التدخين تحد صحي يستدعي التصدي الفوري والشامل

الصورة

الأردن يحتل المركز الثاني في انتشار السرطان بين الذكور في العالم

المصدر
آخر تحديث

في ظل الزيادة الملحوظة في معدلات التدخين وآثاره الضارة على الصحة، تبرز ضرورة ملحة لمكافحة هذه العادة الضارة وحماية صحة المواطنين. وتأتي هذه الدعوات في أعقاب تصريحات للملك عبد الله الثاني أمس، والتي شدد فيها على أهمية التصدي لهذه الظاهرة المدمرة. 

حيث اعتبر الملك في لقائه مع الحكومة في قصر الحسينية، الإثنين، أن مواجهة خطر التدخين أولوية فالوضع الحالي "ليس مقبولا" على حد قوله، مشيرا إلى أهمية تطبيق قانون الصحة العامة في محاربة التدخين خاصة بين الشباب.

الملك: صحة أبنائنا فوق كل اعتبار.

ودعا الملك إلى تشديد الرقابة في الأماكن العامة لمكافحة التدخين، مؤكدا أن صحة الأردنيين يجب أن تكون فوق كل اعتبار. ولفت الملك إلى ضرورة تعزيز رسائل التوعية من مخاطر التدخين، حاثا الحكومة على تحديث البيانات والأرقام للوقوف على واقع الحال المرتبط بالتدخين.

الصورة
الصورة

آلية لتفعيل قانون الصحة العامة في مكافحة التدخين

بدوره، أكد وزير الصحة فراس الهواري لـ حسنى الثلاثاء، أن مكافحة التدخين ليست مسؤولية جهة بعينها، إنما هي مسؤولية جماعية وتقتضي تكاتف الجميع في محاربتها.

ولفت الهواري إلى العمل على وضع استراتيجية وآلية واضحة لتطبيق قانون الصحة العامة بالشراكة مع كافة الجهات، وأبرزها وزارة الداخلية من خلال فرض الرقابة على الأماكن العامة ومنع التدخين فيها، مبينا أن الهدف من تطبيق القانون هو الحفاظ على صحة المواطنين. وأضح أن التدخين السلبي الذي يتعرض له غير المدخنين يرفع من احتمالية الإصابة بأمراض السرطان والقلب من 25 إلى 30%.

وبين وزير الصحة بأن الطفل يأخذ عشرين ضعف المادة السامة عن الشخص الكبير، وذلك بسبب صغر حجمه، وأن من كل 4 سجائر تدخن في محيطه هو يدخن واحدة. وقال الهواري إن الأردن احتل المرتبة الأولى عالميا بعدد السجائر التي يدخنها الفرد الواحد.

أمانة عمان: تطبيق القانون في مكافحة التدخين لازال ضعيفا 

بدورها، قالت نائب مدير المدينة للشؤون الصحية في أمانة عمان د.ميرفت مهيرات، إن أمانة عمان بدأت بمكافحة التدخين منذ عام 2013 من خلال منع ترخيص الأماكن التي تقدم الأرجيل، مشددة القول إن الأمانة لم تصدر تصاريح لتقديم الأرجيلة في الأماكن العامة منذ العام 2013، إلا أن بعض الجهات أصدرت تصاريح وبطريقة مخالفة لكن الأمر تم وضع حد له منذ العام 2016. ولم تصدر تصاريح تقديم الأرجيلة في المطاعم أو المقاهي أو الحدائق.

وأضافت مهيرات أن أمانة عمان انضمت إلى شراكة المدن الصحية الهادفة لبناء مجتمعات صحية، وذلك من خلال خظة تهدف إلى التخفيف من الأمراض غير السارية والإصابات بحلول عام 2018 والتي أطلقتها منظمة بلومبرغ الخيرية. واستدركت مهيرات بالقول إن منظمة بلومبرغ انتقدت عدم وجود سياسات أو آليات واضحة لدى أمانة عمان لمكافحة التدخين حينها.

