أوكرانيا ..توتر يدخل أميركا وروسيا في أفق الحرب

الصورة
المصدر
آخر تحديث

تركت الأزمة بين روسيا وأوكرانيا تداعياتها على المستوى الإقليمي لجمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة وعلى المستوى الدولي بعد تدخل الولايات المتحدة في الأزمة، الأمر الذي أدخلها في صراع دبلوماسي مع موسكو مع توقعات أن يتطور الوضع إلى حالة من الحرب بينهما يمكن أن تدخل بها دول أخرى حليفة لكل طرف.

وفي ظل ظروف معقدة تغيب عنها لغة الحوار بين الجانبين الأوكراني والروسي، لم تظهر أي بوادر إيجابية لحل الأزمة، حيث تتصاعد الحشود الروسية على الحدود الأوكرانية ووصلت إلى أكثر من 140 ألف جندي على الحدود الشرقية لأوكرانيا، ورغم نفي الجانب الروسي لأي خطط لغزو هذا البلد، إلا أن موسكو مستمرة في حشد قواتها.

هذا الوضع دفع وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستين إلى إعلان التزام أميركا بمساعدة أوكرانيا في الدفاع عن نفسها ضد أي هجوم روسي، بما في ذلك إمدادها بأسلحة إضافية مضادة للدروع، حتى أنه توسع في الحديث ليؤكد أيضا التزام أميركا مع حلفائها في الناتو.

روسيا تعزز قواتها على الحدود مع أوكرانيا

ورغم تصاعد التوترات ومواصلة روسيا تعزيز قواتها على الحدود مع أوكرانيا إلا أن وزير الدفاع الأميركي قال يوم أمس للصحفيين ليس بالضرورة أن يفضي هذا الوضع إلى نزاع، في إشارة لوجود وقت ومكان للدبلوماسية، حيث وضع روسيا بين خيارين إما التصعيد أو الحوار.

بدوره رئيس الأركان الأمريكي الجنرال مارك ميلي حذر من قيام روسيا بشن هجوم عسكري واسع النطاق على جارتها أوكرانيا، متوقعا في حال اندلاع حرب ستكون الكلفة البشرية مروّعة وستؤدي إلى عدد كبير من الضحايا.

وزير الدفاع الأوكراني اليكسي ريزنيكوف، أعلن في تغريدة عبر «تويتر» إ أن طائرة أمريكية رابعة تحمل 81 طنا من الذخيرة وصلت إلى بلاده، وأن كييف تنتظر المزيد.

وقال وزير الدفاع الأوكراني في التغريدة "هذه المرة سلمت الطائرة الرابعة 81 طنا من الذخيرة من عيارات مختلفة لأوكرانيا، وفي الأسبوع المقبل، ننتظر الطائرة القادمة من الولايات المتحدة بمساعدة عسكرية تقنية لتعزيز القدرات الدفاعية لأوكرانيا".

كما سبق أن سلمت أميركا 79 طناً من الذخائر والأسلحة لأوكرانيا، بما فيها 300 صاروخ «جافلين» المضادة للدروع، كما تنتظر أوكرانيا من الولايات المتحدة 45 طائرة محملة بالمساعدات العسكرية، وصلت 4 منها إلى كييف حتى الآن، هذا إلى جانب تقديم مساعدات مادية وتقنية عسكرية بقيمة 200 مليون دولار ستنقلها 45 طائرة.

أميركا تساند أوكرانيا ولا تريد لأي طرف أن يقدم أي دعم مهما كان إلى روسيا الطامعة في هذا البلد وسبق أن دخلت في نزاع معها، وقد وجهت الولايات المتحدة تحذيرا إلى بيلاروسيا بأنها سترد بشكل انتقامي في حال ساعدت حليفتها روسيا على غزو أوكرانيا.

جاء هذا الرد على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برياس الذي قال : "لقد أوضحنا لبيلاروسيا أنها في حال سمحت باستخدام أراضيها في هجوم ضد أوكرانيا ستواجه ردا سريعا وحاسما من الولايات المتحدة وحلفائنا وشركائنا".

أوروبا تحركت أيضا لمناصرة حليفتها الأوكرانية التي تسعى إلى التقارب معها والابتعاد عن روسيا، وأظهرت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس مناصرتها لأوكرانيا قائلة "نحن سنواصل مع حلفائنا الوقوف إلى جانب أوكرانيا ونحثّ روسيا على وقف التصعيد والانخراط في مناقشات هادفة".

وحذرت الوزيرة البريطانية، روسيا من الحرب معتبرة أن أي غزو لأوكرانيا لن يؤدي إلا إلى مستنقع رهيب وخسائر في الأرواح، كما حدث في الحرب السوفياتية الأفغانية والصراع في الشيشان.

