ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي مجزرة مروعة في بلدة جباليا شمال قطاع غزة حيث أسفر قصف منزل لعائلة علوش عن استشهاد 32 شخصا، بينهم أطفال، وذلك
ماذا يحدث داخل معتقل سدي تيمان الإسرائيلي؟
اقتحم مئات المستوطنين اليمينيين المتطرفين، أمس الإثنين، معسكر الاعتقال سيئ الصيت في قاعدة سدي تيمان العسكرية بصحراء النقب، وذلك بعد أن أوقفت الشرطة العسكرية 9 من جنود الاحتياط، للتحقيق إثر تورطهم بالاعتداء الجنسي وتعذيب عدد من الأسرى بصورة وحشية.
سدي تيمان غوانتناموا "إسرائيل"
ويشبه الأسرى معتقل سدي تيمان الذي يحتجز فيه جيش الاحتلال أسرى من قطاع غزة منذ بداية العدوان بمعتقل "غوانتناموا" الأمريكي، نظرا لما يتعرض له أسرى غزة من انتهاكات واعتداءات خطيرة.
وشارك في محاولة اقتحام المعتقل عشرات من جنود الاحتياط ملثمين ومسلحين، واشتبكوا مع الشرطة العسكرية حيث حاولوا منع احتجاز الجنود الذين اعتدوا جنسيا على أسير من غزة وتم نقله إلى مستشفى سوروكا في بئر السبع وحالته خطيرة.
وعلى إثر التوتر في معتقل سيدي تيمان عمدت الشرطة العسكرية إلى نقل الجنود الموقوفين إلى قاعدة بيت ليد العسكرية شمال تل أبيب لاستكمال التحقيق، لكن أنصار اليمين المتطرف توجهوا إلى بيت ليد واقتحموها.
من هم المقتحمون؟ ومن يساندهم سياسيا؟
الذين اقتحموا سيدي تيمان، هم نشطاء من معسكر اليمين يقودهم أعضاء في الائتلاف الحاكم، خاصة من حزب الليكود الذي يتزعمه بنيامين نتنياهو و"الصهيونية الدينية" برئاسة وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش ومن حزب "عظمة يهودية" برئاسة وزير أمن الاحتلال المتطرف إيتمار بن غفير، لإطلاق سراح الجنود الموقوفين إثر تنكيلهم وتعذيبهم لمعتقلين فلسطينيين من غزة.
ورافق المقتحمين عضو الكنيست تسفي سوكوت من الصهيونية الدينية، وعضو الكنيست نيسيم فاتوري من الليكود، والوزير عميحاي إلياهو، الذي تم تصويره وهو يهتف "الموت للإرهابيين"، وحضر أيضا عضو الكنيست ألموغ كوهين من حزب "عظمة يهودية" الذي دعا إلى التقدم واقتحام الأقفاص الحديدية التي يحتجز بها الجنود.
ووصف المحلل العسكري في صحيفة هآرتس، عاموس هرئيل، ما أقدم عليه نشطاء اليمين المتطرف بالقول:
"أعضاء الكنيست الذين اقتحموا سدي تيمان بهدف بث الفوضى ومحاولة السيطرة بالقوة على الجيش، كانوا ينتظرون الفرصة التي أتيحت لهم في المعتقل العسكري. وإن الاستسلام لهم يعني تدمير وتفكيك الجيش من الداخل، وتآكل وحدة المجتمع الإسرائيلي".
ما هو معتقل سدي تيمان؟ ولماذا يقع داخل قاعدة عسكرية؟
يقع المعتقل داخل قاعدة سدي تيمان العسكرية التي أنشئت في أوائل أربعينيات القرن الماضي خلال الانتداب البريطاني وتتبع للقيادة الجنوبية لجيش الاحتلال، وقد أعيد افتتاحه مع بدء العدوان على غزة في السابع من تشرين الأول 2023، لاحتجاز أسرى القطاع.
وتضم القاعدة العسكرية التي تقع على بعد نحو 10 كيلومترات شمال غرب مدينة بئر السبع، مقرا بديلا لمديرية التنسيق والارتباط في غزة، فضلا عن منشآت الاعتقال التي استخدمها جيش الاحتلال خلال العدوانات السابقة على غزة.
