المتحور دلتا ينتشر بين رفع القيود وفرض الإجراءات الاحترازية

الصورة
المتحور الهندي
المتحور الهندي
المصدر

بات متحور فيروس كوفيد 19 المعروف باسم المتحور الهندي دلتا مصدر قلق كبير لخبراء الصحة العامة منذ بداية الوباء.

وتسببت المتحورات الأولية، مثل سلالات المملكة المتحدة وجنوب إفريقيا، في تفشي المزيد من كوفيد 19 في جميع أنحاء العالم في الوقت الذي شرعت فيه دول كثيرة عبر العالم في تخفيف الإجراءات الاحترازية، والسماح بالتنقل بشكل كامل أو جزئي.

ومع انتشار هذه السلالة خلال فصل الصيف وعودة السياحة في العالم أقدمت دول أخرى على إعادة فرض القيود جزئيا بسبب انتشار الإصابات أو ظهور مخاوف حقيقية لعودة انتشار الفيروس.

المتحور الهندي دلتا أكثر ما يقلق الخبراء

بدأت سلالة المتحور الهندي دلتا في الهند، حيث تسببت في واحدة من أسوأ حالات تفشي العدوى التي شهدها العالم حتى الآن لكنه شق طريقه إلى الغرب، وأصبح الآن السلالة المهيمنة في المملكة المتحدة.

وقامت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية مؤخرًا بترقية المتحور الهندي دلتا إلى تصنيف "متغير مثير للقلق"، حيث كان في السابق "متغيرًا مثيرًا للاهتمام".

يُعرّف مركز السيطرة على الأمراض "المتغير المثير للقلق" بأنه "متغير لديه قابلية كبيرة إلى الانتقال، وهو أكثر شدة فعلى سبيل المثال يؤدي إلى زيادة في نسبة الإدخالات إلى المستشفيات أو الوفيات، كما انه يخفّض الأجسام المضادة التي تم إنشاؤها أثناء العدوى أو التطعيم السابق أو انخفاض فعالية العلاجات أو اللقاحات أو فشل التشخيص في الكشف.

المتحور الهندي

 

لحسن الحظ لا تزال لقاحات كوفيد 19 فعالة ضده المتحورات وأظهرت دراسة حديثة أجرتها الصحة العامة البريطانية أن لقاح فايزر كان فعالًا بنسبة 88٪ ضد الأمراض العرضية من المتحور بعد الأسبوع الثاني من الجرعة الثانية من المطعوم مقارنة بفاعلية 93٪ ضد المتحور البريطاني.

وبالمثل، أظهر لقاح أسترازينيكا فعالية بنسبة 60٪ ومع ذلك، فقد حدد خبراء الصحة العامة الآن نوعًا مختلفًا من سلالة دلتا، والتي تسمى "دلتا بلس".

المتحور الهندي دلتا بلس

تم الآن تحديد حالات متغير دلتا بلس في العديد من البلدان، بما في ذلك الولايات المتحدة وكندا والهند واليابان ونيبال وبولندا والبرتغال وروسيا وسويسرا وتركيا.

تم تحديد ثلاث خصائص مثيرة للقلق لمتحور دلتا بلس والتي تشمل زيادة قابلية الانتقال وارتباط أقوى بمستقبلات خلايا الرئة وتقليل محتمل في استجابة الجسم للمضادات.

للإطلاع على أحدث المتغيرات على متحورات كوفيد 19 في جميع بلدان العالم عبر موقع GISAID  

ويقول خبراء في الأوبئة واللقاحات إن الأدلة المتاحة في الوقت الراهن تشير أن دلتا بلس لا يختلف كثيرًا عن المتحور دلتا إلا في طفرة إضافية واحدة. 

الاختلاف السريري الوحيد  هو أن دلتا بلس لديها بعض المقاومة للعلاج المركب بالأجسام المضادة.

وذكرت منظمة الصحة العالمية (WHO) أنها تتابع التقارير الأخيرة لمتغير  دلتابلس و ينصح الخبراء الناس بالإبقاء على اتباع قيود موفيد 19 والسعي لأخذ المطاعيم في أقرب وقت ممكن إذا لم يتم تلقيحهم بالفعل.

مخاوف عالمية مع اجتياح متحور دلتا دول العالم 

هذا وأعلنت إندونيسيا أمس الثلاثاء عن توجهها لاستيراد الأكسجين بصور عاجلة  من سنغافورة وسط وضع صحي على حافة الانهيار بسبب تزايد ضغط فيروس كورونا وستفرض جاكرتا خلال الأيام القادمة قيودا على الحركة والسفر الجوي الداخلي والعمل المكتبي، مع السماح للقطاعات الحيوية بالعمل كما سجل الكيان المحتل أعدادا متزايدة من الإصابة بالمتحور دلتا واعتبر  القطاع الصحي أن ذلك قد يحمل مؤشرات أن لقاح فايزر الذي استخدمته قد لا يقي كثيرا من احتمالية الإصابة بالمرض بأعراض خفيفة.