وبينت نائب مدير المدينة للشؤون الصحية في أمانة عمان، أنه ومنذ ذلك الوقت تم وضع سياسات خاصة لمكافحة التدخين، كما أنه تم وضع دليل تفتيش للمفتشين، كما تمت تفاهمات مع وزارة الصحة لتفويض الصلاحيات، وتم تطبيق المخالفات على أرض الواقع.

وأوضحت مهيرات أن الأماكن العامة التي تملك أمانة عمان صلاحية التفتيش والمخالفة فيها على التدخين بموجب قانون الصحة العامة؛ تقتصر فقط على المطاعم الشعبية والمولات والأمكان العامة كالحدائق، مبينة أن المستشفيات الخاصة و الحكومية والمدارس والمطاعم السياحية ليست من اختصاص الأمانة.

ويحمل مراقبوا الأمانة والمفتشون صفة الضابة العدلية بموجب قانون أمانة عمان، كما أنهم يحملون تفويضا من وزارة الصحة بمخالفة من يضبط وهو يدخن في الأماكن العامة.

وكشفت مهيرات أن 70% من موظفي الأمانة هم من المدخنين، وذلك بحسب دراسة أجرتها الأمانة شملت جميع الموظفين لديها وعددهم 24 ألف موظف. الأمر الذي استدعى تخصيص عيادة لمكافحة التدخين تعنى بموظفي الأمانة ومساعدتهم على الإقلاع عن التدخين، حيث أنها ساعدت 55 موظفا ليتمكنوا من تحقيق ذلك.

وأضافت مهيرات أن الأمانة أطلقت عيادة مكافحة تدخين متنقلة لتجوب الحدائق والمتنزهات لمساعدة المواطنين أيضا في الإقلاع عنه. لكن مهيرات أقرّت بأن تطبيق القانون لازال ضعيفا وبحاجة لللتفعيل بشكل جاد.

الأردن يحتل المركز الثاني في انتشار السرطان بين الذكور في العالم

 تجاوز عدد المقاهي المرخصة داخل أمانة عمان الكبرى 2938 منشأة.كما شهد عدد المدخنين، بما في ذلك مستخدمي السجائر والشيشة، ارتفاعًا كبيرًا معظمهم بين الذكور. حيث وصل معدل الانتشار بين الذكور إلى نسبة مثيرة للقلق بلغت 45% ضمن الفئة العمرية 15-49 عامًا، بمتوسط ​​يزيد عن 25 سيجارة يوميًا. أما بين الإناث في نفس الفئة العمرية، فتبلغ هذه النسبة 12%. ومن الجدير بالذكر أن الاتجاه المثير للقلق للتدخين يمتد إلى الأطفال دون سن 15 عامًا. كما بين المسح أن المعدلات أعلى في الفئة العمرية 15-19 سنة، حيث تبلغ 17.2% بين الذكور و5.4% بين الإناث.

وفي المتوسط، تنفق الأسر ما يقارب 540 ديناراً أردنياً سنوياً على التبغ أو السجائر، بحسب البيانات المستخرجة من مسح دخل وإنفاق الأسرة لعام 2017-2018.

وفي ما يتعلق بواردات الأردن من التبغ لعام 2021، فقد بلغت الكمية الإجمالية للتبغ المستورد وبدائله 11,375,461.30 كيلوغرام، بقيمة إجمالية بلغت 48,684,847 مليون دينار أردني. في المقابل، يبلغ عدد مرافق تصنيع منتجات التبغ في الأردن 29 منشأة.

لا يزال التدخين أهم عامل خطر للإصابة بسرطان الرئة، حيث يحتل المرتبة الأولى كسبب رئيسي للوفيات المرتبطة بالسرطان على مستوى العالم، بين الذكور والإناث على حد سواء. وفي الأردن، يحتل المركز الثاني من حيث انتشار السرطان بين الذكور، إذ يشكل 11% من مجمل حالات السرطان. والجدير بالذكر أن أورام الرئة كانت السبب الرئيسي لوفيات الذكور المرتبطة بالسرطان، حيث بلغت 22.4%، بحسب تقرير منظمة الصحة العالمية.