حيث احتجز الاحتلال مئات المعتقلين الفلسطينيين من غزة خلال معركة "الفرقان" التي تسمى إسرائيليا "الرصاص المصبوب" عام 2008، وخلال معركة "البنيان المرصوص" التي أطلق عليها الاحتلال اسم "الجرف الصامد" عام 2014، وخلال معركة "طوفان الأقصى" اعتقل نحو 1500 غزي، وذلك بموجب أمر عسكري صادر عن وزير حرب الاحتلال يوآف غالانت.
وعمد جيش الاحتلال إلى بناء منشآت الاعتقال داخل تلك القاعدة ليكون الإشراف على المعتقلين من قبل الجيش والأجهزة الأمنية، بعيدا عن سلطة السجون الإسرائيلية وذلك بهدف جعل الإجراءات التي تنفذ ضد المعتقلين الفلسطينيين طي الكتمان.
ومع بدء العدوان على غزة، قرر غالانت جعل القاعدة مكانا للاحتجاز والاعتقال الإداري، وأقيمت بالمعسكر 5 منشآت تحتوي على أقفاص حديدية وبركسات لاحتجاز معتقلي غزة.
واعتمد غالانت في قراره على "قانون المقاتلين غير الشرعيين"، والذي يجيز لجيش الاحتلال اتخاذ قرار بتنفيذ اعتقالات إدارية واسعة دون الحق بالاستئناف أو المرافعة القانونية.
من هم الجنود المتورطون بالاعتداءات؟
هم 9 من جنود الاحتياط من أصل عشرة نكلوا بشكل خطير واعتدوا جنسيا على أسير فلسطيني.
ومن بين المتورطين في تلك الاعتداءات ضابط برتبة رائد، وهو قائد "القوة 100"، وهي وحدة عسكرية بجيش الاحتلال تتولى حراسة الأسرى في المنشأة والتي أعيد تشكيلها في بداية العدوان على غزة لحراسة المعتقلين الغزيين.
وتشير صحيفة هآرتس العبرية إلى تورط جنود تلك الوحدة في عدة حوادث عنف خلال الأشهر الأخيرة.
فلسطينيون استشهدوا داخل المعتقل
واعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي في وقت سابق بأن عشرات الأسرى من قطاع غزة قضوا تحت التعذيب، دون الكشف عن أي تفاصيل.
وأشار جيش الاحتلال إلى فتح تحقيق جنائي مع جنود بعد مقتل 48 فلسطينيا، معظمهم أسرى من غزة، ومن بينهم 36 تم اعتقالهم في سدي تيمان، في حين تطالب منظمات حقوقية وهيئات شؤون الأسرى بالكشف عن مصير آلاف الغزيين الذين اختفوا قسرا وكانوا في مناطق 48 قبل السابع من تشرين الأول بموجب تصاريح عمل.
وتشير البيانات إلى أن غالبية المحتجزين في معتقل سدي تيمان هم من المدنيين من سكان قطاع غزة ومن مختلف الشرائح الاجتماعية والفئات العمرية من الذكور والإناث.
انتهاكات بحق الأسرى في سدي تيمان
واستدلالا بشهادات معتقلين من غزة أفرج عنهم لاحقا، أشارت منظمات حقوقية إلى حقيقة ما يتعرض له أسرى غزة في معتقل سدي تيمان، حيث تكشفت صورة مروعة عن أساليب التعذيب والتنكيل بالأسرى من قبل الجنود إلى حد تنفيذ اعتداءات جنسية بحق بعضهم وعدم ضمان الحد الأدنى من الظروف الإنسانية، داخل أقفاص حديدية وفي أوضاع في منتهى القسوة.
ويحتجز جنود الاحتلال جميع المعتقلين الغزيين في مناطق مفتوحة محاطة بسياج حديدي أو داخل بركسات دون أسرة وبلا مقومات الحياة الأساسية، وتشير المعلومات إلى أن الجنود يكبلون الأسرى على مدار الساعة، ما تسبب في بتر أطراف بعضهم، فضلا عن عصب أعينهم لفترات طويلة، حتى خلال العلاج الطبي للجرحى منهم وإجراء عمليات جراحية على يد موظفين غير مختصين، أو قضاء الحاجات مع ظروف احتجاز تمس بكرامتهم وصحتهم.
في تموز الحالي قال جيش الاحتلال بأنه بصدد إغلاق معتقل سدي تيمان تدريجيا، وأنه سيتم نقل معتقلي قطاع غزة إلى قسم خيام جديد في سجن النقب.
اقرأ المزيد.. طوفان الأقصى في يومها الـ297 معارك ضارية في غزة وشهداء بقصف إسرائيلي