ماذا يعني الاعتراف الروسي بمنطقتي دونيتسك ولوغانسك

الصورة

ترك قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اعترافه باستقلال المنطقتين الانفصاليتين في أوكرانيا( دونيتسك ولوغانسك)، تداعياته على مستوى دول العالم للدخول في صراعات جديدة، وقيام حرب بين روسيا وأوكرانيا والخوف من امتدادها بحدوث حرب شاملة في منطقة شرق أوروبا وربما تتوسع إلى دول أخرى.

والسؤال الذي يطرح ماذا يعني الاعتراف الروسي باستقلال المنطقتين، وهما خارج السيطرة الروسية التي لا يجوز لها قانونيا إصدار مثل هذا القرار الذي أثار أوكرانيا التي طالبت فورا بعقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لاتخاذ قرار بهذا الشأن، وكذلك دول العالم التي ترى أن هذه الخطوة يمكن أن تؤدي إلى اندلاع حرب عالمية ثالثة.

دونيتسك ولوغانسك

يؤكد محللون أن اعتراف روسيا بالمناطق الانفصالية الأوكرانية سوف يعجل بالحرب بين روسيا وأوكرانيا في المنطقة، ويؤدي إلى زعزعة الاستقرار العالمي كونه يشكل انتهاكا للاتفاقيات والقوانين الموقعة بينهما وبالذات بعد وقف الحرب بين الجانبين في عام 2014.

في عام 2014 بعد أن احتلت روسيا جزيرة القرم التابعة إلى أوكرانيا، شجعت مجموعات انفصالية في منطقتي دونيتسك ولوهانسك، للاستقلال عن أوكرانيا وأعلنت نفسها أنها بعيدة عن سيطرة كييف وهي جمهوريات الشعب المستقلة، ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن فإن المنطقتين غير معترف بهما من أي دولة كانت.

بعد إعلان بوتين اعتراف بلاده باستقلال دونيتسك ولوهانسك، كانت مركبات عسكرية تدخل إلى شوارع دونيتسك، إحدى المنطقتين الانفصاليتين في شرق أوكرانيا، وقد شوهدت دبابات صباح اليوم الثلاثاء على مشارف دونيتسك، ومنها خمس دبابات شوهدت في قافلة على أطراف المدينة وفي جزء آخر من المدينة.

في ضوء القرار الروسي أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن بلاده تدرس قطع علاقاتها الدبلوماسية مع روسيا، ومعاقبتها بفرض عقوبات فورية عليها، ومنها وقف لمشروع أنبوب "نورد ستريم 2" لإيصال الغاز الطبيعي الروسي إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق.

رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي الذي أكد أن الاتحاد الأوروبي في طور فرض عقوبات على روسيا، معتبرا أن اعتراف روسيا بالمنطقتين الانفصاليتين في أوكرانيا "انتهاك غير مقبول" لسيادة أوكرانيا.

ويبدو أن الكرملين أخذ رد الفعل بمحمل الجد، حيث حذر من تدهور الوضع أكثر إذا قررت كييف قطع العلاقات الدبلوماسية مع موسكو.

الولايات المتّحدة أعلنت أنها ستفرض عقوبات على موسكو، وأكد ذلك المتحدث باسم البيت الأبيض قائلا "نخطط لإعلان عقوبات جديدة ضد روسيا، ونحن ننسق مع حلفائنا وشركائنا بشأن هذا الإعلان".

 ظل الصراع قائما بين أوكرانيا والمجموعات الانفصالية التي تدعمها روسيا ماليا وعسكريا وحتى في مجال الامدادات الصحية خلال جائحة كورونا، وكانت موسكو تنفي مرارا دعمها لهم وأن تكون طرفا في النزاع، وقتل في هذا الصراع منذ ذلك الوقت حوالي 15000 شخص.

