21 عاما على انتفاضة الأقصى وما أشبه اليوم بالأمس!

الصورة
صورة تعبيرية | انتفاضة الأقصى
صورة تعبيرية | انتفاضة الأقصى
المصدر
آخر تحديث

لم يتغير المشهد الذي تعيشه الأراضي الفلسطينية المحتلة اليوم عن الظروف التي كانت تعيشها في مثل هذه الفترة قبل 21 عاما مضت، حين اندلعت "انتفاضة الأقصى"، والتي جاءت بعد سبع سنوات على مصافحة وصفت بالتاريخية آنذاك بين الرئيسي الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ورئيس حكومة الاحتلال إسحاق رابين في البيت الأبيض، أسفرت عن توقيع اتفاقية التسوية "أوسلو" التي لم تحقق شيئا للفلسطينيين، حيث كانت الأوضاع الميدانية على الأرض وانتهاكات الاحتلال والاستيطان المتصاعدة تفوق ما كانت عليه سابقا.

الرئيس الأمريكي بيل كلينتون يتوسط عرفات ورابين وهما يتصافحان لأول مرة في 13 أيلول 1993- البيت الأبيض بعد توقيع اتفاقيات أوسلو

شرارة انتفاضة الأقصى

وفي مثل هذا اليوم  28 من أيلول/ سبتمبر من عام 2000، اندلعت شرارة "انتفاضة الأقصى" الفلسطينية الشعبية ردا على جرائم الاستيطان الإسرائيلية، ورفض حكومة أيهود براك آنذاك، تنفيذ بنود اتفاقيات السلام، وسيطرة قوى اليمين المتطرف على حكومته، وسماحه لسلفه أرئيل شارون اقتحام باحات المسجد الأقصى بحماية مئات الجنود المدججين بالسلاح، في خطوة ضمن سلسلة إجراءات تهدف إلى تهويد المسجد الأقصى.

أرييل شارون يقتحم الأقصى بحماية جنود الاحتلال 28 أيلول 2000

داخل المسجد اندلعت الاشتباكات وتصدى المقدسيون بأجسادهم لجنود الاحتلال الذين ردوا بالرصاص، وأوقعوا في صفوف المصلين عددا من الإصابات، لم يكترث وقتها الفلسطينيون لرصاص الاحتلال، وفي اليوم التالي للاقتحام، والذي صادف يوم الجمعة الموافق 29 من أيلول/ سبتمبر، عمّ الغضب الشديد المناطق الفلسطينية، واقتحم جنود الاحتلال باحات المسجد الأقصى وتصدى لهم المصلون خلال صلاة الجمعة، واندلعت اشتباكات عنيفة، أسفرت عن سقوط 6 شهداء في باحات الأقصى عدا عن مئات الجرحى، فتوسعت شرارة الغضب في كافة مناطق الضفة الغربية و غزة.

محمد الدرة أيقونة انتفاضة الأقصى

نزل الفلسطينيون إلى مناطق التماس مع الاحتلال واشتبكوا معه في مواجهات شعبية أظهر فيها الفلسطينيون صمودا منقطع النظير أمام آلة العدوان الإسرائيلية، فأسفرت الانتفاضة عن مئات الشهداء وآلاف الجرحى في أشهرها الأولى، وكان من أبرز وجوه انتفاضة الأقصى الطفل محمد الدرة، الذي قتلته رصاصات الاحتلال أمام كاميرات التلفزة العالمية وهو يحتمي خلف والده.

لقطة  من التلفزيون الفرنسي- الطفل محمد الدرة يحتمي خلف والده قبل إصابته برصاصة اسرائيلية في بطنه استشهد على إثرها  - قطاع غزة في 29 أيلول 2000 

حاول  جيش الاحتلال إرهاب الفلسطينيين، ومنعهم من الاستمرار في انتفاضتهم، فاستخدم طائراته المروحية العسكرية في إطلاق النار، وسرعان ما تطور الأمر حتى  استخدمت طائرات نفاثة في هجمات طالت مبان سكنية.

اندلعت الانتفاضة في ظروف سياسية معقدة، حيث توقفت مباحثات استضافتها إدارة الرئيس الأمريكي آنذاك بيل كلنتون، بين فريقين فلسطيني وإسرائيلي، الأول برئاسة عرفات، والثاني برئاسة باراك، في منتجع كامب ديفيد، وعلى مدار عدة أيام، دون أن تسفر عن أي نتائج،  وذلك بسبب تعنت الاحتلال منح الفلسطينيين حقوقهم في إقامة دولة فلسطينية  بينما رفض الفلسطينيون وقتها تقديم أي تنازلات في ملف الحدود وباقي ملفات الوضع النهائي.

