توجهت أنظار الإعلام الغربي صباح يوم السبت السابع من تشرين أول إلى قطاع غزة ومستوطنات الغلاف في تغطية إخبارية مكثفة، إلا أن خطابها لم يكن مختلفا عن تصريحات قادتها من تضامن صريح مع دولة الاحتلال الإسرائيلي مقابل إدانة واسعة لمعركة طوفان الأقصى. 

ولم تخف وسائل إعلامية كبرى مثل BBC وCNN وسكاي نيوز ورويترز؛ انحيازها التام لأمن دولة الاحتلال على حساب شعب أعزل محتل والكيل بمكيالين في آن واحد. 

الإعلام الغربي استضاف رئيس البعثة الدبلوماسية الفلسطينية في لندن حسام زملط آملا أن يسمع منه إدانة لحركة حماس ومعركة طوفان الأقصى.

حسام زملط يقرر بأنه قد طفح الكيل

استضافت قناة CNN وقناة سكاي نيوز حسام زملط في حوار حول ما يدور في قطاع غزة ومعركة طوفان الأقصى، ووجه مذيع قناة CNN سؤالا لزملط بشكل مباشر قائلا: هل تدين ما فعلته حماس؟ 

ورد زملط على هذا السؤال بطلبه من الإعلام الغربي التخلي عن الإطار الذي تعمل به تجاه القضية الفلسطينية، مضيفا أن الإعلام الغربي مهووس بإدانة الضحايا المحاصرين منذ عشرات السنين والتغافل عن إدانة الاحتلال المعتدي.

"هذا طرح مكروه ولا أخلاقي حيث الحديث عبر وسائل الإعلام الغربية دائما عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها فقط".

ويضيف حسام زملط قائلا أنه اطلع على عناوين نشرات الأخبار في القنوات الغربية والأمريكية مؤخرا، مشيرا إلى أنها تخلو من صفة الإنسانية موجها دعوته للمذيع بضرورة التوقف عن هذه الصيغة فورا. 

وعند تكرار المذيع على زملط سؤاله هل ستدين حماس؟ اعتبر زملط أن ما يدور عبر الشاشات الغربية مأساوي ومؤسف طالبا من المذيع التوقف عن طرح السؤال، مضيفا: 

"هل حدث وطلبت من المتحدث الإسرائيلي أو المسؤول الإسرائيلي إدانة ما يدور في غزة؟ هل طلبت أو توقعت من الإسرائيليين أن يدينوا ما يقومون بفعله في القدس والضفة المحتلة؟"

"لماذا وسائل إعلامكم والعالم أصم وأعمى عن الجرائم الإسرائيلية وهي أكثر مأساوية بألف مرة من تلك المشاهد التي تبثونها عن إسرائيل".

إسرائيل والعالم كانوا يعلمون أن هذه القيامة قادمة

لماذا هذه المعركة؟ تسأل المذيعة، محمّلة حركة حماس مسؤوليتها، إلا أن زملط أكد أن العالم وإسرائيل كانوا يعلمون أن هذه القيامة قادمة عاجلا أم آجلا، ولم تأخذ الولايات المتحدة الأمريكية التحذيرات التي أطلقها الفلسطينيون مرار وتكرار منذ عشرات السنين على محمل الجد.

زملط: "يتم الحديث عما يدور في فلسطين اليوم فقط لأن إسرائيل بدأت بالتعرض لما يتعرض له الشعب الفلسطيني كل يوم من قتل وأسر واستهداف أراضيهم."

العالم أدار وجهه عن انتهاكات إسرائيل لـ 75 عاما 

وكرر مذيعا الـ CNN وسكاي نيوز لزملط: لماذا قامت حماس بهذه المعركة؟ إلا أن زملط على ما يبدو أدرك أن الإعلام الغربي يريد توجيه الحوار نحو الجانب الاتهامي لحماس الذي حاول المذيعان سحبه له، حيث أكد في إجابته على هذا السؤال قائلا:

"إن الحركة الوطنية الفلسطينية منظمة التحرير الفلسطينية التزمت منذ أكثر من 30 عاما بما طلبه العالم منها، الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف والالتزام بالمفاوضات إلا أن إسرائيل لم تلتزم بالطلب الوحيد الذي طلب منها ولو ليوم واحد، وهو التوقف عن التمدد الاستيطاني."

"لقد قامت إسرائيل بقتل حل الدولتين منذ عشرات السنين".

على العالم تطبيق القانون الدولي بشكل متساو 

وتساءل حسام زملط في حديثه مع مذيع قناة سكاي نيوز، لماذا لا تقوم المملكة المتحدة والولايات المتحدة والغرب عامة بتطبيق القانون الدولي بشكل متساو ومماثل لما تم التعامل معه في الملف الأوكراني الروسي؟ 

"زملط: نحن لسنا أقل إنسانية بل نحن متساوون مع باقي الأمم، فمنذ 75 عاما هناك تدمير بالجملة في غزة، وتزهق آلاف الأرواح".

الحل هو احترام حق الشعب الفلسطيني في الحرية

وفي أكثر من مقابلة يقاطع المذيع زملط ليسأله عن الحل في إيقاف المعركة الدائرة، ليرد زملط بالقول أن الحل الوحيد هو أن يقوم العالم باحترام حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وتأسيس دولتهم.

