مساع لتهجير الغزيين وأهداف مستقبلية لتدمير مصر.. هذا ما تخبئه "إسرائيل"

الصورة
صورة فضائية لشبه جزيرة سيناء والبحر الأحمر وقناة السويس عام 1991
صورة فضائية لشبه جزيرة سيناء والبحر الأحمر وقناة السويس عام 1991

دخل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يومه الـ 24 دون توقف لعمليات القصف العشوائية؛ في ظل سعي الاحتلال الإسرائيلي إلى القضاء على المقاومة الفلسطينية وتهجير سكان قطاع غزة نحو صحراء سيناء وهو ما عبرت مصر عن رفضه بشكل قاطع، فهل يهدف الاحتلال إلى نقل عدوانه إلى الجانب المصري؟ 

وثيقة "إسرائيلية" لتهجير الغزيين

ومع بدء العدوان الإسرائيلي طفت إلى السطح مجددا دعوات "إسرائيلية" صادرة عن جهات رسمية لتهجير أهل قطاع غزة نحو سيناء، وهو ما قوبل برفض عربي صارم. 

وضمنت وزيرة الاستخبارات الإسرائيلية توصياتها لنقل سكان غزة قسرا إلى سيناء فور انتهاء الحرب، وذلك في وثيقة داخلية لأغراض النقاش الحكومي، وفق ما نشرت صحيفة "كالكاليست" الإسرائيلية. 

صورة من الفضاء لشبه جزيرة سيناء والبحر الأحمر وقناة السويس التقطت عام 1991
صورة فضائية لشبه جزيرة سيناء والبحر الأحمر وقناة السويس عام 1991

 وتتضمن التوصيات خطة آلية تهجير الغزيين على النحو التالي: 

  • إنشاء خيام في شبه جزيرة سيناء جنوب غربي قطاع غزة.

  • إنشاء ممر إنساني لمساعدة السكان. 

  • بناء مدن في شمال سيناء.

  • إنشاء منطقة مراقبة بعرض عدة كيلومترات داخل مصر جنوبي الحدود مع "إسرائيل"؛ كي لا يتمكن المهجرون من العودة إلى القطاع.

كما تشير الوثيقة إلى ضرورة تعاون دول أخرى لاستقبال المهجرين من غزة، مثل كندا وبعض الدول الأوروبية كاليونان وإسبانيا ودول من شمال إفريقيا. 

سكان غزة خطر يهدد وجود "إسرائيل"

المحلل السياسي الدكتور منذر حوارات قال إن "إسرائيل" لطالما رأت أن السكان الفلسطينيين هم الخطر الأساسي الذي يتهددها، وقد يؤدي إلى نسف فكرة الدولة اليهودية. 

أوضح حوارات لـ حسنى أن دولة الاحتلال الإسرائيلي كانت دائما تحتاط بخطط جاهزة لتهجير هؤلاء السكان إلى أكثر من اتجاه، حيث كان الاتجاه الأول إلى دول الجوار وهو ما حصل عام 1948 وتكرر في عام 1967. وأكد حوارات أنهم يفكرون اليوم بنكبة جديدة ومشروع هجرة للتخلص من الثقل الديمغرافي الفلسطيني تحت ذريعة أن الفلسطينيين يقاومون الاحتلال، مع أن هذا الفعل حق مشروع لكل من يتعرض للاحتلال. 

وأشار حوارات إلى أن فكرة تهجير السكان إلى صحراء سيناء ليست وليدة اللحظة؛ فمنذ فترة طويلة بدأ الحديث عن "كريدور" في سيناء بمساحة 25 كيلومترا على البحر وبعمق يقترب من عمق غزة حاليا؛ ليكون أراض بديلة، مقابل إعطاء مصر ممرا آمنا إلى بلاد الشام لا تتدخل به "إسرائيل" إلا أن مصر كانت دائما ترفض هذا المقترح كما هو الحال اليوم. 

واعتبر حوارات أن تحقيق هذا المخطط أمر صعب، وسيبقى على الورق نتيجة رفض الطرفين المصري والفلسطيني له، حيث ترفض مصر أن تكون أراضيها مكانا لتوطين الفلسطينيين، كما يرفض الفلسطيني مغادرة أرضه لا سيما بعد أن ذاق هذا الأمر مرتين وفي اتجاه واحد مما جعله مدركا للنتائج. 

