح، الذي يثير العديد من التساؤلات حول الأبعاد السياسية لهذا الطرح المثير للجدل.

رفض أردني رسمي

على الصعيد الأردني، جاء الرد سريعا من وزير الخارجية أيمن الصفدي، الذي أكد أن موقف المملكة هو دعم حل الدولتين، الذي يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967، ورفض أي محاولات لتهجير الفلسطينيين. 

الصفدي شدد على أن الأردن يتطلع إلى تحقيق السلام العادل في المنطقة، إلا أن رفضه لتهجير الفلسطينيين إلى الأراضي الأردنية كان واضحا وثابتا.

اقرأ المزيد.. وزير الخارجية أيمن الصفدي: الأردن يرفض خطة تهجير الغزيين

خط أحمر وضعه الملك

أكد الملك عبد الله الثاني، في عدة مناسبات خلال الأعوام الماضية، رفضه التام لأي خطة تهدف إلى تهجير الفلسطينيين إلى الأردن. وفي آخر تصريحاته في أيلول الماضي، شدد على رفضه للفكرة التي يروج لها "المتطرفون" في دولة الاحتلال الإسرائيلي بشأن تحويل الأردن إلى "وطن بديل" للفلسطينيين، واصفا ذلك بأنه "لن يحدث أبدا" ووصف عملية "التهجير القسري" بأنها جريمة حرب. 

وأضاف الملك في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن العالم العربي عرض السلام عبر مبادرة السلام العربية التي طرحها العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز في قمة بيروت عام 2002، إلا أن حكومات الاحتلال الإسرائيلي المتعاقبة اختارت المواجهة بدل السلام، نتيجة للحصانة التي اكتسبتها عبر سنوات في غياب أي رادع لها.

 الأكاديمي الأردني بدر ماضي: ما يطرحه ترامب هو استنساخ لصفقة القرن 

الأكاديمي الأردني بدر ماضي، أستاذ علم الاجتماع السياسي، وصف تصريحات ترامب بأنها "استنساخ لصفقة القرن"، مشيرا إلى أن هذا الطرح ليس جديدا بل يعكس محاولات سابقة لتصفية القضية الفلسطينية من خلال تهجير الفلسطينيين إلى دول الجوار. ماضي أضاف أن الأردن، الذي شهد محاولات مماثلة في الماضي، لن يقبل بأي شكل من الأشكال بتمرير هذه المخططات، موضحا أن البلد لديه أوراق دبلوماسية قوية لمواجهة هذا الطرح الأمريكي. 

وحول قضية المساعدات الخارجية، أشار بدر ماضي إلى أن الأردن قادر على التخلي عن المساعدات الأمريكية رغم كلفتها الاقتصادية العالية. وقال ماضي إن الأردن استطاع مواجهة تحديات اقتصادية كبيرة في السنوات الأخيرة دون الحصول على مساعدات من الدول العربية، وبالتالي فإنه بإمكانه تحمل تبعات التخلي عن المساعدات الأمريكية. وأضاف أن الأردن قد يواجه صعوبات كبيرة في البنية المالية والاقتصادية لكنه يمكن أن ينجح في إقامة تحالفات اقتصادية جديدة مع دول مثل السعودية وسوريا وتركيا.

رلى الحروب: خيارات المواجهة الأردنية

أمين عام حزب العمال الأردني، رلى الحروب، دعت الحكومة الأردنية إلى إقناع دول الخليج، خصوصا السعودية، بعدم الاستجابة لرغبة ترامب في استثمار ضخم في الولايات المتحدة ما لم يوافق الأخير على إعلان دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس، وأشارت إلى أن الدول العربية يجب أن تدعم فلسطين وتساهم في إعادة إعمار قطاع غزة، وأضافت الحروب أنه من الضروري أن تتبنى الحكومة الأردنية خطوات عملية تتضمن: 

  • سياسة انفتاح داخلي وخارجي تشمل توحيد الصف الداخلي وتخفيف التضييق الأمني.