ولكن الآن في ظل الأزمة الحالية ولأول مرة، تعترف روسيا أنها لا تعتبر دونباس (إقليم يقع شرق أوكرانيا) كجزء من أوكرانيا. وهذا يعني أنها تمهد الطريق لإرسال قوات عسكرية إلى المناطق الانفصالية علانية، باستخدام الحجة بأنها تدخل كحليف لحمايتها ضد أوكرانيا، ويعني أيضا أن الانفصاليين سيتطلعون إلى روسيا لمساعدتهم على تحمل السيطرة على أجزاء من مناطق دونيتسك ولوهانسك التي لا تزال تحت سيطرة القوات الأوكرانية، وإذا حدث ذلك، فقد يؤدي ذلك إلى فتح نزاع عسكري بين روسيا وأوكرانيا.

اعتراف بوتين بالمنطقتين خطوة لإعلان الحرب 

إن اعترف بوتين باستقلال المنطقتين وانفصالهما عن أوكرانيا، قد يكون خطوة تحدث شرارة الحرب وتعطي روسيا الفرصة لتدخل عسكري ضد أوكرانيا،فيما يقول مسؤولون أوكرانيون إن الاعتراف الروسي بالمنطقتين، هو بكل وضوح دخول القوات الروسية إلى الأراضي الأوكرانية.

كانت روسيا اعترفت باستقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، بعد انفصالهما عن جورجيا في عام 2008،وقدمت لهما دعما ماليا إلى جانب منح الجنسية الروسية إلى سكانها، حيث استخدمت روسيا الاعتراف بالمناطق الانفصالية لتبرير وجود عسكري مفتوح في محاولة لإحباط تطلعات حلف الناتو في جورجيا إلى أجل غير مسمى عن طريق إنكارها السيطرة الكاملة على أراضيها وهذه الاعتبارات نفسها تنطبق على أوكرانيا.

إحياء الاتحاد السوفيتي.

وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي رزنيكوف الذي قال لقواته العسكرية " إنه سيتعيّن علينا تحمّل الألم وتجاوز الخوف واليأس"، يرى أن خطوات بوتين تشير إلى أن الكرملين يريد إحياء الاتحاد السوفيتي.

وربما أن هذا ما يدور في رأس بوتين الذي قال إن أوكرانيا كانت دائمًا جزءًا من روسيا، وكأنه يلوح إلى إعادة أوكرانيا المستقلة ذات المظهر الغربي لفلك روسيا،بعيدا عن تطلعاته لتكون في حلف الناتو.

وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قال إن الاعتراف يقوض سيادة أوكرانيا الإقليمية، ويشكل انتهاكا للقانون الدولي، وأن ذلك يتطلب استجابة سريعة وحازمة من الولايات المتحدة وحلفاؤها.

السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس-غرينفيلد سخرت من تصريحات بوتين أن مهمة القوات الروسية "حفظ السلام" في منطقتي دونيتسك ولوغانسك، قائلة " إنه يدعوها قوات حفظ سلام. هذا هراء. نحن نعرف ما هي حقيقة هذه القوات".

السفيرة البريطانية في الأمم المتحدة باربرا وودوارد قالت إن المجلس يجب أن يكون متحدا في حث روسيا على "خفض التصعيد" و"احترام التزاماتها".

بينما اعتبر سفير كينيا في الأمم المتحدة مارتن كيماني إن الخطوة الروسية "انتهاك لوحدة أراضي أوكرانيا".

شعرت روسيا بالانتقادات الدولية على ما قامت به من خطوات، ولذلك فإنها بدأت تظهر دبلوماسيتها في التعامل مع الازمة حيث قال الناطق باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، اليوم للصحافيين إن روسيا ما زالت منفتحة على الاتصالات الدبلوماسية على كافة المستويات.. كل شيء يعتمد على خصومنا"،

واعتبرت روسيا أن أي تحرّك تقوم به كييف لقطع علاقاتها الرسمية مع موسكو سيكون "سيناريو غير مرغوب به بدرجة كبيرة وسيزيد من صعوبة كل شيء".

في حال تصاعد الأزمة فلن يقف تأثيرها على أوروبا الشرقية، ولكنها ستؤثر بصورة مباشرة على استقرار قسم كبير من الدول الأوروبية، و دول منطقة الشرق الأوسط.

إقرأ المزيد: أوكرانيا ..توتر يدخل أميركا وروسيا في أفق الحرب

00:00:00