الانتقال من الحكومة إلى الإدارة الحكومية ضرورة وطنية

الصورة
آخر تحديث

انفقت الدولة الأردنية مئات الملايين على تدريب وتطوير وإيفاد الكوادر البشرية، و أسست معهداً للإدارة العامة لديه القدرة على المساهمة في صقل المهارات الإدارية لدى الموظفين، و رغم كل ما نشتكي منه من تكلس إداري في مؤسساتنا العامة، إلا أن هناك كفاءات موجودة في مختلف المؤسسات العامة لكننا للأسف لا نُحسن الاستفادة منها.

من الأخطاء المتراكمة التي وقعت بها الحكومات المتعاقبة عدم وجود سجل للموارد البشرية وتخصصاتها في مؤسسات الدولة، وخاصة أن بلدنا يزخر بالعشرات لا بل بالمئات من الكفاءات التي درست إدارة الأزمات والاقتصاد الصحي والإدارة الصحية، وكنا نحتاجها خلال الجائحة الأخيرة، ولكن لم تستفد الدولة من خبراتهم وآرائهم لأن القائمين على الإدارة لا يعرفون بوجود هذه التخصصات رغم أن الدولة هي من أوفدتهم للتخصص والتدريب في هذه الاختصاصات وعلى نفقتها.

لا تستطيع الحكومات بشكلها الحالي ومهما كانت طريقة تشكيلها ، أن تقوم بإدارة المشهد بكفاءة، فشخص الوزير وحده، لن يستطيع مع توسع الاختصاصات والواجبات أن يقوم بتغطية كل شيء بكفاءة، إذ تتعدد مسؤولياته وواجباته ، كحضور جلسات مجلس الأمّة بشقيّه والمتابعة مع اللجان البرلمانية، وحضور جلسات مجلس الوزراء،ومتابعة وتوقيع  البريد الخاص بالوزارة،وإجراء اللقاءات العامة والنشاطات، وتكون التضحية دائماً على حساب الجولات التفقدية وبرامج التطوير والرقابة.

وفي ظل هذا الواقع الإداري ، فإن التحول من الحكومة إلى الإدارة الحكومية جزء رئيسي من الحل، وتطبيقه لن يكلّف خزينة الدولة أي مبالغ إضافية، ولا مواقع وألقاب بروتوكولية جديدة،فالإدارة الحكومية تكون بأن يأتي كل وزير وحسب الحاجة الفنية والإدارية بطاقم متخصص معه يتم انتدابه من المؤسسات الحكومية، بحيث يبقى راتبه من مؤسسته الأم ويؤدي مهمته الجديدة ويعود بعدها لموقعه الأصيل بعد انتهاء التكليف في العمل مع الوزير. هذا الطاقم الذي سيعمل مع الوزير على إدارة وتسيير عمل الوزارة سيكون معنياً بالتخصصات التي تحتاجها الوزارة ولا يمتلك الوزير بحكم المهام تغطيتها.

وعلى سبيل المثال ، ما الذي يمنع أن يكون مع وزير الزراعة فريق من الفنيين والإداريين ومن مختلف التخصصات (مهندس زراعي وانتاج نباتي و انتاج حيواني و الطب البيطري).

واعتقد أن مثل هذا الفريق يشكل نقلة نوعية في عمل وتخطيط الوزير، وحتما سينعكس تشكيله على الأداء العام، و بإمكاننا القياس على ذلك في العديد من الوزارات.

مجدداً، الإدارة الحكومية ضرورة، وليست تنفيعاً لأحد ولا تشكل تكلفة إضافية على الدولة، لأنها قائمة على انتداب الموظفين من مكان عملهم الأصيل أو تكليفهم بالعمل الجديد مع بقاء رواتبهم من المؤسسة الأم. 

ممكن أن يخرج البعض ممن يقولون أن التعليمات قد لا تسمح! الجواب هو لماذا لا نجعلها تسمح ونستفيد من مخزون الموارد البشرية الذي استثمرت به الدولة على مدار عشرات الأعوام؟

 

الأكثر قراءة
00:00:00