  • التنسيق مع الاتحاد الأوروبي والدول الإسلامية الكبرى، مثل تركيا وإيران وباكستان.

نضال أبو زيد: نحن أمام مخطط أمريكي لتغيير شكل المنطقة 

الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد وصف تصريحات ترامب بأنها جزء من محاولة لتأطير مقترحاته في سياق إنساني، مع محاولة إعطاء قبول شعبي لتلك التصريحات في العالم العربي. وأشار أبو زيد إلى أن سياسة الإدارة الأمريكية في عهد ترامب تتجه نحو تغيير جيواستراتيجيات المنطقة، خصوصا بعد تنامي الضغوط على الأردن لتنفيذ السياسات الإسرائيلية. ولفت إلى أن هناك مؤشرات متزايدة على تنفيذ مخططات إسرائيلية تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية وغزة، وهو ما يضع الأردن أمام خيارات صعبة قد تؤثر بشكل كبير على الوضع الإقليمي والدولي في المستقبل.

 السيناتور الأمريكي بيرني ساندرز 

من داخل الولايات المتحدة، رفض السيناتور الأمريكي بيرني ساندرز تصريحات ترامب وجاء رفضه على شكل إدانة قوية، إذ وصف دعوة الرئيس الأمريكي لتهجير الفلسطينيين بأنها تمثل "تطهيرا عرقيا" وجريمة حرب. وأكد ساندرز أن من واجب كل أمريكي إدانة هذه الفكرة التي لا تتماشى مع قيم حقوق الإنسان التي تدعي الولايات المتحدة دعمها.

موقف مصر من تصريحات ترامب 

مصر التي كانت قد تعرضت لضغوط مشابهة لتوطين الفلسطينيين في أراضيها في وقت سابق، لم تتأخر في رفض هذا المقترح الأمريكي. وقد أكدت الحكومة المصرية موقفها الثابت في دعم حقوق الشعب الفلسطيني ورفض أي محاولات لتهجيره. كما تم التنبيه إلى أن مصر كانت قد نجحت في إدارة الأزمة بغزة ومنعت محاولة تهجير السكان إلى أراضيها، وهو ما يتماشى مع الموقف المصري الثابت في دعم حق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم.

موقف حركة حماس 

من جانبها، أكدت حركة حماس على لسان عضو مكتبها السياسي، حسام بدران، أن الشعب الفلسطيني لن يقبل بفكرة التهجير تحت أي ظرف من الظروف. بدران قال إن العودة إلى تجربة النكبة عام 1948 غير ممكن وإن الشعب الفلسطيني يتمسك بأرضه، مشيرا إلى أن أي دعوات لتهجير الفلسطينيين لا بد أن تواجه بإجماع وطني فلسطيني رافض لها. كما شدد على ضرورة وحدة الموقف الفلسطيني لمواجهة مثل هذه الضغوطات.

مواقف دولية ترفض تصريحات ترامب 

أبدت الأمم المتحدة ومعها العديد من الدول والمؤسسات الدولية رفضها القاطع لتصريحات ترامب، ووصفتها بأنها تهديد حقيقي للحقوق الفلسطينية. المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، أعلن رفض المنظمة لأي خطة تؤدي إلى تهجير قسري للفلسطينيين، محذرا من مخاطر تصعيد الأوضاع الإنسانية. كما أيدت دول عربية وإسلامية أخرى هذا الموقف، مؤكدة ضرورة دعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس.

موقف الشارع الأردني والمصري 

في الشارعين الأردني والمصري، لاقى حديث ترامب رفضا شعبيا واسعا، حيث عبر العديد من المواطنين في كلا البلدين عن غضبهم تجاه تصريحات الرئيس الأمريكي. فقد وصف كثيرون هذا الاقتراح بأنه انتهاك للحقوق الفلسطينية، كما يعكس محاولة لتصفية القضية الفلسطينية على حساب الدول الجارة. 

د. محمد أبو رمان يتحدث عن معنى تصريحات ترامب الأخيرة تجاه الأردن

دلالات
شخصيات ذكرت في هذا المقال
00:00:00