سردية الحرس القديم واستثماره لخطاب المعارضة

الصورة
المصدر

دائما ما كانت رواية الحرس القديم في مواجهة الإصلاح السياسي تقوم على فكرة أن الشعب يتظاهر من أجل الرغيف ولقمة العيش، وليس من أجل الإصلاح السياسي، وأن المخرج من الأزمة الأردنية هو في تعزيز المساعدات العربية والدولية وجذب الاستثمار ، وأن الحالة السياسية القائمة  هي أفضل ما يناسب الدولة الأردنية والشعب الأردني، ويصور الحرس القديم، الشعب الأردني بأنه شعب قبلي عشائري، غير قادر على إفراز قيادات سياسية تدير الدولة والشؤون العامة ،

ويطرح الحرس القديم أيضا أن الأحزاب الأردنية فقيرة كل الفقر سياسيا وغير قادرة على إدارة شؤون الدولة، ويصور المعارضة كنقيض للملك والعرش الهاشمي، لا دعاة دولة مؤسسات ودولة مدنية، وأن المعارضة لا هم لها، إلا سلطات الملك ومحاولة إخراجه من المشهد ، هذه السردية للحرس القديم عاشت فترة طويلة تتحكم في مفاصل قرار الإصلاح السياسي، قبل أن يتجاوزها رأس النظام ويبتعد عنها ويذهب إلى مربع الإصلاح السياسي لاعتبارات كثيرة منها حادثة الفتنة والأزمة الاقتصادية الخانقة...الخ .

كل ما على الأرض اليوم من خطابات وطرح سياسي من قبل المعارضة ومن تحركات شعبية تعزز نظرية الحرس القديم في مواجهة التيار الإصلاحي الموجود داخل جسم النظام وتضعفه وتبطل طرحه بضرورة الإصلاح السياسي كبوابة للخروج من الأزمة.

 فالحراك في الشارع حراك فئوي له مطالب تتعلق بالتوظيف الحكومي وتحسين الامتيازات لبعض شرائح المجتمع ومحاولة إعادة الامتيازات التي كانت تُقدم وفقا للنظام الريعي في القرن الماضي، فيما ركزت مطالبات المعارضة تحت قبة البرلمان في الحد من صلاحيات الملك وتركت كل ما قدم من جرعة إصلاح، فبدل أن تذهب لتحسين وتجويد تلك المخرجات السياسية، ذهبت تعترض على صلاحيات الملك فيما يتعلق ببعض المناصب التي لا تؤثر على حياة الناس ومعيشتهم .

انجرفت الكثير من الأحزاب والشخصيات المعارضة لغايات شعبوية ومزايدة، بعضها على بعض لا علاقة لها بجوهر الإصلاح؛ إلى مربع محاربة الفساد على اعتبار أنه رأس سلم أولويات الإصلاح في الأردن، وتوجهت إلى مربع التشكيك واتهام رأس النظام بذلك بناء على تسريبات الصحافة الغربية ، وبدأت بالحديث عن تقويض الشرعية للنظام الحاكم من هذه البوابة ، كما أن دعوات  المقاطعة  تتزايد على اعتبار أنها  الطريق الوحيد للتخلص من الحالة القائمة ، وقد أثمرت هذه  الدعوات في  عدم خروج الناس إلى الانتخابات البرلمانية ، كما أنها تتصاعد إلى مقاطعة الانتخابات البلدية واللامركزية ؟!!.

تصرفات المعارضة تخدم الحرس القديم

كل ما على الأرض من تنظيرات المعارضة وتصرفاتها ودعواتها وأنشطتها يخدم الحرس القديم ويضعف المنادين بالإصلاح السياسي وإمكانية إصلاح النظام من الداخل سواء كان هؤلاء من المعارضة او تيار في داخل جسم النظام، وتستخدم المعارضة خطاب صفري في تصور الصراع والحل، ويستفيد من هذا الخطاب الحرس القديم في إبقاء الحالة على ما هي عليه ويعزز وجهة نظره في رفض الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي الجاد.

إن خطاب التشكيك برأس النظام، وجعل محاربة الفساد رأس سلم الأولويات في المرحلة الحالية؛ يقوض الثقة ما بين الموقف الرسمي والشعبي، هذه الثقة هي رأس المال الحقيقي والمتطلب الأساسي للعبور إلى أي مرحلة إصلاح سياسي قادم، وكذلك فإن أي خطاب يقوض الثقة ما بين الرسمي والشعبي، وكل خطاب ينال من رأس النظام يخدم الحرس القديم ويحكم الرباط حول أعناقنا لمزيد من الوقت من حيث لا نريد.

عزل الحرس القديم

علينا أن نعمل جميعا على عزل الحرس القديم ونظريته في إبقاء الحال على ما هو عليه ونزع كل المبررات التي يتكىء عليها في التخويف والتشكيك والتحذير من أي عملية إصلاح حقيقية، فخطاب المعارضة اليائسة والبائسة كمن يقطع ذراعه بكفه وكمن يشعل النار في جسده ليضيء الطريق أمام خصومه، وكمن يطلق النار على أقدامه نكاية بخصومه ويظن أنه يعطل مسيرهم.

 نخاطب المعارضة العاقلة ..بأن تستفيد من التعاون مع كل مؤمن بالإصلاح السياسي من داخل جسم النظام ، نخاطب المعارضة التي تعمل على طريق المعركة الصفرية،بأن لا تقتل دعاة الإصلاح السياسي المتدرج داخل النظام ولا داخل المعارضة ولا تُمكن الحرس القديم بما يملك من قوة ونفوذ، ولا توسع تيارهم وهم أقلية أوليغارشية وتعني(حكم الأقلية من النخب الثرية)، ولا تتوهم أن إدارة حرب صفرية مع الحرس القديم سوف تحسم لصالح المعارضة فالحرس القديم يستخدم المعارضة وخطابها كوقود في حربه معها ويُسخر كل إمكانيات الدولة ومؤسساتها لخدمته ونفوذه ومصالحه ومعركته،وهنا ما علينا سوى أن ندعو الجميع إلى التعاون لتهيئة المناخ من أجل تحول سياسي جاد لنصل إلى نقطة ترضي الجميع .  

الأكثر قراءة
00:00:00