التدخين سبب مباشر للأمراض القلبية والوعائية

ورغم الجهود العديدة التي يبذلها الأردن في مكافحة التدخين، إذ يعد من الدول السبّاقة في التوقيع على الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ في عام 2004 والتي بموجبها ضم قانون الصحة العامة رقم (47) لسنة 2008 وتعديلاته الفصل 12 والخاص بوقاية الصحة العامة من أضرار التدخين؛ إلا أن منظمة الصحة العالمية أكدت في تقرير لها عام 2022 على أن التدخين يعد أحد عوامل "الاختطار الرئيسة" للأمراض غير السارية في الأردن، لافتة إلى أن الأردن ضمن قائمة الدول التي توجد بها أعلى معدلات لانتشار التدخين بين الذكور في العالم.

وأشارت المنظمة في تقريرها إلى أنه ووفقا للمسح الوطني التدريجي لعام 2019 الذي أجرته وزارة الصحة الأردنية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، فإن 66.1 % من الذكور الأردنيين يدخنون منتجات التبغ، إضافة إلى 16.4 % يستخدمون السجائر الإلكترونية.

وقالت المنظمة في تصريحات صحفية، إن النيكوتين الموجود في التبغ يسبب إدماناً شديداً، ويشكل تعاطيه عامل خطر رئيس للأمراض القلبية الوعائية وأمراض الجهاز التنفسي وأكثر من 20 نوعاً مختلفاً أو فرعياً من السرطان. إلى جانب ذلك، يعد التدخين أحد العوامل الرئيسية وراء تفاقم مشكلات صحية أخرى، مما يعرض حياة المدخنين وغير المدخنين على حد سواء للخطر.

من هذا المنطلق، دعت الجهات المختصة إلى ضرورة اتخاذ إجراءات جادة وشاملة لمكافحة التدخين، تشمل التوعية بمخاطر التدخين، وفرض رسوم عالية على منتجات التبغ، وتعزيز القوانين التي تحد من توزيع وترويج هذه المنتجات، ومنعها في الأمكان والمرافق العامة.

إحصائيات متعلقة بالتدخين في الأردن

كشفت نتائج المسح الوطني لعوامل خطر الإصابة بالأمراض غير المعدية لعام 2019، وهو مبادرة مشتركة بين وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية، ما يلي:

  • بلغ معدل انتشار تعاطي التبغ بين الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و69 سنة 41%. 
  • يمثل المستخدمون الحاليون لمنتجات التبغ التقليدية، مثل السجائر المصنعة والملفوفة يدويًا، والشيشة، والأرجيلة، والسيجار، والتبغ غير المدخن، 65.3% من الذكور و16.4% من الإناث. 
  •  يشكل مستخدمو المنتجات الحديثة (السجائر الإلكترونية وأجهزة الفيب) 9.2% من السكان.

وكان هذا التفاوت واضحا بشكل خاص بين الفئة العمرية الأصغر سنا لكلا الجنسين.

  • من بين المستخدمين الحاليين لمنتجات التبغ التقليدية، أبلغ 34.6% عن تعاطيها يوميًا، بينما استخدمها 6.7% من حين لآخر.
  •  متوسط ​​مدة تعاطي التبغ بين المدخنين الحاليين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و69 عامًا هو 17 عامًا. وارتفع هذا الرقم إلى 35 سنة بين الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 45-69 سنة.

ويؤكد التقرير الحاجة الملحة إلى استراتيجيات شاملة لمكافحة ارتفاع معدلات التدخين، وما يرتبط بذلك من انتشار الأمراض المرتبطة بالتبغ، وضرورة تعزيز الوعي العام بشأن مخاطر التدخين.

وللاطلاع على المسح الوطني التدرجي STEPs لرصد عوامل الخطورة المرتبطة باألمراض غير السارية لعام 2029 من خلال النقر هنا

00:00:00