غزة 15 عاما ً ..حصارٌ لا يطاق معه العيش

الصورة

 في الوقت الذي تواجه فيه غزة آلة الحرب الإسرائيلية التي تصب نيرانها على رؤوس الغزيين دون أدنى شعور بالرحمة والإنسانية كشف المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان (منظمة دولية) مقرها جنيف في تقرير تداعيات حصار غزة، والذي جاء بعنوان "خنقٌ وعزلة"، آثار الحصار الإسرائيلي، مقارنًا الظروف المعيشية لسكان القطاع قبل الحصار، مع الوضع القائم بعد 15 عامًا ، ومع إطلاق "حسنى"  حملة "غزة معاً ننصرها" بالتعاون مع اللجنة العليا للإعمار في فلسطين نعيد تسليط الضوء على ما جاء في التقرير الذي يكشف زيف الديمقراطية الاسرائيلية ،

للكيان المحتل  تاريــخ طويــل فــي عــزل قطــاع غــزة الــذي تعــرض لإغلاقات عديــدة خلال العقديـن الماضيـين، لكــن الحصــار المشــدد الــذي بــدأت بفرضــه عقــب فــوز حركــة حمــاس فــي الانتخابات التشــريعية عـام 2006 كان شكلا غيـــر مســـبوق مــــن أشــــكال العقــــاب الجماعــــي،  لأهل غزة وقـــررت فــرض عقوبــات إضافيــة علــى  حكومة حمـاس ، ففرضـــت القيـــود علـــى دخـــول الوقـــود و البضائع و حركـــة المواطنـــين مـــن و إلـــى غزة.

و على مر السنين، عملـت سـلطات الاحتلال  علـى ترسـيخ سياسـة عـزل قطـاع غـزة، مـن خلال فصلـه عـن الضفـة الغربيـة فيمـا سـمي بــ"سياسـة الفصـل ". ترتـب عـن تلـك السياسـة التضييـق علـى دخـول و خــروج الفلســطينيين مــن و إلــى قطـاع غــزة، و منــع الطلاب الجامعييــن فــي غــزة مــن تلقــي التعليـم فـي جامعـات الضفـة الغربيـة، كمـا جـرى منـع العديـد مـن الأكاديميين و الطواقـم الطبيـة وا لخبـراء مـن التنقـل، بالإضافة إلـى حرمـان الغالبيـة العظمـى مـن العائلات داخـل و خـارج القطـاع مـن الالتقاء و لـم الشـمل.

 غزة حياة شبه مستحيلة بعد 15 سنة من الحصار

وبموجب القانون الدولي، فإن  "إسرائيل" تُعدّ قوة محتلة بالرغم من أنها "انفصلت" بالفعل عن قطاع غزة عام 2005؛ إلا أنها لا تزال تسيطر على منافذ القطاع البرية و البحرية و الجوية. و بالمثل، فهي تسيطر على السجل السكاني في غزة و شبكات الاتصالات و العديد من الجوانب الأخرى للحياة اليومية و البنية التحتية. وبدلاً من القيام بواجبها في حماية السكان المدنيين في قطاع غزة، و ضعت  سلطات الاحتلال الاسرائيلي الفلسطينيين تحت الحصار الخانق الذي يمثّل شكلاً غير مسبوق من العقاب الجماعي في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.

تدهور الوضع الإنساني وتردي الخدمات الأساسية في غزة 

 بلغ مجموع عدد ساعات انقطاع التيار الكهربائي في اليوم الواحد من 8 إلى 12 ساعة ،  كما أن نسبة أسرة المستشفيات بلغت 1.4 لكل 1000 شخص من مقارنة ب 3 في عام 2005  قبل فرض الحصار ,  كما أن 7 من أصل 10 عائلات في قطاع غزة تعاني من اانعدام الأمن الغذائي كما ان نسبة العجز  في الأرصدة الدوائية بلغت 47% مقارنة مع 16% عام 2005 ، بينما بلغت نسبة العجز بالمستهلكات الطبية ما نسبته 33% ، و68% هي نسبة العجز  في الخدمات الطبية المقدمة لمرضى السرطان،  فيما انخفض معدل شفاء الناسء المصابات بسرطان الثدي إلى 42% مقارنة مع 60% عام 2005 .

 

قيود و تضييق على المعابر الحدودية 

 

 

القيود المفروضة على حركة البضائع و الأشخاص على حد سواء هي تحديات طويلة الأمد تواجه الفلسطينيين، كان تنقـل الأفراد و البضائـع مـن و إلـى القطـاع

يتـم عبـر 6 معابـر؛ و هـي بيت حانون/ إيـرز، كارنـي، ناحـل عـوز، كـرم أبـو سـالم، ومعبر صوفـا علـى الحـدود مـع  الكيان المحتل، بالإضافة إلـى معبـر رفـح علـى الحـدود مـع مصـر و بعد الحصار، أغلقت جميع المعابر ما عدا معبري رفح وإيرز اللذان خصصا لتنقل الأفراد، ومعبر كرم أبو سالم الذي خصص لنقل البضائع.

