خبير هندسة المياه، ناشط سياسي
عندما لا يجرؤ أصحاب القرار على اتخاذه!
لقد تعودنا في بلاد العرب والمسلمين، وعلى مدار عقود طويله، على أن أصحاب القرار -أي الحكام- ليسوا أصحاب قرار في الصراع الدولي خاصه عندما يتعلق الأمر بالصراع مع المحتلين الصهاينه أو مع من يدعمهم من أمريكا أو الدول الأوروبية.
لذلك، لم يتوقع الناس من القمم أي إجراءات أو قرارات ذات قيمه أو وزن أو أن يكون فيها تهديد للمحتلين أو أن تمس بمصالحهم، وذلك على الرغم من الوحشيه والإجرام والمجازر والحصار من المحتلين الصهاينة، وعلى الرغم من الدعم غير المسبوق من هذه الدول للمحتلين والذي كان يستدعي على أقل تقدير دعما لأهل غزه وفلسطين من دول وحكام يدعون أنهم مسلمون وأنهم عرب من أول ايام الحرب. لكن كما عودونا في كل اجتماعاتهم وقممهم، فهم انعكاس لواقع مرير من الفرقه والاختلاف وعدم الجرأة في اتخاذ القرارات وتبعية مقيتة لأمريكا والغرب.
ازدواجية المعايير الغربية
وليسوا وحدهم لا يملكون قرارا، فالأمم المتحده وكل المنظمات المنبثقه عنها التى أوجعت رؤوسنا في الترويج للسلم العالمي والقانون الدولي لم تفعل شيئا لوقف المجازر، كما أنها على مدار عقود لم تحرك ساكنا ضد جرائم الصهاينة ولم تطبق قرارا واحدا من مئات القرارات التي تم اتخاذها لأنها مرتهنة للدول الفاعلة.
من جهة أخرى، فإن أصحاب القرار كأمريكا والاتحاد الأوروبي وكل منظماته ممن ادعوا حرصهم على حقوق الإنسان وحريه التعبير، وقاموا بتمويل برامج مساعدات بالملايين في بلادنا لنشر هذه الأفكار، تخلوا عن ذلك كله عندما تعلق الأمر بقتل صهاينة محتلين مجرمين. فلم يقفوا على أقل تقدير على الحياد، بل ساندوا المجرمين المحتلين وطالبوهم بعدم وقف الحرب حتى يتم قتل المزيد من الأطفال والنساء وتدمير البلاد والعباد على أرض فلسطين، بحجه تدمير قدرات كل من يقف في وجه الاحتلال.
وفي ظل ذلك كله، نعيش نحن في عالم يقع بين فريقين، الأول يضم مسؤولين لا يجرؤون على اتخاه لأنهم "أتباع" وليسوا "أصحاب قرار"، كحال الحكام العرب والمسلمين والأمم المتحده، فهم قادرون على اتخاذ قرارات كأمريكا والغرب، إلا أن قراراتهم دائما ما تكون إلى جانب المجرمين.
دور الشعوب في التأثير على أصحاب القرار
ومن هنا يأتي دور الشعوب، فقد رأينا مواقف لشعوب في بلاد العرب والمسلمين وفي كل أنحاء العالم، شعوبا غير عربية وغير مسلمة تخرج بأعداد كبيره تطالب حكوماتها بوقف الحرب ووقف المجازر، لكن للأسف فهذه الشعوب ليست صاحبة قرار، فلم يكن لجهودها تأثير على وقف الحرب، وذلك لأن الانظمه السياسية في العالم ليست منبثقة من الشعوب، كما هو الحال في بلاد العرب والمسلمين، وبالتالي فهي لا تعكس هموم الشعوب، فالدماء لا قيمة لها عندهم والمجازر لا تحرك عندهم ساكنا، فلا أحد سيحاسبهم على ذلك. من جهة أخرى، فإن هذه الأنظمة السياسية نتاج أحزاب اشتركت مصالحيا ونشأت وترعرعت على دعم اليهود أو الخوف منهم، فبقاء دولة "إسرائيل" قائم على عقيدة سياسية لديهم.
لذلك نحن من نعيش في بلاد العرب والمسلمين لا نملك إلا خيارين اثنين، إما أن نعيش كما نحن الآن في حسرة وقهر، نعد الشهداء ونبكي على الأطفال والنساء ونموت من غيظنا على المحتلين ونكتفي بأضعف الإيمان وعندها ننتظر مزيدا من ذلك، ليس فقط في فلسطين، أو أن ننفض حالة الركون والخور والضعف، ونواجه من ارتهنونا للغرب، محاولين إيجاد أنظمة سياسية لا تتبع الغرب في ادعاءاته. فنوجد دولا قائمة على العدل ورفع الظلم، يكون أصحاب القرار واقفين في وجه المحتلين والمجرمين.