في ليلة عربية استثنائية، يقف المنتخب الأردني لكرة القدم على أعتاب المجد، وهو يطرق باب التاريخ من أوسع أبوابه، بعدما حول الحلم إلى واقع، والمسار إلى ملحمة كروية مكتملة الأركان. 

النشامى اليوم ليسوا مجرد طرف في نهائي، بل عنوان لرحلة انضباط، وشجاعة، وإيمان، جعلت الجماهير العربية تترقب المشهد الأخير من كأس العرب 2025 بشغف غير مسبوق.

من نصف النهائي إلى مشارف التاريخ

تمكن المنتخب الأردني الأول، بقيادة مدربه المغربي جمال السلامي، من بلوغ نهائي بطولة كأس العرب 2025 بعد فوز ثمين على المنتخب السعودي بهدف نظيف في الدور نصف النهائي، هذا الانتصار وضع "النشامى" على بعد خطوة واحدة من تحقيق أول لقب عربي في تاريخهم، في إنجاز غير مسبوق يعكس حجم التطور الذي يعيشه المنتخب.

موعد مع المجد في لوسيل

يلتقي المنتخب الأردني نظيره المغربي، مساء الخميس عند الساعة السابعة، على ستاد لوسيل المونديالي في العاصمة القطرية الدوحة، في نهائي ينتظره قرابة 90 ألف متفرج في المدرجات، وعشرات الملايين عبر الشاشات، في مواجهة عنوانها الطموح المتكافئ والصراع التكتيكي الثقيل.

رحلة بلا هزيمة.. وأرقام قياسية

لم يتذوق منتخب الأردن طعم الخسارة أو التعادل طوال مشواره في البطولة، محققا خمسة انتصارات متتالية، في رقم قياسي بتاريخ كأس العرب. 

فرض "النشامى" هيمنتهم منذ دور المجموعات، بعدما تصدروا مجموعتهم بالعلامة الكاملة "9 نقاط"، إثر فوزهم على الإمارات "2-1"، والكويت "3-1"، ثم مصر بثلاثية نظيفة، ليكونوا المنتخب الأقوى في الدور الأول.

منظومة سلامي.. صلابة وانضباط

نجح المدرب جمال السلامي في بناء توليفة متوازنة جمعت بين الصرامة الدفاعية والنجاعة الهجومية. سجل المنتخب 10 أهداف حتى الآن، مقابل هدفين فقط في مرماه، مع ثلاث مباريات متتالية بشباك نظيفة أمام مصر، والعراق، ثم السعودية، ما يعكس انضباطا تكتيكيا عاليا وثباتا ذهنيا لافتا.

النهائي بطابع مغربي خالص

يحمل النهائي بعدا إنسانيا وعاطفيا خاصا، كونه يجمع مدربين مغربيين صديقين: جمال السلامي "الأردن" وطارق السكتيوي "المغرب". 

السلامي، الساعي لكتابة التاريخ مع "النشامى"، في مواجهة السكتيوي، الطامح للإبقاء على اللقب في القارة الإفريقية بعد تتويج الجزائر في نسخة 2021، في صراع ودي خارج الخطوط وناري داخلها.

الأردن يلعب ليزن.. والروح قبل الأسماء

رغم غياب النجم يزن النعيمات بعد إصابته بقطع في الرباط الصليبي، لم يتأثر أداء المنتخب، بل تحولت الإصابة إلى حافز إضافي. تألق البدلاء، وبرزت أسماء مثل علي علوان (هداف البطولة بـ4 أهداف)، ومحمود مرضي، وأحمد العرسان، في صورة تعكس عمق التشكيلة وقوة الروح الجماعية.

مواجهة تكتيكية من العيار الثقيل

من المتوقع أن يواصل السلامي نهجه الواقعي بخطة 3-5-2، مع الاعتماد على الانضباط الدفاعي والهجمات المرتدة، في مواجهة منتخب مغربي يمتلك أقوى دفاع في البطولة، إذ لم يتلق سوى هدف واحد، إضافة إلى تألق حارسه مهدي بنعبيد. 

في المقابل، يعول السكتيوي على تنظيم دفاعي صارم ونجاعة هجومية بقيادة البركاوي، وطانان، وزحزوح، مع مساهمات هجومية من الخط الخلفي.

ليلة عربية فاصلة

نهائي كأس العرب 2025 يبدو مغلقا، قليل الأهداف، عالي التوتر، وقد يمتد إلى الأشواط الإضافية أو ركلات الترجيح، في ظل الصراع التكتيكي بين مدرستين متقاربتين، وتحضير نفسي سيكون له القول الفصل. 

الأردن اليوم لا يطارد لقبا فحسب، بل يلاحق لحظة تاريخية، قد تكتب بحروف من ذهب في سجل الكرة العربية.

اقرأ المزيد.. من الدار البيضاء إلى نهائي كأس العرب.. من هو جمال السلامي