نحن بخير

الصورة
آخر تحديث

قبل أسابيع عاد أحد أصدقائي من أمريكا في زيارته الصيفية لـ الأردن بعد عدة أعوام قضاها هناك ،وقد حدثني ليلة أمس بعدة قصص لطيفة حصلت معه جعلته يتأكد أننا ما زلنا بكل خير.



كان أول القصص عندما ذهب في صبيحة أحد الأيام وبعد عودته مباشرة لشراء صحن الحمص والفلافل من أحد المطاعم في منطقة أبو نصير وهو التقليد الذي اشتاق له وهو في الغربة، عندما دخل المطعم وطلب ما أراد، أخرج من جيبه خمسين دينارا ليعطيها للمحاسب، لكن المحاسب اعتذر منه لعدم توفر أية صرافة مالية معه في ذلك الصباح الباكر ولكنه قال له، خذ ما شئت وادفع لي عندما يتوفر معك لاحقا، فشكره على ذلك التصرف وذلك الكرم والأخلاق.

ذهب بعدها صديقنا لشراء الخبز بذات الخمسين التي يمتلكها فحصل معه ما حصل في المطعم؛ حيث لا يوجد صرافة، لكن المحاسب قال له خذ ما شئت وادفع لي لاحقا، ثم ذهب صديقي الى محل الخضار المجاور وأخذ بعض الخضار وتفاجأ بنفس

الرد بعدم توفر الصرافة فأخذ الخضار دون ان يدفع بطلب من المحاسب كذلك على اتفاق ان يعود للدفع لاحقا!



تخيلوا أن كل ذلك حصل معه في يوم واحد وفي ساعة واحدة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن مجتمعنا ما زال بخير وأن منظومة القيم الجميلة ما زالت تؤثر فينا برغم السلبيات التي نشاهدها أو نسمع عنها.



المفاجأة التي حصلت معه والتي جعلته يقف مشدوها هو ما حصل معه يوم أمس، حيث كان قد اشترى من أحد محال الذهب قبل أسبوع بعض المصاغ الذهبي ودفع ثمنه حينها، وعاد لنفس المحل يوم أمس لشراء قطعة أخرى، فاحتار صديقي بين قطعتين لأنه يريد ان يأخذ رأي ابنته في اختياره، فما كان من صاحب المحل- الذي لم يعرفه الا في الأسبوع الماضي- إلا أن أخبره أنه يستطيع ان يأخذ القطعتين معه للمنزل ليختار بينهما ويدفع الثمن لاحقا !وأصر عليه صاحب المحل وأقسم عليه إلا أن يأخذهن، فتساءل صديقنا: وكيف تثق بي وانت لا تعرفني؟ فأجابه التاجر (سيماهم في وجوههم)، فأخذ القطعتين واختار بينهما وعاد له اليوم ليدفع له ثمن ما اشتراه، وقد أخذنا نتندر ونضحك ليلة أمس بأنها قد تكون طريقة نصب واحتيال جديدة لأن القصة غريبة.



هذا النوع من التعامل يدل على أننا ما زلنا بخير وأن هذا المجتمع يمتلك من المقومات الأخلاقية الإيجابية الشيء الكثير ولو تزامن ذلك مع منظومة أنظمة وتعليمات تطبقها الدولة لضربنا مثلا عظيما في التميز.



نعم نحن بخير يا صديقي وانطبق علينا قول الشاعر:

الله يعلمُ والأيامُ شاهدة ...أنا كرام ولكنا مفاليسُ.

دلالات
الأكثر قراءة
00:00:00