إمكانية الإصلاح من الداخل؟

الصورة
المصدر

علينا أن ندرك أن تيار الحرس القديم  داخل جسم النظام لا يريد تقديم أي إصلاحات سياسية،  ويرى أن تكلفة بقاء الحال على ما هو عليه أخف بكثير من كلفة الإصلاح من وجهة نظره ، هذا التيار يرى في الإصلاح خطر حقيقي يتهدد نفوذه ومصالحه ومكاسبه، لذلك فهو يعمد إلى تعطيل أي عملية إصلاحية ويضع العصا في دواليب أي محاولة للإصلاح حتى لو عمد إلى التشكيك والمزاودة على أي محاولة للإصلاح كما يفعل بعض الحرس القديم الفاسد الحردان حاليا ، هذا التيار عمد إلى محاولة تفجير لجنة تحديث المنظومة السياسية من الداخل فحماها الملك من هجومهم ، حاول تخفيف وتبهيت مخرجات اللجنة فحقق نجاحا في بعض المخرجات ، هذا التيار يقوم بمهمة خطيرة جدا وهو إدخال اليأس الناس من أي محاولة للإصلاح من خلال الإفشال والعبث بأي مظهر من مظاهر الإصلاح السياسي ، ولا يلتفت لأي  انفجارات مجتمعية يمكن أن تحدث  في الشارع الأردني  ، فهذا التيار، فإن الإصلاح بالنسبة له مسألة حياة أو موت ومسألة وجود أو عدم وجود .

التيار المعارض للإصلاح

وهناك تيار معارض يؤمن أن الإصلاح يمكن أن يكون بالضربة القاضية، وأن الإصلاح يمكن أن يكون بكبسة الزر، هذا التيار لا يؤمن بأنصاف الحلول فهو يريد كل شيء والانتقال إلى مربع الديمقراطيات الكاملة والحديثة وهو مطلب محق ومشروع لكنه لا يقبل فكرة التدرج ويرى الدنيا أبيض وأسود مع أن ألوان الطبيعة الأساسية سبعة ألوان، هذا التيار هو أقرب إلى المؤمنين بالثورة لكنه لا يعلنها، أقرب إلى المطالبة بإسقاط النظام لكنه لا يفصح عن مطالبه.

تيار الحرس القديم

لدينا مشكلة في الأردن أن تيار الحرس القديم لا يريد أن يقدم شيئا  لكنه يملك كل خيوط اللعبة وكل عناصر القوة، ولدينا تيار يرفض كل شيء مقدم ويريد كل شيء لكنه مجرد من أي قوة ولا يملك أي عنصر من عناصر الضغط.

في ظل هذا المشهد يقف التيار الثالث الذي يمكن أن يكون موجود في جسم النظام وموجود في الجسم المعارض والجسم الشعبي  ، هذا التيار يحاربه  كلا الطرفين الحرس القديم والمعارضة التي تؤمن بالحلول الصفرية على قاعدة  نحن وهم ، التيار الثالث يؤمن بإصلاح النظام من الداخل ولديه المبررات للإيمان بهذا الخط والمضي فيه  ، فهو يؤمن أن النظام الأردني نظام تاريخه غير دموي ويمكن التفاهم معه، وأن هناك جهات ومفاصل مهمة في جسم النظام تريد الإصلاح لذات الإصلاح  ويجب دعمها ، وأن إصلاح النظام من الداخل يمكن أن يوفر على الأردن الكثير من الدماء والإمكانيات والأوقات  فهو مسار طويل لكنه الأكثر أمانا وجدوى والأقل تكلفة، التيار الثالث ينادي بالمصالحات والتوافقات والالتقاء على الحلول الوسط والقبول بفكرة التدرج ، والبحث عن حلول واقعية مؤقتة وفقا لقاعدة خذ المتاح وطالب بالمأمول

 التيار الثالث بكل تأكيد لا يعارض استخدام الشارع في التغيير لكنه يؤمن بأن الشارع يجب أن يبقى وسيلة ولا يتحول إلى بطولة وهدف، كما يجب ضمان القدرة على تحريكه، والشارع يجب أيضا ضمان القدرة على ضبطه من الانفلات، والأهم من كل ذلك الذهاب إلى الشارع ببرنامج إصلاح واضح المعالم ومبصر ومحدد يمكن أن يكون مقبول في المعادلة الداخلية والخارجية للأردن يساعد في تسريع خط التيار الثالث ويسرع من مهمته

التيار الثالث يؤمن أن الأردن ومستقبله يجب ألا يبقى رهينة بين اتجاهين كل منهم يقف على الطرف النقيض، وأن التوافقات وأنصاف الحلول هو المخرج الآمن والواقعي الذي يمكن الركون إليه.

دعوة إلى صناع القرار

دعوة إلى صناع القرار العقلاء ودعوة إلى المعارضات الواقعية الراشدة، أن تستمعوا جميعا لصوت العقل وينبذوا الحرس القديم المتوحش الإقصائي وتنبذ المعارضة الخطاب الشعبوي الرخيص، قبل أن نكون أمام ساعة ولات حين مندم، الظرف الداخلي والظرف الخارجي والتجارب التي حدثت في الربيع العربي تقول لنا وتنادينا جميعا الإصلاح ضرورة لا مفر منها لكن يجب أن نعتبر جميعا من بشاعة وكآبة التجارب العربية السابقة جميعها ونختط لأنفسنا طريق جديد نكون فيه التجربة الراشدة التي يشار لها بالبنان في محيط يمور بالفوضى  

 

 

الأكثر قراءة
00:00:00