شكلت معركة طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية صباح اليوم السبت، حالة من الشعور بنشوة النصر لدى الشعوب العربية والإسلامية؛ حيث
حراك تعزيز العلاقات الأردنية العربية مستمر والملك يزور الدوحة
لم تنحى عمان منحى عواصم أخرى تجاه قطر إبان الأزمة الخليجية فلم تقطع العلاقات تمامًا مع الدوحة بالقدر الذي فعله الآخرون "
يبذل الأردن مؤخرا جهودا دبلوماسية رفيعة يسعى من خلالها إعادة مياه علاقاته مع محيطه العربي إلى مجراها الطبيعي بعد أن تعرضت علاقة عمّان مع عواصم عربية لهزات عدة نتيجة اختلاف في وجهات النظر حول ملفات عربية مختلفة.
الملك يزور قطر
وفي سياق ذلك يجري الملك عبدالله الثاني اليوم الثلاثاء زيارة رسمية إلى العاصمة القطرية الدوحة يلتقي خلالها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وتأتي زيارة الملك لدولة قطر ضمن سلسلة زيارات أجراها مؤخرا لعواصم عربية في سبيل تعزيز العمل العربي المشترك.
وتشير زيارة الملك إلى الدوحة إلى تعزيز العلاقات بين البلدين بعد أن أدت الأزمة الخليجية إلى توتر العلاقات الطويلة الأمد بينهما.
سعى الملك سابقا مع أمير قطر إلى تعزيز التعاون الثنائي بين عمّان والدوحة وتنسيق المواقف وتحديدا في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية في أعقاب ما يسمى بصفقة القرن، حيث عزم الملك عبد الله على النأي بنفسه عن التحالفات الإقليمية التي تضعف المواقف العربية وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
دفء أردني تجاه قطر
وأبدت قطر حرصا على استعادة علاقاتها المتصدعة مع دول مختلفة بعد أن فرضت السعودية والإمارات والبحرين ومصر حصارًا على الدولة الخليجية الصغيرة في يونيو 2017 وقطعت العلاقات الدبلوماسية.
وبعد خفض علاقات عمّان مع الدوحة في بداية الأزمة الخليجية إلى جانب العديد من الدول العربية والأفريقية الأخرى تماشياً مع الموقف العدائي من قطر بدعوى معاقبتها على دعمها للإرهاب المزعوم. أظهر الأردن مؤخرا دفئا متزايدا تجاه قطر التي تربطها مع الأردن علاقات أخوية تعود إلى خمسينيات القرن الماضي، وعلاقات دبلوماسية منذ العام 1972 أي بعد تأسيس دولة قطر بعام واحد.
ولم تنح عمان منحى عواصم أخرى حيال الأزمة الخليجية فلم تقطع العلاقات تمامًا مع الدوحة بالقدر الذي فعله الآخرون.
حيث أجبرت أزمة الخليج العديد من الدول على الاختيار بين دعم موقف السعودية والإمارات أو مواجهة العقوبة - كما كان الحال عندما سحبت أبوظبي برامج مساعداتها للصومال بسبب علاقاتها مع تركيا وقطر.
كما ورد أن المملكة العربية السعودية عرضت على الصومال 80 مليون دولار لقطع العلاقات مع الدوحة وهددت بسحب المساعدة إذا رفضت ذلك.
كانت أكبر شكوى للسعودية والإمارات هي علاقات الدوحة مع إيران و "دعمها" المزعوم للإرهاب واتهم كلاهما قطر بدعم جماعة الإخوان المسلمين التي يعتبرونها منظمة إرهابية.
ومع ذلك لا تشارك عمان الرياض وأبو ظبي مخاوفهما، حيث أن النظام لا يتعامل مع جماعة الإخوان المسلمين كما تتعامل السعودية والإمارات، في غضون ذلك تمكنت عمان من الحفاظ على العلاقات نوعا ما مع إيران، وحتى مع تركيا - التي تعتبرها السعودية والإمارات أيضا منافسا إقليميا.
مواقف الأردن تشير إلى عزم الملك على اتباع مسار سياسة خارجية مستقلة تعطي الأولوية لمصالح المملكة، وكان الملك قد اختار عدم الانحياز إلى جانب في الخلاف بين دول الخليج وتمكن من الحفاظ على علاقات جيدة مع الجانبين.
حرص أردني على إعادة العلاقات الاقتصادية مع قطر
كما كانت عمان حريصة على إعادة العلاقات الاقتصادية مع الدوحة، لا سيما أن أزمة الخليج أثرت سلبا على الاقتصاد الأردني، وقد انخفضت الصادرات الأردنية إلى قطر بنسبة 75 في المئة، وذلك بسبب منع السعودية مرور عبور الصادرات إلى قطر من الأردن عبر أراضيها.
وبحسب مراقبين فقد أخرت السعودية تعهداتها بالمساعدة والاستثمار في الأردن، كوسيلة ضغط على عمان لدفعها لمراجعة بوصلتها المتجهة نحو الدوحة بعد أن وعدت الأخيرة بحزم مساعدات مالية كبيرة، بما في ذلك تعهد بمبلغ 500 مليون دولار في حزيران /يونيو 2018.