اللجوء إلى الاغتيالات

لجأ الاحتلال خلال انتفاضة الأقصى إلى سياسة الاغتيالات المباشرة لقادة فلسطينيين كبار من كافة التنظيمات مستخدما الطائرات الحربية، اغتال من حركة فتح حسين عبيَّات وثابت ثابت ورائد الكرمي، وستة من حماس هم الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي وصلاح شحادة وإبراهيم المقادمة وإسماعيل أبو شنت وجمال منصور، و أمين عام الجبهة الشعبية أبو علي مصطفى.

 

كما وسع جيش الاحتلال من هجماته فاجتاح كافة مناطق الضفة الغربية، وفرض حصارا مشددا على الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، كما تعرّض مقره للقصف والاستهداف مرات عدة و استمر ذلك حتى لحظة خروجه للعلاج في فرنسا، حيث قضى هناك.

عرفات يتجه إلى فرنسا لتلقي العلاج 29 تشرين الأول 2004- رويترز

كما شهدت الانتفاضة مجازر  فظيعة بحق الفلسطينيين أبرزها مجزرة مخيم جنين وفي مدينة نابلس شمال الضفة، وباقي مناطق الضفة، كما حوصرت كنيسة المهد في مدينة بيت لحم، وقامت حكومة الاحتلال بتنفيذ مخطط إقامة جدار الفصل العنصري حول مدن وقرى الضفة، ملتهما الكثير من أراضي الفلسطينيين، كما شرعت بتوسيع المستوطنات، وبناء مستوطنات جديدة.

جدار الفصل العنصري - بيت لحم 

فردت الفصائل الفلسطينية على هجمات الاحتلال من خلال تشكيل أذرع مسلحة، نفذت هجمات في مناطق الضفة وغزة، وداخل المستوطنات، وأخرى في قلب المدن الفلسطينية المحتلة عام 48.

ما أشبه اليوم بالأمس!

وتعيش الأراضي الفلسطينية هذه الأيام، مشهدا متطابقا مع ظروف سنوات انتفاضة الأقصى، بل إن الأحداث الحالية تفوق تلك التي كانت سببا في اندلاعها، حيث باتت حكومات الاحتلال المتعاقبة تسابق الزمن في تنفيذ مخططات الاستيطان بشكل جنوني، خاصة مع إعلانها عن نيتها ضم 30% من مساحة الضفة الغربية، وسط حالة عربية رسمية متردية، ومسارعة بعض الدول إلى توقيع اتفاقيات تطبيع مع الاحتلال كالمغرب والبحرين والإمارات والسودان، معاهدات خذلت الشعب الفلسطيني وخيبت آماله.

إضافة إلى تزايد وتيرة الانتهاكات بحق المسجد الأقصى المبارك ومحاولة تهويده بشتى الوسائل، حيث شهدت وتيرة الاقتحامات منذ بداية الأسبوع الماضي تزايدا ملحوظا بمناسبة ما يسمى بعيد "العُرش اليهودي"، حيث أعلنت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة، أن أكثر من ألف مستوطن، يقتحمون يوميا المسجد الأقصى المبارك خلال الأيام الأخيرة بمناسبة عيد العُرش.

وبدأت شرطة الاحتلال السماح للمستوطنين باقتحام الأقصى عام 2003، اقتحامات يتصدى لها الفلسطينيون والمرابطون بالتكبير والتهليل وبصدورهم العارية، تأكيدا على حقهم كأصحاب شرعيين للمسجد الأقصى ومحاولة منهم لإفشال مخصصات الاحتلال بالسيطرة عليه.

 

عدا عن عمليات الإعدام الميدانية بحق الفلسطينيين والاعتداء والتضييق على الأسرى في سجون الاحتلال، واستمرار الحصار المفروض على قطاع غزة منذ ما يقرب من 16 عاما، وسط انغلاق أي أفق لحل سياسي مع تعنت الاحتلال ورفضه خيار الدولة الفلسطينية المستقلة، ما يطرح تساؤلات كثيرة، لعل أبرزها متى ستندلع شرارة الانتفاضة الثالثة؟!

شخصيات ذكرت في هذا المقال
00:00:00