عقيد متقاعد من القوات المسلحة - الجيش العربي
استدعاء الثورة العربية في تحالفاتنا الأردنية
استدعاء الثورة العربية في تحالفاتنا الأردنية/ بقلم : الدكتور محمد المقابلة.
من الأخطار الشائعة عمداً وجهلاً بين العرب عامة والأردنيين خاصة والهاشميين على الأخص هو أن الثورة العربية الكبرى بقيادة الشريف الحسين بن علي رحمه الله تعالى، أن تلك الثورة العربية قامت ضد الخلافة الإسلامية بقيادة السلطان العثماني عبدالحميد الثاني. وأنها كانت سبباً في هدم الخلافة الإسلامية والقضاء عليها قضاء مبرماً. وقد تم تحميل الثورة العربية كامل المسؤولية عن سقوط الخلافة التي سقطت قبل قيام الثورة سنوات، وطاب هذا الفكر حتى لبعض الهاشميين من باب الزعامة العربية، في حين طاب هذا الفكر لكثير من الأنظمة العربية من باب تحميل مسؤولية تردي حال العرب و ضياع فلسطين للهاشميين .
والحقيقة هي أن من يتحمل حالة التردي التي أحاطت بالعرب من كل جانب إنما يتحملها الذين شكلوا و كانوا قوام جيش اللنبي الذي احتل القدس عام 1917، ومن وقعوا على إتفاقية التنازل عن فلسطين منذ عام 1917....و من أراد التحقق فليقرأ التاريخ.
والحقيقة أن الثورة العربية الكبرى قامت ضد حكومة حزب الإتحاد والترقي التركي، الذي أوجده ورعاه ودعمه (يهود السالونيك) والذي كان يدعو إلى القومية التركية وإحتقار باقي الأعراق التي صهرتها الخلافة الإسلامية العثمانية في بوتقة واحدة وعلى قاعدة فرق تسد. حتى أن حزب الإتحاد والترقي كان يسمي العرب بالعرق الأسود، بل وأطلق عليه كلمة (بيس) التركية أي القذر. ودليلي المختصر على ذلك كله ما يلي :
أولاً : استلم الشريف الحسين بن علي شرافة مكة بدعم من السلطان عبدالحميد الثاني وضد رغبة حزب الإتحاد والترقي في عام 1908.
ثانياً : كان الشريف الحسين بن علي آخر من قابل السلطان عبدالحميد في تشرين أول عام 1908.
ثالثاً : تم عزل السلطان عبدالحميد ونفيه من قِبل حزب الإتحاد والترقي في 27 نيسان 1909، أي أن مدة الشرافة للحسين بن علي في ظل الخلافة الحميدية لم تزد عن خمسة أشهر.
رابعاً : استلم الحكم الفعلي للدولة العثمانية حزب الإتحاد والترقي في 27 نيسان 1909 في ظل سلطان عثمانيّ ضعيف وصوري هو محمد الخامس .
خامساً : واجه الشريف الحسين بن علي محاولات انقلاب وقتل من قبل حزب الإتحاد والترقي عدة مرات لأنه كان يعلم حقيقة مخططات ذلك الحزب يهودي المنشأ وبريطاني الأهداف.
سادساً : جاءت الثورة العربية الكبرى في 10 حزيران 1916 أي في ظل سيطرة الإتحاد والترقي على حكم الدولة العثمانية سيطرة تامة.
إذن نجد أن الحقيقة هي : أن الثورة العربية الكبرى لم تقم ولم تكن ضد الخلافة الإسلامية بل ضد حزب الإتحاد والترقي (قومي الأهداف-يهودي المخططات) ولم تكن ضد السلطان العثماني المخلص لأمته وعقيدته عبدالحميد الثاني .
إلا أن الشريف الحسين بن علي وإن صدقت نواياه وكانت مخططاته تسعى لبناء خلافة إسلامية بقيادة عربية قد أخطأ بدخوله وإعطائه الشرعية لتحالف (بريطاني –فرنسي)، كان يسعى في الحقيقة لإنهاء أي دور هاشمي منتمي إلى عقيدته و رسالته ويسعى أيضا لخلق قيادة عربية بديلة متعاونة تلبي طلبات هذا الحلف (البريطاني – الفرنسي – اليهودي)، ومستعدة للتخلى عن فلسطين أرضاً ومقدسات لصالح اليهود الصهاينة .
وفي باب (التاريخ يعيد نفسه) من فصول ( القضايا العربية) ها نحن الآن نقف كأمة عربية أمام نفس المعطيات حيث حلف (أمريكي – عربي- يهودي) يعيد نفس المكر والخديعة لإنهاء الأزمة الإسرائيلية المتفاقمة في فلسطين وعلى حساب الأردنيين في ظل حكم الهاشميين. ولكن لتكون الأردن هذه المرة هي القضية وهي الضحية. فجيش اللنبي يعود تحت عباءة "الناتو العربي" وإتفاقية الأعراب على تسليم كامل فلسطين موقعة تحت عباءة الديانة الإبراهيمية خلفا للعباءة الوهابية. والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين....