صادق كنيست الاحتلال الإسرائيلي اليوم الخميس مشروع قانون ترحيل عائلات الفلسطينيين المتهمين بتنفيذ عمليات مقاومة ضد أهداف إسرائيلية، إلى غزة
رغم أنها وكالة خدماتية.. لماذا تصر إسرائيل على إنهاء الأونروا؟
الأردن انفرد بتحذيراته واعتبر أن القرار الإسرائيلي لا تتوقف تبعاته عند الجانب الإنساني فقط
تعتبر وكالة الأونروا وكالة خدماتية بشكل بحت، فهي تقدم خمس خدمات أساسية للاجئين الفلسطيينين، وهي: تعليمية، ورعاية صحية، وإغاثة اجتماعية، وإغاثة طارئة، وتنمية مجتمعية.
وفي الوقت الذي ينظر فيه آلاف اللاجئين الفلسطينين بقلق وخوف تجاه القرار الإسرائيلي بحظر عمل وكالة الأونروا في فلسطين المحتلة، وفقدانهم للخدمات التي تقدمها لهم، ينظر الأردن لهذا القرار باعتباره تهديدا حقيقيا تجاه حق تقرير المصير وحل الدولتين.
فما علاقة الوكالة الخدماتية بالواقع السياسي للقضية الفلسطينية، ولماذا يسعى الاحتلال لحظرها؟ وما الخطر المتأتي على دولة الاحتلال جراء وجود الوكالة؟
تأسيس وكالة الأونروا
بعد احتلال إسرائيل أراض فلسطينية واسعة عام 1948، وتهجير نحو 700,000 فلسطيني سواء إلى أراض داخل فلسطين أو إلى خارجها، حاولت الجمعية العامة للأمم المتحدة التوصل إلى قرارات من شأنها التماشي مع الاحتلال الإسرائيلي الذي قام بالقوة على تلك الأراضي، فأقرت الأمم المتحدة عام 1947 قانون التقسيم، اعترفت فيه بوجود دولة يهودية، ودولة أخرى فلسطينية، وأبقت وضع القدس وبيت لحم تحت وصاية دولية.
وفي عام 1948، وبعد أن احتلت إسرائيل مزيدا من الأراضي الفلسطينية، أقرت الأمم المتحدة القرار رقم 194 والذي أقر بحق اللاجئين الفلسطينين في العودة إلى ديارهم والعيش جنبنا إلى جنب مع الدولة اليهودية، دون أن تحدد آلية تطبيق هذا القرار، أو الأراضي التي يحق للفلسطيني العودة إليها.
بقي أكثر من 700,000 لاجئ دون مأوى وسكن وخدمات بعيدا عن منازلهم التي احتلها الاحتلال الاسرائيلي، فجاءت الأمم المتحدة ولأسباب "إنسانية وإغاثية " لتخخذ قرارا بتأسيس وكالة الأونروا لتقديم الغوث والمساعدة للاجئين إلى حين تطبيق قرار 194 الذي لم يجر تطبيقه حتى اليوم.
القرار 194
"ينص القرار 194 على: "وجوب السماح بالعودة، في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وكذلك عن كل فقدان أو خسارة أو ضرر للممتلكات بحيث يعود الشيء إلى أصله وفقاً لمبادئ القانون الدولي والعدالة، بحيث يعوّض عن ذلك الفقدان أو الخسارة أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة".
تجديد عمل الوكالة بشكل دوري كل 3-5 سنوات
بدأت وكالة الأونروا أولى عملياتها في شهر أيار عام 1950، وامتدت تدريجيا لتخدم اللاجئين الذين انتقلوا من فلسطين المحتلة إلى الأردن وسوريا ولبنان وغزة، وتتخذ الوكالة مقرين رئيسيين لها الأول في فيينا والثاني في الأردن - عمان، بالإضافة إلى ممثليات في كل من القاهرة وبروكسيل ونيويورك وواشنطن.
وبحسب الأمم المتحدة، فإن عمل الوكالة يتم تجديده بقرار أممي بشكل دوري كل ثلاث إلى خمس سنوات، حيث كان آخر قرار لتجديد عملها صالح لغاية 30 حزيران 2026.
وتعرف الأونروا الفلسطيني اللاجئ بأنه الشخص الذي كانت فلسطين هي مكان إقامته الطبيعي خلال الفترة الواقعة بين حزيران 1946 وأيار 1948، والذي فقد منزله ومورد رزقه نتيجة الحرب عام 1948.
واعتبرت الوكالة أن أبناء لاجئي فلسطين الأصليين والمنحدرين منهم ينطبق عليهم صفة اللاجئ ويحق لهم التسجيل في الوكالة، حيث بلغ عدد المسجلين في الوكالة حتى العام الماضي 2023 نحو خمسة ملايين وتسع مائة ألف لاجئ.
