استفاق قطاع غزة اليوم على وقع مجزرتين مروعتين ارتكبتهما قوات الاحتلال الإسرائيلي، أسفرتا عن استشهاد 88 فلسطينيا، بينهم أطفال ونساء، وإصابة
الوضع الإنساني في غزة بعد مئة يوم من العدوان الإسرائيلي
العطش يسود شمال مدينة غزة والمعونات تباع بيعا بدل توزيعها
لم تمر الأيام المئة على قطاع غزة إلا بألطاف الله -كما يقولون- في ظل استمرار القصف العشوائي والمتقصد لطائرات الاحتلال الحربية في جميع مناطق القطاع الشمالية والوسطى والجنوبية بلا استثناء، فلا مكان آمن وعداد الوقت يقف أمام عداد الشهداء المتسارع.
تصف وكالة الأونروا الأوضاع الإنسانية قائلة إن الأيام المئة على أهالي قطاع غزة مرت كمئة عام، فيما يحذر المرصد الأورمتوسطي من اجتياح العطش في شمال القطاع، كما يشكو النازحون في جنوب القطاع من بيع المعونات التي تدخل القطاع بدل أن يتم توزيعها.
العطش شكل من أشكال الإبادة الجماعية
حذر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ومقره جنيف، من المأساة المروعة في مدينة غزة وشمال القطاع عموما إثر شح المياه النظيفة وانعدام مصادر المياه الصالحة للشرب بشكل كارثي، مضيفا أن سلطات الاحتلال تمنع وصول المياه الصالحة للشرب إلى المدنيين وتقطع بشكل متقصد إمدادات المياه عن أهالي القطاع، إضافة إلى قصف طيرانها الآبار ومصادر المياه في غزة بشكل ممنهج ومتعمد.
واعتبر المرصد أن تصرفات الاحتلال هذه تمثل حكما بالإعدام الفعلي لأهالي القطاع وجريمة حرب وشكلا من أشكال الإبادة الجماعية ضد المدنيين في القطاع منذ السابع من تشرين أول من العام الماضي. وأضاف المرصد:
"العطش يغزو مناطق مدينة غزة وشمالها بشكل صادم، إلى جانب نقص الوقود اللازم لتشغيل محطات تحويل وتوزيع المياه."
غزة تتجه نحو المجاعة
سلطت صحيفة "نيويورك تايمز" الضوء على الوضع الغذائي في غزة بعد 100 يوم من استمرار الضربات الإسرائيلية المتواصلة على القطاع، حيث بينت في أحد مقالاتها أن شمال غزة شهد فيه الغزيون حصارا هو الأشد من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، كما كانت الجثث ملقاة في الشوارع، أما السكان الجائعون فكانوا يوقفون شاحنات المساعدات أملا وبحثا عن أي شيء للبقاء على قيد الحياة.
وتقدر الصحيفة نسبة سكان غزة المعرضين لخطر المجاعة بأكبر من أي مكان آخر وذلك منذ أن بدأت الأمم المتحدة قياس الجوع الشديد قبل 20 عاما.
بينما صرح الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين حول الوضع الإنساني في غزة قائلا:
"إن سكان غزة تعرضوا خلال الأيام المئة لواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في هذا القرن، حيث لم يشهد العالم مثل هذا العدد من المحاصرين تحت قصف مكثف لفترة طويلة".
وحول دخول المساعدات إلى القطاع، كانت الأمم المتحدة قد قدرت حصة الفرد الواحد بـ 70 غراما من الطعام إن وصلت له، حيث ما زالت الشاحنات التي تدخل إلى القطاع نقطة في محيط الاحتياجات، وأضاف الهلال الأحمر الفلسطيني اليوم الإثنين:
"إن المساعدات التي تدخل إلى القطاع لا تلبي سوى ما نسبته 10% من الاحتياجات الإنسانية للسكان المدنيين".
المساعدات تباع بيعا
وتصل المساعدات إلى جنوب القطاع دون شماله منذ أكثر من شهرين، حيث قطع الاحتلال سبل الوصول بين شمال القطاع وجنوبه عبر قصف جميع الطرق وخاصة طريق صلاح الدين الواصل بين شمال القطاع وجنوبه.
