قصص النجاح وأثر الفكر المادي

الصورة
قصص النجاح وأثر الفكر المادي - مقال لؤي الفروخ
قصص النجاح وأثر الفكر المادي - مقال لؤي الفروخ

بقلم: لؤي الفروخ

آخر تحديث

قصص النجاح سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات أو الدول يتم استخدامها كأحد المؤشرات التي يتم تسليط الإعلام عليها لإثبات نجاح فرد ما أو مؤسسة أو دولة وحتى المشاريع الخدمية أصبحت توظف متخصصين لإظهار مثل هذه القصص وتوظيف وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام المسموع والمرئي لإثبات نجاح المشروع أو المؤسسة أو الدولة وتأثيره على الناس أو لاستخدام تلك القصص كنموذج يحتذى لتحفيز الناس والمؤسسات والدول.

أين تكمن المشكلة؟

من حيث الفكرة تشكل قصص النجاح وسيلة للتحفيز والاجتهاد والإبداع وهذا أمر جيد، لكن المشكلة هي في ربط مفهوم قصص النجاح في الأمور المادية وتأثرها بالفكر المادي وحصرها ضمن ذلك، مما يشكل خطرا على المجتمعات التي هي أصلا غارقة في تبعات هذا الفكر لدرجة جعلت منه محورا تدور حوله الحياة والوجود ولغيره.

فما نسمعه في وسائل الإعلام عن قصص النجاح كلها تتحدث عن كيف كان هذا الشخص فقير الحال أو مهاجر يعمل في غسل الصحون في بلاد الغرب أو الشرق وبعد ذلك أسس شركات أو إمبراطورية مالية أو أصبح مديرا نافذا في المؤسسات الدولية أو لأحد أكبر الشركات أو أصبح نائبا في الكونجرس أو مسؤول أو ما إلى ذلك.

هل النجاح هو المادي؟!

أو كيف كانت مؤسسة صغيرة ثم طورت برنامجا جعلها في مصاف المؤسسات الكبرى في العالم، أو كيف استطاعت دولة تجاوز أزمتها الاقتصادية وسداد ديونها وزيادة استثماراتها، كل تلك القصص انعكاس لتأثير الفكر المادي الذي ربط بين النجاح وبين الثروة والجاه والمناصب والنفوذ، فهل النجاح نجاح مادي فقط أم هناك نجاحات أخرى مغيبة ولا يتم تسليط وسائل الإعلام عليها؟

الإجابة على هذا السؤال، يجب علينا أن نفرق بين أمرين الأمر الأول هو الهدف والغاية من وجود البشرية في هذه الحياة والأمر الآخر هو ارتباط الوسائل بالهدف، فهناك فرق شاسع بين نجاح شخص في جمع الثروة ونجاح شخص في هداية البشرية لعبادة الخالق وجعل الهدف من الحياة التزام المنهج الإلهي.

قصص النجاح الأصعب

وهناك فرق شاسع بين نجاح مؤسسة في أن تستحوذ على تم تخصيص السوق العالمي وبين مؤسسة تساهم في تأهيل الناس، لأن يصبحوا قادرين على العمل وسد احتياجاتهم بأنفسهم، وهناك فرق شاسع بين دولة تغزو الفضاء لتسيطر على العالم لمصالحها الخاصة وبين دولة تريد الخير للبشرية جمعاء، هذا النوع من قصص النجاح هو الأصعب، ومع ذلك لا يلاقي اهتماما من الإعلام مقارنة بالنجاح المادي، وذلك نتيجة لسيطرة الفكر المادي الغربي على كل مناحي الحياة وتأثر الإعلام في بلادنا بهذا الفكر، الأمر الآخر في كلا الحالتين قصص النجاح مرتبطة بالعمل والاجتهاد والصبر والتفاني وتطوير الوسائل لتحويل واقع سيء إلى واقع أحسن لكن الفرق في الأهداف.

للأسف الشديد ستبقى قصص النجاح في هذا الزمان محصورة في النجاحات المادية، وسيبقى كل من عمل أو يعمل على تغيير طريقة التفكير ليس لهم حظ في الإعلام ولا عند العامة حتى يصبح الهدف من الحياة هو المحرك والمحور الذي تدور حوله كل مناحي الحياة، وما النجاحات المادية إلا وسائل لنشر هذا الفهم وهذا الهدف بين الناس، فقصة نجاح عثمان بن عفان لم تكن في الثروة التي جمعها بل في طريقة وأوجه إنفاقها.

دلالات
الأكثر قراءة
00:00:00