وفي وقت سابق، تعهد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، بأن تواجه روسيا عقوبات غربية " أشدّ من أيّ أمر قمنا به من قبل" إذا غزت أوكرانيا.

الصراع بين روسيا وأوكرانيا

أوكرانيا منذ أن أعلنت استقلالها عن الاتحاد السوفياتي في آب/ أغسطس 1991 وانتقلت إلى اقتصاد السوق، كانت ولاءاتها واضحة نحو الدول الغربية.

ظهرت أطماع روسيا في هذا البلد مع صعود فلاديمير بوتين إلى السلطة عام 2000، محاولا التدخل بشؤونها السياسية والاقتصادية، وتصاعدت الأمور عندما استولت روسيا على شبه جزيرة القرم في جنوب أوكرانيا في عام 2014، ردًا على قيام الأوكرانيين بإطاحة رئيسهم الموالي لروسيا من خلال الاحتجاجات الجماهيرية.

وبعدها بأسابيع دعمت روسيا تمردا داخل أوكرانيا للمطالبة بالانفصال عن البلاد في منطقة تسمى دونباس شرق أوكرانيا، مما أدى إلى اشتباكات أدت إلى مقتل نحو 14 ألف شخص منذ عام 2014، واضطر ما لا يقل عن مليوني شخص إلى الفرار من ديارهم.

واتهمت أوكرانيا والغرب، روسيا التي القت بكل ثقلها لإنجاح التمرد بأنها هي التي تقوم بإرسال قوات وأسلحة لدعم المتمردين وهو اتهام نفته موسكو.

وفي عام 2015 تم التوصل إلى اتفاق سلام بوساطة فرنسا وألمانيا انتهت به المعارك لكن جهود التوصل إلى تسوية سياسية باءت بالفشل، بعد أن اتهمت روسيا الجانب الأوكراني بعدم احترام اتفاقية السلام منتقدة الغرب الذي يدعم أوكرانيا ويشجعها على التمرد، وقد عبر عن ذلك بوضوح الرئيس بوتين وفي أكثر من مناسبة أن أوكرانيا لديها تطلعات للانضمام إلى حلف الناتو، ومن وجهة نظره فإن ذلك يعتبر تهديدًا لحدود روسيا.

ماذا يحدث على الحدود الآن؟

تتمركز القوات الروسية على الحدود الأوكرانية، وأظهرت صور الأقمار الصناعية الحشود الروسية التي تهدد بغزو الأراضي الأوركرانية، على الرغم من أن المسؤولين ينفون ذلك.

الغرب وبالذات الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا ودول في حلف الناتو كلها تهدد بفرض عقوبات على روسيا التي ستدفع ثمنا غاليا في حال غزوها لأوكرانيا لأنها قد تخرج عن نطاق السيطرة.

الرئيس الأميركي جو بايدن ما يزال يرى احتمالية قيام روسيا بغزو أوكرانيا، وأعلن يوم أمس الجمعة، أنه سيرسل عددًا صغيرًا من القوات الأمريكية إلى أوروبا الشرقية ودول الناتو في المدى القريب.

وكان البنتاغون قد وضع حوالي 8.500 جندي أمريكي في حالة تأهب لاحتمال نشرهم في أوروبا وسط حشد عسكري روسي بالقرب من الحدود الأوكرانية.

 أما كبار المسؤولين الأمريكيين يرون أنه يجب التركيز على الدبلوماسية لوقف تهديدات روسيا التي لديها قوات ومعدات على حدود أوكرانيا، فيما تنشط الدبلوماسية الغربية لإنهاء حالة التوتر على الحدود، وقد دعت الولايات المتحدة إلى عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي يوم الاثنين المقبل بشأن أوكرانيا، فيما أعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إنه يعتزم زيارة أوكرانيا الأسبوع المقبل وإجراء محادثات حول الأزمة بين روسيا وأوكرانيا.

 الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي يستبعد الحرب ويدعو إلى عدم تضخيم التوترات حول الغزو الروسي لبلاده، مع أنه يرى التهديد الناجم عن الكرملين لا يزال وشيكا ومستمرا وأكبر مما كان في السابق.

الرئيس الروسي بوتين لا يثق بالغرب ولا بالولايات المتحدة الأميركية، ولكنه يضع ثقته في الرئيس الفرنسي ماكرون الذي يعتبره الشخص الوحيد الذي يمكنه إجراء محادثات جادة معه لإنهاء الأزمة، مع أن أحد المسؤولين الفرنسيين علق أن الحوار صعب مستبعدا أي حلول.

فهل تكون أوكرانيا بوابة لادخال الولايات المتحدة وروسيا في صراع جديد يزعزع الاستقرار في أوروبا الشرقية والعالم الذي ما يزال يعاني من غياب السلم والأمن في ظل غياب حلول سلمية تنزع فتيل الحرب بين الدول المتنازعة؟

 

 

دلالات
00:00:00