وكان نازحون في جنوب القطاع قد اشتكوا من عدم وصول أي مساعدات لهم منذ أكثر من أربعين يوما، وذلك في ظل تقصير وكالة الأونروا في عملها داخل القطاع بتوزيع المساعدات بشكل عادل، إضافة إلى استيلاء العديد من التجار على هذه المساعدات وبيعها بيعا للنازحين خاصة في محيط المستشفيات.
ونقلت مريم سلامة لـ حسنى سابقا معاناة النازحين في محيط المستشفى الأوروبي في الحصول على الغذاء، حيث يجلب التجار البضائع إلى محيط المستشفى ويبيعونها للنازحين بأثمان باهظة وبأضعاف ما كانت تباع به قبل بدء العدوان على غزة، وقالت مريم عن ذلك:
"نحن نشتري البضاعة بأضعاف أضعاف أثمانها السابقة، في السابق كان ثمن علبة الفول الواحدة نصف دينار مثلا، أما اليوم باتت أربعة دنانير، وهذه العلبة بالطبع لا تكفي لإطعام عائلة من ثمانية أفراد وأكثر".
اقرأ المزيد.. مريم تروي قصة نزوح عائلتها 3 مرات وتقول "يا أسفاه على العروبة"
1.4 مليون نازح في مدارس الأونروا في ظروف غير إنسانية
وبعد مرور مئة يوم على العدوان الإسرائيلي على القطاع، أصدرت وكالة الأونروا بيانا قالت فيه إن الـ 100 يوم الماضية كانت مثل 100 عام على سكان غزة، وأن ما يتعرض له الغزيون يعد أكبر تهجير منذ عام 48 بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل.
وقدرت الأونروا أعداد اللاجئين في مدارسها بنحو 1.4 مليون نازح، ووصفت حالتهم المعيشية بقولها:
"يضطر 1.4 مليون نازح للعيش في ظروف غير إنسانية إلى جانب جسامة الموت، والدمار، والتهجير، والجوع، والخسارة، والحزن".
المساجد لم تسلم من نيران الإسرائيليين
ولم تسلم المساجد من نيران القصف الإسرائيلي بل كانت هدفا دائما للقوات المتوغلة والطيران الحربي، حيث فقد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة قدرته على إحصاء المساجد التي دمرت، فيما كانت آخر إحصائية في تشرين الثاني الماضي تشير إلى تدمير نحو مئتي مسجد على الأقل.
وتطرق الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة في خطابه الذي بث مساء يوم أمس الأحد إلى أن الجرائم الإسرائيلية خلال الحرب قد طالت مساجد الله في كل قطاع غزة مضيفا:
"إن من واجب المقاومة أن تحيط ملياري مسلم في العالم علما بأن الاحتلال دمر معظم مساجد قطاع غزة".
1000 شهيد كل يوم تقريبا
وكشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أمس الأحد أيضا عن أرقام صادمة أسفرت عنها 100 يوم من العدوان على القطاع قائلا:
"مقتل وإصابة ألف فلسطيني بشكل يومي خلال المئة يوم الماضية، في أكثر إحصائية دموية في التاريخ الحديث".
وقدر المرصد أن نحو 92% من الضحايا في غزة هم من المدنيين، ومن بينهم 12 ألفا و345 طفلا ونحو 6 آلاف امرأة، و295 عاملا في المجال الصحي، و41 من عناصر الدفاع المدني، و113 صحفيا.
وقدر المرصد أن الحرب الإسرائيلية على غزة قد خلفت حتى اللحظة نحو 23 ألفا و843 شهيدا و60 ألفا و317 مصابا وما زال العدد بازدياد.
كيف ينظر سكان غزة للأيام المئة التي مرت؟
ينعى الغزيون في كل يوم أحباءهم، ويقولون إنه لا وقت للحزن، وفي الوقت ذاته هم راضون بقضاء الله وقدره ومؤمنون بأن النصر والفرج قريبان.
اقرأ المزيد.. طوفان الأقصى.. اليوم الأول بعد الـ100 عدوان مكثف على خانيونس