محرر ومذيع أخبار
التونسيون يشعرون أن الثورة سرقت منهم في الذكرى العاشرة لانطلاقتها.
في الذكرى العاشرة للثورة التونسية التي توجت بإسقاط نظام زين العابدين بن علي " مهد ثورات الربيع العربي" ، يشعر التونسيون أن الثورة سرقت منهم وما تزال تعيش في منعطفات حادة .
خفتت شعلة "ثورة الياسمين" التي انطلقت في 17 من كانون الأول 2010 في سيدي بوزيد، احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية السيئة وتراجع الحريات آنذاك،والاوضاع الاقتصادية ما تزال تراوح مكانها ،لا بل أنها زاد سوءا،الامر الذي دفع التونسيون ليخرجوا مرة اخرى الى الشارع مطالبين بالاصلاح .
كانت تونس قد خرجت من «الثورة» بأقل الخسائر مقارنة بدول ما سمي بالربيع العربي، إلا أن الأمر بدأ يأخذ شكلاً آخر بعد انتخاب قيس سعيّد رئيساً لتونس في تشرين الأول 2019، الذي أعاد تذكير التونسيين بمطالب الثورة التي ضاعت في دهاليز الحكم، وتعهد بإحيائها وتنفيذها كلها، ووعد ببرنامج اقتصادي متين يخرج البلاد من كبوتها.
مراقبون وجدوا أن هذه الوعود،اصطدمت بصراعات هيمنت على الساحة السياسية، وتفاقمت عندما تم اختيار هشام المشيشي لقيادة حكومة "تكنوقراط "بعد استقالة حكومة إلياس الفخاخ، في منتصف العام الماضي، إذ ظهرت بوادر خلافات متأصلة بين رأسي السلطة التنفيذية في البلاد على الصلاحيات، وتوج هذا الخلاف بإعلان المشيشي تعديلاً وزارياً قال :" إنه يهدف إلى ضخ دماء جديدة في الحكومة"، إلا أن الرئيس سعيد رفضه مبررا بأن التعديل غير دستوري من ناحية إجرائية، الامر الذي وضع البلاد في مأزق سياسي قوض جهود التصدي لجائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية.
الفشل السياسي خلق حالة متنامية من التشاؤم الشعبي، وقاد إلى فشل دب في أوصال قطاعات الدولة جميعها، ما دفع قطاعاً من الشعب للخروج إلى الشوارع لتجديد مطالبهم بحياة كريمة محملين الطبقة السياسية كل مصائب البلاد، في ظل ارتفاع كبير بنسب البطالة وصلت إلى 18%، ودخول 11.5% في خانة الفقر، بينما مئات الآلاف من حملة الشهادات العليا لا يجدون وظيفة يسدون بها احتياجاتهم.، بحسب ارقام رسمية تونسية.
توسعت الاحتجاجات إلى 15 مدينة أخرى على الأقل، وضربت عرض الحائط بإجراءات الإغلاق لمكافحة فيروس «كورونا»، وما خلفه من انهيارات اقتصادية دفعت بصغار الشباب للخروج الى الشارع والاشتباك مع القوات الأمنية بل تعداه الى الاعتداء على المحال التجارية وسرقتها.
مراقبون اعتبروا أن المواجهات الليلية بين شباب، ومنهم أطفال ، وبين قوات الشرطة تعد "فوضى"، هدفها "التخريب" وتحد للقانون والسلطة بشكل "عشوائي"،حيث اتهم بعض المسؤولين السياسيين،"أحزابا لم يسموها بتدبير أعمال العنف وبدعم من دول خارجية " حسب قولهم بهدف زعزعة استقرار البلاد من خلال دفع بعض الحركات الشبابية التي يسيطر الغموض على أغلبها، ولا تعرف توجهاتها السياسية بالنزول الى الشوارع وخلق حالة من الفوضى تسهم في إضاعة البوصلة في البلاد .