عقيد متقاعد من القوات المسلحة - الجيش العربي مقدم برنامج "فرصة وطن" على إذاعة حُسنى
هل أخطأ الرنتاوي وهل أجرم البعض؟
لست في وارد البحث في مقالة كتبها عريب الرنتاوي قبل أيام في جريدة الدستور الأردنية. و لست عليما بما تخفي الصدور، و لكنني قادر على أن أقرأ ما تخفي السطور.
إنّ الحديث عن معركة الكرامة المجيدة و التي استطاع بها الجيش العربي الأردني الباسل تحطيم إسطورة و صورة العدو الصهيوني و تمريغ أنفه في وحل التراب و روث الدواب ، ليس حديثا تضليليا أو استعراضيا، بل هو حديث حقيقي كله جدّ. فهو حديث تفوح معه رائحة الدماء الزكية و زفرات الذماء الأبيّة.
و من المؤسف أنّه كلما ذُكرت معركة الكرامة الخالدة نجد نفرا من الناس يسعى جاهدا لتشويه تلك المعركة و تحطيم ذلك النصر المبين، و لقتل تلك المعنويات التي تسري في العروق عند الحديث عن تضحيات و بطولات الكرامة؛ محاولة منهم لإطفاء ضوء الأمل و اغتيال مولود الثقة في نفوسنا و بأننا قادرون على دحر العدو الصهيوني و إنهاء وجوده عندما ينادي المنادي – و لا بدّ أنه سينادي يوما- حيّ على الجهاد.
و من المؤسف أيضا أنه و في كل وقت مفصلي في حياة الأردن السياسية و في كل وقت عصيب ، و في ظل الحديث عن ضرورة الإصلاح و الارتقاء في النهج السياسي و الوطني، لا بدّ أن نسمع أصواتا تنعق و أن نرى أحداثا تُفترى ؛ و كأنها تريد أن تبث فينا و بيننا الكراهية و البغضاء و اليأس. و كأنها تريد أن تُحيّ فينا و بيننا مفهوم الهويات الفرعية المقيتة و التي لا تأتي إلا بالدمار و الخراب. و لا أرى غاية و لا مقصدا لذلك، إلاّ أن نبقي عبيدا لإصحاب المكاسب و المناصب ، و مطيّة لأهل الفساد و الإفساد، منشغلين بأنفسنا بدلا من الانشغال و الانتباه لعدونا الواحد و المشترك و هو العدو الصهيوني.
نعم، أخطأ الرنتاوي و لكني أرى أنّ البعض منّا استثمر هذا الخطأ ليرتكب جريمة بحق الأردن و الأردنيين
نعم، أخطأ الرنتاوي و لكني أرى أنّ البعض منّا استثمر هذا الخطأ ليرتكب جريمة بحق الأردن و الأردنيين. فالبعض استثمر كبوة أو هفوة الرجل ليرتكب خطيئة بحق الأردن وعن إصرار و قصد. و البعض الأخر يريد أن يرتكب جريمة بحق الوطن من أجل نيل الاعجابات و حصد اللايكات و لفت الأنظار، و البعض الآخر يرى بعين واحدة و يهرف بما لا يعرف.
إنّ الحديث عن معركة الكرامة الخالدة و محاولة تجيير نتائجها لصالح الفدائيين – الذين شاركوا فيها مشاركة الابطال – حديث ظالم تضليلي هدفه الفتنة و تحويل اتجاه بوصلة التحرير؛ فمعركة الكرامة معركة جيوش و دبابات ومدفعية و درع و ليست حرب عصابات...
و إن الحديث عن معركة الكرامة و محاولة تجيير نتائجها لصالح قائد معين و قائد أوحد هو حديث هرطقات و تلفيق و تزوير؛ فمعركة الكرامة معركة الجنود و ضباط الصف و الضباط أجمعين ممن واجهوا دبابات و رشاشات العدو بصدورهم و أجسادهم بلا خوف أو وجل.
لو لا سمح الله كانت نتائج معركة الكرامة الهزيمة و الاندحار فكيف ستكون المواقف
و هنا أتساءل فأقول: يا ترى لو لا سمح الله كانت نتائج معركة الكرامة الهزيمة و الاندحار فكيف ستكون مواقف أولئك القوم ؟
يا معشر الأردنيين ..! الله الله في الوطن فانه ليس من الوطنيّة أن نجعل من كل نصر سبيلا لهزيمة و أن نجعل من هفوة أو كبوة سببا لجريمة . فالحكيم مَن يُجبّر قبل الكسر، و الطبيب من يُجبَر بعد الكسر، و الغبي اللئيم من يَكْسر المجبور