"على العالم أن يوقف المحاولات الالتفافية فلا يوجد طرق التفافية تؤدي إلى السلام، على المجتمع أن يتحلى بالشجاعة لتطبيق القانون الدولي بشكل متساو."

إسرائيل بصفتها القوى المحتلة هي المسؤولة عن حماية المدنيين

وفي حواره على قناة CNN، حمل المذيع حماس مسؤولية المدنيين الضحايا في غزة، فيما قاطعه زملط قائلا:

"إنه وبحسب القانون الدولي فإن إسرائيل تتحمل المسؤولية الكاملة عن ضمان عدم تعرض أي مدني للضرر، إلا أنها قامت بفعل عكس ذلك لمدة 75 عاما".

اسمحوا لقضاة المحاكم الجنائية بالحكم

وأضاف زملط في إجابته على سؤال المذيع، حول ما إذا كان يرى أنه يجب على حماس التوقف؛ أنه لم ترتكب أي أخطاء أو جرائم، متحديا قضاة المحاكم الجنائية والدولية بالتوجه إلى غزة لإصدار أحكامهم بعد رؤية الواقع وسيقبل الفلسطينيون حينها بحكمهم.

زملط: "العالم والجميع يعلم أن إسرائيل تنتهك كل بند من بنود القانون الدولي وتنتهك أساسيات الإنسانية المشتركة في العالم ولا أحد يهتم، فلماذا يهتم الآن بما تفعله حماس؟"

من قادر على تهدئة الوضع؟

وفي رسالة سياسية مبطنة، يجيب زملط أن واشنطن لا يمكنها أن تكون لاعبا أساسيا في تهدئة الوضع، فهي لا تعد ملف إسرائيل ملفا خارجيا، وإنما داخلي يصب في منتصف جبهتها، مضيفا أن الولايات المتحدة مصرة على ارتكاب الأخطاء ذاتها والفشل ذاته تجاه القضية الفلسطينية اليوم بوقوفها الأحادي إلى جانب إسرائيل.

مضيفا أن البديل هو الحنكة السياسية والشجاعة والتطبيق المتساوي للقانون الدولي.

"على العالم أن يتكاتف لإنهاء هذا الصراع مثلما فعل في كثير من الصراعات، هذا هو الحل".

الغرب يعزز الانقسام الفلسطيني 

وحمل سؤال مذيع قناة سكاي نيوز خطابا تحريضيا واضحا، حيث وجه سؤالا لزملط قائلا: أنتم كسلطة فلسطينية تحت تهديد حماس، ولولا إسرائيل لكنتم في عداد الموتى لأن إسرائيل تحرص على بقائكم، فأنتم الآن على قيد الحياة، فهل ستدين ما تفعله حماس اليوم؟ 

ورد زملط على هذا السؤال بقوله أن ما يقوله الإسرائيليون هو هراء وهرطقة، وأنهم يكذبون طيلة الوقت، مضيفا أنه رغم الخلاف السياسي بين حماس وحركة فتح، إلا أن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في غزة هو ذاته الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس واللاجئون في كافة المناطق.

"المعاناة توحدنا وإنهاء الاحتلال هدفنا جميعا بلا اختلاف، والحديث اليوم ليس على خلاف فلسطيني- فلسطيني وإنما قضية شعب يريد حريته."

الغرب: حماس لن تحقق هدفها من التحرير 

وفي تصدير لوجهة النظر الغربية والأمريكية، يسأل مذيع قناة سكاي نيوز زملط قائلا: إن عملية حماس لن تحقق هدف التحرير وغزة مهددة بالاجتياح اليوم، فكيف تعلق على هذا؟

يجيب حسام زملط أن ذلك يصب في خانة التصريحات الرسمية من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، والتي يجب أن تصرح بشكل واضح أن على إسرائيل احترام المجتمع الدولي والقانون الدولي والكف عن قصف غزة بدلا من تصريحاتها الداعمة لإسرائيل.

"تم القضاء على عائلات بأكلمها وهم نيام في غزة فكيف ترد أمريكا على ذلك؟"

اخرجوا من أراضينا 

وقال زملط خاتما مقابلته على CNN:

"اخرجوا من أراضينا، وقد حان الوقت لتتعلم أمريكا الدروس وتتوقف عن تكرار الأخطاء ونزع صفة الإنسانية عن الشعب الفلسطيني، نحن تحت الاضطهاد ونريد السيادة واسترجاع أراضينا."

هل سيقف عباس خلف تصريحات زملط مدافعا ومؤيدا؟

ويعد حسام زملط ممثلا للسلطة الفلسطينية في لندن، فيما كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد عقد السبت اجتماعا طارئا بالتزامن مع انطلاق معركة طوفان الأقصى أكد خلاله حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه ضد قوات الاحتلال، مجددا التأكيد على أنه لا سبيل للسلام إلا بحل الدولتين.

ولم تعقب السلطة الفلسطينية على الخطاب الذي صدّره زملط عبر مختلف شاشات وسائل الإعلام الغربية والأمريكية، فهل سيقف عباس خلف تصريحات زملط مدافعا ومؤيدا؟