وقال حوارات إن "إسرائيل" تحاول اختلاق الذرائع لتهجير سكان الضفة الغربية إلى الأردن، إلا أن محاولاتها تبوء بالفشل؛ لأن الفلسطيني يمتلك اليوم قاعدة وعي تختلف عن أي مرحلة تاريخية سابقة، وهو مدرك لمعنى تواجده الجسدي في فلسطين المحتلة، ويعلم أن هذا التواجد يعد شكلا من أشكال المقاومة. 

هل تسعى "إسرائيل" إلى نقل نزاعاتها إلى مصر؟

اختيار الاحتلال الإسرائيلي لشبه جزيرة سيناء كمكان لتهجير الغزيين، أثار تساؤلات حول مساعي الكيان المحتل المستقبلية فيما يتعلق بخططه التوسعية وغاياته الرامية إلى نقل نزاعاته مع المقاومة إلى داخل الأراضي المصرية. 

حوارات أشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو صرح في وقت سابق عن وعد النبي إشعياء الذي يتحدث عن خراب وتدمير كل من دولتي مصر وأثيوبيا. وأوضح أن العقلية اليهودية تحمل رغبة بالانتقام من مصر عبر التاريخ؛ باعتبارها قوة راكزة مستقرة وتشكل خطرا استراتيجيا على "إسرائيل" بغض النظر عن معاهدة السلام الموقعة بين الجانبين. مبينا أن مصر تعد اليوم هدفا استراتيجيا تحاول "إسرائيل" تدميره؛ لا سيما بعد فشل عمليات التطبيع مع الشعب المصري.

هل تكون سيناء أرضا للعدوان الإسرائيلي؟

وأثارت خطط تهجير سكان غزة إلى سيناء مخاوف من محاولات توسع مستقبلية لدولة الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة؛ لا سيما وأن اتفاقية السلام الموقعة بين الجانب المصري والإسرائيلي قللت من الوجود العسكري المصري في سيناء وتحديدا المنطقة (ج) المحاذية للحدود مع فلسطين المحتلة. 

الدكتور منذر حوارات نفى ما يشاع حول امتلاك "إسرائيل" حق تنفيذ عمليات عسكرية داخل أراضي سيناء وتحديدا المنطقة (ج). وأكد لـ حسنى أنه لا يحق "لإسرائيل" أن تنفذ أي عمل عسكري عدائي ضد أي دولة عربية وضد أي مواطنين عرب، مبينا أن إقدام "إسرائيل" على هذا العمل يعد مخالفا للقانون الدولي ويمس السيادة المصرية على أراضيها. 

ومن الجدير ذكره أن اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية "كامب ديفيد" أثرت على الوجود العسكري المصري في سيناء؛ وذلك بفعل القيود المفروضة على حجم القوات المصرية وتوزيعها في سيناء التي قسمت إلى ثلاث مناطق: (أ ب ج) ونصت المعاهدة على ما يأتي: 

"تقام ترتيبات أمن متفق عليها بما في ذلك مناطق محدودة التسليح في الأراضي المصرية أو الإسرائيلية وقوات أمم متحدة ومراقبون من الأمم المتحدة". 

أما تفصيل ذلك فقد ترك لبروتوكول إضافي سمي بـ "الملحق الأول"، ومن الجدير بالذكر أن المعاهدة تتيح تعديل ترتيبات الأمن المتفق عليها حسب طلب أحد الطرفين وبناء على اتفاق بينهما، حيث فصلت المادة الثانية من البروتوكول ترتيبات الأمن في شبه جزيرة سيناء بعد الانسحاب الإسرائيلي منها، من خلال ثلاث مناطق يتدرج فيها الوجود العسكري والأمني المصري من الغرب حيث قناة السويس حتى الحدود الشرقية مع "إسرائيل" بالإضافة إلى منطقة رابعة في العمق الإسرائيلي.