الامتداد السياسي لوكالة الأونروا
ورغم أن الأونروا وكالة خدماتية، إلا أن تل أبيب تنظر لها على اعتبارها حجرا عائقا أمام إغلاق ملف احتلالها للأراضي الفلسطينية منذ عام 1948، حيث أن إسرائيل تعارض فكرة عودة اللاجئ الفلسطيني، ولا تعترف بهذا الحق، ولا بتعريف الفلسطيني الذي طردته قسرا من أرضه كلاجئ.
وتتهم إسرائيل الوكالة بأنها تسمح للمدرِّسين في مدارسها باستغلال وظيفتهم من أجل زيادة الوعي السياسي لدى الأجيال حول حقهم في العودة إلى أراضيهم، كما عبرت وبشكل صريح في المحافل الدولية وعبر تصريحات مسؤوليها بأن الأونروا تسمح باستخدام مبانيها ومنشآتها لتنظيم أعمال إرهابية ومعادية لإسرئيل - بحسب الوصف الإسرائيلي -.
ورغم أن مبررات قرار تل أبيب يعود إلى اتهامات تم إبطالها مرتبطة بضلوع موظفي الوكالة بأحداث طوفان الأقصى، إلا أن الحقيقة التي تبددت منذ صفقة القرن عام 2020 هي أن مشكلة تل أبيب مع الوكالة تكمن في تبني الأخيرة لفكرة عودة الفلسطيني وتأسيس أجيال على ذلك.
وبحسب صحف عبرية، فإن مشكلة تل أبيب الرئيسية مع الأونروا هي اعترافها القائم والمستمر بضرورة عودة الفلسطيني إلى دياره ونقل ذلك من جيل لآخر عبر خدماتها التي تقدمها، وتشير مقدمة صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية أن قرار إسرائيل تجاه إنهاء الوكالة قد يكلفها اليوم خروجها كدولة من الأمم المتحدة.
وتعتبر وكالة الأونروا الوكالة الوحيدة التابعة للأمم المتحدة التي تقدّم الدعم لجماعة واحدة من اللاجئين، وهي الوحيدة -كمنظمة إنسانية- شاهدة على محنتهم، إضافة إلى أنها عنوان الالتزام الدولي بمعالجة وضعهم، لاسيما تطبيق القرار 194، والذي نص على عودة اللاجئين إلى أراضيهم أو إعادة توطينهم مع التعويض.
الأردن: قرار إسرائيل اغتيال سياسي
ورغم أن معظم التصريحات الدولية حول قرار إسرائيل بوقف عمليات الأونروا في أراضي فلسطين المحتلة كانت تستند إلى الجانب الإنساني، والتحذير من مصير مجهول للخدمات المقدمة لآلاف اللاجئين الذين لن تستطيع الوكالة تقديم خدماتها إليهم، إلا أن الأردن انفرد بتحذيراته واعتبر أن القرار الإسرائيلي لا تتوقف تبعاته عند الجانب الإنساني فقط، بل يتجاوزه إلى الاغتيال السياسي للقضية الفلسطينية.
وفي جلسة طارئة دعا لها الأردن اليوم الخميس لمجلس جامعة الدول العربية، قال مندوب الأردن في جامعة الدول العربية أمجد العضايلة أن المس بحصانة الأونروا يمثل اغتيالا سياسيا، وأن التشكيك بعملها وإلصاق التهم لها بالإرهاب، لا يمكن أن يقابل بالصمت.
ولفت وزير الخارجية أيمن الصفدي في العديد من المحافل الدولية أن ما يتم تجاه الأونروا، يستهدف وجودها وكيانها وحصانتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
إسرائيل تستغل حرب غزة لإنهاء الأونروا في الداخل الفلسطيني
واعتبر المستشار الإعلامي لوكالة الأونروا عدنان أبو حسنة في بيان صحفي أمس إن وكالة الغوث أصبحت أحد أهداف الحرب في قطاع غزة وأن الاحتلال بِقرارته الأخيرة يستهدف رأس الوكالة، وأنه بهذا القرار يسعى لتصفية مفهوم الحل السياسي وحل الدولتين وحق تقرير المصير. يذكر أن لوكالة الأونروا في القدس المحتلة مدارس وعيادات ومعهد تدريب.
قلق دولي "إنساني" فقط من إنهاء إسرائيل للأونروا
من جهته، اكتفى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بحث إسرائيل على السماح باستمرار أنشطة الأونروا.
كما أعلنت النرويج أنها ستقدم مشروع قرار إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، لطلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية حول مدى قانونية تصرفات تل أبيب بمنعها وصول المساعدات الإنسانية للفلسطينيين.
وكانت سبع دول أوروبية قد حذرت من قرار الكنيست الإسرائيلي باعتباره تهديدا للخدمات التي تقدم لآلاف اللاجئين الفلسطينيين.
اقرأ المزيد..بطلب أردني، الجامعة العربية تبحث الرد على قانون إسرائيلي بحظر الأونروا.