شيخ عشائر العيسى في الأردن، عضو مجلس الأعيان السابق
تحويل النخب الوطنية إلى نخب ساخطة مسؤولية من ؟
أصيب وطننا الحبيب بداء عضال تسبب به بعض المسؤولين وبطبقات مختلفة وتمثل هذا الداءُ باستحداث مصنع لتحويل النخب الوطنية إلى نخب ساخطة لا يعجبها نهج إدارة الدولة حتى وإن كانت هي جزء منه في وقت من الأوقات.
وهذه المعضلة تتطلب من أهل الشأن الوقوف مليا، ومراجعة الأمر برؤية وطنية صادقة بعيدة كل البعد عن الهوى الشخصي أو تصفية الحسابات، وأكثر المسؤولين مسؤولية بهذا الجانب هم جماعة الدولة العميقة الذين لم يسمح لهم الدخول للمشهد السياسي إلا للون واحد فقط تحت ذريعة الإخلاص للنظام السياسي والحفاظ على أمن الوطن مما دفع الكثير من الشخصيات الوطني ذات الكفاءة العالية والمخلصة للنظام وللوطن بالاعتزال أو المناكفة لأن أدائهم السياسي قائم على قاعدة احترام الرأي والرأي الآخر وليس على القاعدة الفرعونية والمتمثلة ( لا أريكم إلا ما أرى) والقاعدة الفرعونية هذه للأسف مستخدمة عند أفراد الدولة العميقة الذين أمعنوا في زيادة الشق بين القيادة والشعب.
ونحن في هذا الصدد أيضاً لا بد أن نعرج على مفهوم الحواضن السياسية والذي اعتراه الوهن في دول العالم الثالث ونحن منها، ففي الدول المحترمة تتعدد الحواضن السياسية وأخر أنواعها : حاضنة السلطة.
حاضنة السلطة
وفي دول العالم الراقي لا تكون حاضنة السلطة محط اهتمام لأصحاب الفكر المتقدم لأن لديهم حواضن أخرى تتمثل في مراكز الدراسات والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني المتعددة ، أما في دولنا فلم يسمح لأي حواضن سياسية لأن تأخذ مكانتها، ومنها حاضنة السلطة التي كانت كافية في زمن سابق لاستيعاب النخب السياسية والفكرية في متلازمتين مهمتين أولاهما مرونة النظام السياسي، وثانيهما الأعداد المتواضعة في الأشخاص المطلوب استيعابهم، ولكن عندما تطور التعليم وأصبح العالم قرية صغيرة في توفر المعلومات وبدأت تُضيق الدولة العميقة مساحة استيعاب النظام السياسي للرأي الآخر والتضييق على الحواضن الأخرى التي قد تسهم في تخفيف العبء على حاضنة السلطة، أصبحت شروط الدخول لحاضنة السلطة لا ترتقي أحياناً لمستوى الفكر الحر والمتقدم والتسحيج السخيف للأسف أصبح هو مفتاح هذه الحاضنة وليس الفكر الناضج المستند للبرامجية والحلول الإبداعية للتحديات السياسية والاقتصادية.
لكل ذلك أصبحت صناعة النخب الوطنية الساخطة ماركة مسجلة لوطني يقف خلفها فكر ضيق لمسؤولين جاءت بهم الصدفة لموقع المسؤولية ومما كرس هذه الفكرة الخطيرة في وطني هو غياب العدالة وتكافؤ الفرص ومصادرة الرأي الآخر، وهذه كلها مجتمعة عندما تصبح في وطن ما تشكل ظاهرة عندها يتطلب فوراً تدخل العقلاء والغيورين على أوطانهم ودق الجرس وخاصة عندنا في الأردن نملك نظاما سياسيا لا يختلف عليه الكثير من أبناء الشعب ولكننا نختلف على النهج الذي أحياناً لا يصب في مصلحة الوطن والنظام.
المراجعة الوطنية أصبحت ضرورية جداً وبعيداً عن المصالح الشخصية الضيقة وإن كان هذا الطرح له فاتورة عالية عند أصحاب الفكر الضيق والصبياني عند بعض المسؤولين إلا أن الوطن وثوابته تستحق منا التضحية.
والله من وراء القصد.