سيناء في معاهدة السلام المصرية
سيناء في معاهدة السلام المصرية/ الإسرائيلية | وكالة الأناضول

التواجد العسكري المصري في المناطق الثلاث من سيناء

ويتدرج التواجد العسكري المصري في المناطق الثلاث من سيناء على النحو التالي:

المنطقة أ

تنحصر هذه المنطقة بين قناة السويس وخليج السويس إلى الخط (أ) الذي يمتد من شرق قرية قاطية إلى جبل قديرة، مرورا بقريتي الجفجافة وقرى صدر الحيطان وجبل بوضيع وجبل كيد إلى شرم الشيخ جنوب سيناء.

وحسب البروتوكول الأمني توجد قوات عسكرية مصرية في هذه المنطقة، وهي مكونة من فرقة مشاة ميكانيكية واحدة ومنشآتها العسكرية بالإضافة إلى تحصينات ميدانية.

المنطقة ب

تنحصر هذه المنطقة بين الخط (أ) والخط (ب) الممتد من مدينة الشيخ زويد شرق العريش إلى قرية أبو عويقيلة في مركز الحسنة، وتمر بجبل الحلال "نخل" لتصل الخط (أ) عند جبل كيد "نخل" ثم تنطبق عليه حتى مدينة شرم الشيخ. 

وحدات الحدود المصرية هي المسؤولة عن أمن هذه المنطقة، وهي مكونة من أربع كتائب مزودة بأسلحة خفيفة مع مركبات تساعد الشرطة المدنية في المحافظة على نظام المنطقة، ويصل مجموع العناصر الرئيسية المكونة لكتائب الحدود إلى 4 آلاف فرد. 

المنطقة ج

تنحصر المنطقة (ج) فيما بين الخط (ب) والحدود المصرية مع كل من قطاع غزة والاحتلال الإسرائيلي من رفح إلى طابا، ومن الشاطئ الغربي لخليج العقبة حتى شرم الشيخ، وتتمركز فيها القوات متعددة الجنسيات والشرطة المدنية المصرية فقط.

وحسب البروتوكول فإن الشرطة المدنية المصرية المسلحة بأسلحة خفيفة تتولى أداء المهام العادية للشرطة داخل هذه المنطقة، دون وجود عسكري إلا باتفاقات خاصة بين البلدين.

شبه جزيرة سيناء تقسيم كامب ديفيد
شبه جزيرة سيناء تقسيم كامب ديفيد | الشرق الآن

كيف ستتعامل مصر مع هذا المخطط؟ 

الجانب المصري أعلن بشكل مباشر عن رفضه المطلق لمحاولات تهجير سكان قطاع غزة نحو الأراضي الفلسطينية، معتبرا أن هذه المحاولات تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن تهجير سكان غزة مرفوض من قبل الجانب المصري؛ لأنه سيصفي القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن ملايين المصريين يدعمون هذا الموقف الرسمي. 

وأوضح السيسي أن مصر ترفض إنهاء القضية الفلسطينية بالوسائل العسكرية أو التهجير القسري، على حساب أي دولة من دول المنطقة. مشيرا إلى خطورة هذا المخطط في حال تطبيقه؛ نظرا إلى أنه سيؤدي إلى ممر مماثل في الضفة الغربية من خلال تهجير سكانها إلى الأردن، وهو ما سيجعل مشروع الدولة الفلسطينية غير قابل للتطبيق؛ بحكم عدم وجود شعب. 

وتلقب شبه جزيرة سيناء بأرض الفيروز، وهي شبه جزيرة صحراوية مثلثة الشكل تقع غرب آسيا، في الشمال الشرقي من جمهورية مصر العربية، وتعد الجزء الوحيد من مصر الذي يتبع قارة آسيا جغرافيا، فيما تبلغ مساحتها حوالي 60088 كلم2 أي ما يعادل نسبة 6% من مساحة مصر الإجمالية.

خريطة شبه جزيرة سيناء
خريطة شبه جزيرة سيناء | الأناضول

اقرأ المزيد.. بحر غزة.. الشاهد الأبرز على وهن الاحتلال الإسرائيلي أمام كوماندوز المقاومة

00:00:00