وكان هدف عمان المتمثل في نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5 في% العام الماضي قد وصل إلى 2.2 في% فقط.
علاوة على ذلك. يشكل الموظفون الأردنيون أكبر مجتمع للمغتربين في قطر يبلغ حوالي 60 ألف عامل وقد فتحت الدوحة أبوابها أمام المهنيين الأردنيين.
وقال سفير قطر في الأردن الشيخ سعود بن ناصر آل ثاني في 20 شباط الماضي إنه يتوقع أن ينمو هذا الرقم بسرعة مع توقع المزيد من تخصيص الوظائف، وبالتالي فإن إعادة العلاقات تمنح الأردنيين العاطلين عن العمل فرصة أكبر للبحث عن عمل في الدوحة.
أمير قطر في زيارة تاريخية للأردن
وفي شباط/2020 أجرى أمير قطر زيارة للأردن، وصفها مراقبون أردنيون بأنها تاريخية. وقال الديوان الملكي الأردني في بيان إن الملك عبد الله وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عقدا محادثات تركزت على العلاقات العميقة الأخوية بين البلدين، والحرص على تعزيزها في جميع القطاعات، وخاصة المجالات الاقتصادية والمتعلقة بالاستثمار.
كما تناولت المباحثات التطورات الإقليمية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وضرورة دعم الفلسطينيين في سعيهم لحقوقهم العادلة والمشروعة في إقامة دولتهم المستقلة والقابلة للحياة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، على أساس حل الدولتين، والقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
كانت هذه أول زيارة لأمير قطر منذ أن أعاد البلدان السفراء في يوليو 2019، بعد خفض العلاقات الدبلوماسية لمدة عامين إثر الأزمة الخليجية.
بالنسبة للقطريين، تعتبر زيارة عمان مؤشرا على أن الحصار الاقتصادي الذي فرضه جيرانها على مدى ثلاث سنوات لم يؤثر على وجودها الإقليمي، وكما يحرص الملك يحرص أمير قطر على التأكيد على استقلاليته عندما يتعلق الأمر بإدارة السياسة الخارجية.
وخلال الزيارة أعلن أمير قطر عن حزمة استثمارات وتمويل مشاريع الطاقة الشمسية كما قال إنه سيتم توفير 10 آلاف فرصة عمل إضافية للأردنيين في قطر كما تبرع بمبلغ 30 مليون دولار لدعم صندوق للمتقاعدين العسكريين وقال الأمير في تغريدة عشية زيارته إن البلدين سيعملان على زيادة التعاون في مجالات الاستثمار والرياضة والطاقة وتبادل الخبرات.
بينما يدرس 3 آلاف طالب قطري في الجامعات الأردنية، بحسب أرقام صادرة عن السفارة القطرية كما تقدر الاستثمارات القطرية في الأردن بنحو 1.2 مليار دولار، بينما تعمل في الدولة الخليجية حوالي 1700 شركة أردنية قطرية مشتركة.
تركزت معظم الاستثمارات القطرية في الأردن في السنوات الأخيرة على قطاع الطاقة المتجددة، وأهمها مشروع محطة شمس معان للطاقة الشمسية، بتكلفة تقدر بـ 170 مليون.
قطر داعمة لموقف الأردن تجاه القضية الفلسطينية
وفي الوقت الذي هددت فيه خطة السلام الأمريكية عمان استراتيجياً بتركها الباب مفتوحاً أمام احتمال ضم سلطات الاحتلال الإسرائيلي لغور الأردن في الضفة الغربية المحتلة. كان من شأن الحصول على دعم من قطر أن يمنح الأردن دفعة دبلوماسية أقوى ضد الضم. خاصة وأن الرياض وأبو ظبي عرضتا دعما محدودا في هذا الصدد.
ورغم إدانة جامعة الدول العربية لصفقة القرن إلا أنه لا تزال هناك خلافات في نهج كل دولة تجاه الاتفاقية.
لكن للأردن علاقة فريدة بالقضية الفلسطينية، حيث يوجد فيه حوالي مليوني لاجئ وهو صاحب الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس و خصوصا المسجد الأقصى المبارك، وتأمل عمان أن تقدم قطر الدعم الدبلوماسي الأساسي في هذا السياق.
تقوم قطر بدور أكثر فاعلية في القضية الفلسطينية، حيث تقدم المساعدة والاستقرار للتخفيف من الكارثة الإنسانية الشديدة في غزة، مع الاستمرار في التوسط بين حماس في غزة والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.
الأمر الذي أكده مرارا وزير الخارجية أيمن الصفدي في إطار مواصلة التنسيق مع قطر لدعم الفلسطينيين لإيجاد أفق سياسي وتحسين الاقتصاد ودعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وتنسيق جهود التعاون بحل الأزمة السورية ودعم العراق والتطورات في أفغانستان.