روسيا لم تكن بعيدة عن تفشي المتحور حيث سجلت زيادة متنامية في أعداد الإصابات والوفيات، وقالت السلطات الروسية انها بصدد الذهاب نحو مزيد من القيود حتى لا تضطر إلى الذهاب للإغلاق الكلي. 

إقليم كاتالونيا الإسباني أيضا قرر إعادة فرض قيود احتواء الفيروس للحد من ارتفاع عدد الإصابات، تحديدا بين الشباب غير المطعمين وتشهد المملكة المتحدة ارتفاعا في عدد الإصابات الجديدة، محذرة من تسجيل إصابات قد تصل في اليوم الواحد إلى 100 ألف إصابة.

إلا أنها وعلى الرغم من تلك التخوفات أعلنت عن توجهها لإلغاء معظم القيود التي فرضتها من أجل السيطرة على تفشي الفيروس بما فيها إلغاء إلزامية ارتداء الكمامات بدءا من 19 من تموز/يوليو الجاري وإلغاء التباعد الاجتماعي في الأماكن المغلقة مع بقاء العمل عن بعد وإغلاق الحانات الليلية.

ووسط مخاوف فرنسية من موجة  تفش رابعة  مع الانتشار السريع لمتحور دلتا إلا أن السلطات رفعت آخر القيود المفروضة في البلاد لاحتواء الفيروس حيث أصبح متاحا للفرنسيين التسوق بكل حرية كما أصبحت المسارح ودور السينما والمتاحف والصالات الرياضية والمطاعم متاحة أمامهم مع الإبقاء على إلزامية الكمامات في الحفلات الموسيقية. 

أولمبياد طوكيو ليس بمنأى عن مخاوف انتشار الفيروس أثناء البطولة حيث يحاول منظموها جهدهم للسيطرة على الوباء عند انطلاق الأولمبياد هذا الشهر.

وفي استراليا أمرت السلطات بتمديد القيود في سيدني أسبوعا آخر  خشية انتشار المتحور دلتا شديدة العدوى وذلك وسط نقص كبير في إمدادات اللقاح. 

مخاوف عربية

 ومع توسع انتشار المتحورات أعلنت دول عربية عن إجراءات جديدة ففي العراق أكدت وزارة الصحة أن سلالة "دلتا" دخلت البلد فعلياً، وأن زيادة في عدد الإصابات بين فئة الشباب وارتفاع عدد المصابين في أقسام العناية الحثيثة، حيث زادت من 300 إلى 500 حالة إصابة من الشديدة والحرجة في عموم العراق.

وتواجه تونس زيادة في حالات الإصابات الجديدة، حيث أقرت السلطات التونسية حالة العزل العام في بعض المدن خلال الأيام الماضية دون الذهاب إلى فرض الحجر على مستوى البلاد وذلك بسبب الأزمة الاقتصادية التي ألقت بظلالها على الواقع المعيشي للتونسيين على الرغم من ان نسبة إشغال المستشفيات وصلت إلى 93%.

في الأردن أعلن مؤخرا عن تخفيف القيود المفروضة على تنقل المواطنين وفتح مزيد من القطاعات الإقتصادية التي أغلقت بسبب كورونا لكن شريطة الالتزام بإجراءات السلامة وضمن معايير حددتها الحكومة.

وأعلن وزير الصحة فراس الهواري السبت الماضي عن تسجيل 245 إصابة بمتحور "دلتا" منها 222 إصابة في عمّان و إصابات بمحافظتي المفرق والزرقاء مايرفع عدد الاصابات بالمتحور إلى 296 مضيفا أن 87 % من المصابين بـ "دلتا" لأشخاص لم يتلقوا اللقاح وآخرين تلقوا الجرعة الأولى فقط. 

ماذا علينا أن نفعل الآن؟

تشكل المتحورات تهديدًا حقيقيا للجهود المبذولة للسيطرة على الوباء والتخفيف منه. 

وقد تشهد البلدان ذات معدلات التطعيم المنخفضة تفشيا كبيرا.

وفي هذا المضمار يقول الخبراء إنه على الرغم من الطفرات فإنه لا يلزم اتخاذ تدابير خاصة إضافية وإنه يجب أن تستمر القطاعات الصحية في حث المواطنين على تلقي اللقاح للوصول إلى أعلى نسبة من المحصنين، وزيادة المراقبة الجينية لتتبع تطور الفيروس، واتباع السلوك المناسب تجاه كوفيد 19.

00:00:00