شهد عام 2020 انخفاضًا حادًا في حركة المسافرين عبر معبر رفح مقارنة بالعام الذي سبقه (نحو 4200 مسافر شهريًا عام 2020 مقابل 12 ألف عام 2019)، و استمرت السلطات المصرية بفرض قيود مشددة على عدد و نوع الأشخاص المسموح لهم بالسفر. ونتيجة لذلك، يتعين على العديد من الفلسطينيين في غزة دفع "رسوم تنسيق" (غير رسمية) باهظة حتى يتمكنوا من المغادرة في أيام فتح المعبر القليلة والمتباعدة. وعلاوة على ذلك، يتعامل أفراد الأمن المصري مع المسافرين الفلسطينيين على نحو غير إنساني، ويخضعوهم لتفتيش متكرر ومهين، إذ تتسبب هذه الممارسات بإطالة مدة الرحلة بين معبر رفح ومطار القاهرة حتى 72 ساعة في بعض الحالات (لا تستغرق أكثر من 6 ساعات في الوضع الطبيعي).

 وتشير الاحصائيات الرسمية أن 28% فقط من طلبات الحصول على تصاريح من قبل المرضى الفلسطينيين للسفر عبر معبر إيرز تمت الموافق عليها في عام 2020 مقارنة ب 97% في عام 2005 ، و قد استغرقت معاملة النظر في طلبات المرضى 23 يوما للحصول على تصريح لتلقي العلاج خارج غزة عبر معبر إيرز ،  وب لغ عدد من سمح لهم بالسفر شهريا عبر نفس المعبر 4600 شخص سُمح لهم بالسفر شهريًا عبر معبر إيرز خلال 2020، مقارنة بـ 30،000 في عام 2005 كما أن عدد حالات الوصول والمغادرة شهريًا عبر معبر رفح عام 2020،  بلغت 4245 مقارنة بـ 40،000 عام 2005.

 

تدهور الوضع الاقتصادي في غزة

 

 

دخل اقتصاد قطاع غزة في ركود عام منذ فرض الحصار الإسرائيلي، ما أدى إلى إغلاق شبه كامل للمعابر التجارية و قيود شديدة على حركة التجار و رجال الأعمال، و فاقمت الهجمات الإسرائيلية الثلاث الكبرى من الأزمة، وشلّت جميع المصالح الاقتصادية خلال الهجمات. آثار الهجمات – تمثل معظمها في تدمير المصانع و الشركات و فقدان الوظائف - استمرت لفترة طويلة بعد إعلان وقف إطلاق النار. أما على مستوى الاقتصاد الكلي، فقد بلغت مساهمة قطاع غزة في الناتج المحلي الإجمالي لفلسطين أقل من 18٪ بنهاية عام 2020. 

ضاعفت جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيـد 19) و التي بدأت بالتفشي داخل القطاع في آب 2020 من الأزمات التي يعاني منها اقتصاد القطاع، إذ تسببت إجراءات الإغلاق لدواعي الوقاية بزيادة معاناة العمال الذين يعملون بنظام المياومة.

و بحسب اتحاد نقابات العمال فــي قطاع غزة، فقد نحو 160 ألف عامل أعمالهم أو توقفوا عن العمل بشكل مؤقت بسبب الإغلاق. إلى جانب ذلك، فإنّ الأجور اليومية التـي يتحصّل عليها هؤلاء العمال تجعلهم غير قادرين على مواجهة ظروف الإغلاق، خاصة أنّ متوسط الأجر اليومي للعامل يعادل 3 $، وهو ما لا يتناسب مع الظروف المعيشية الصعبة وغلاء الأسعار.

و قُدّرت التكلفة الاقتصادية للاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة خلال العقد الماضي، وفقا لتقرير  "الأونكتاد" الصادر في 25 تشرين الثاني 2020 بـ 16.7 مليار دولار، وهو ما يعني أن نصيب الفرد الواحد من الخسائر الاقتصادية بفعل الحصار بلغ نحو 9 آلاف دولار، سبّبها الإغلاق طويل الأمد و العمليات العسكرية التي تعرض لها القطاع خلال فترة الحصار و بلغت نسبة البطالة بحلول العام 2021 نحو 49% مقارنة بــ23%  عام 2005، كما ان 80 % من سكان القطاع يعتاشون على المساعدات والمنح، حيث أن نسبة الفقر وصلت إلى 56% بحلول العام 2021 مقارنة مع 40 % عام 2005 كما أن معدل الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر في قطاع غزة أكثر بمرتين منه في الضفة الغربية.

منطقة الاحتلال العازلة تعيق عمل المزارعين

فرضت سلطات الاحتلال"منطقة عازلة" على طول الحدود الشرقية داخل قطاع غزة،و يُحظر على جميع الفلسطينيين الحركة فيها.

 

 

الحدود الفعلية لهذه المنطقة الأمنية ليست واضحة، وكذلك الحال في البحر حيث يعمل الصيادون، ويبدو أنّ حدود تلك المناطق تتغير بشكل دائم. حتى عام 2008، كان يُسمح بمرور المشاة لمسافة تصل إلى 300 متر من السياج، و يمكن للمزارعين الاقتراب من مسافة 100 متر أثناء عملهم. ومع ذلك، ومع شن الاحتلال الإسرائيلي لأول هجوم واسع في ديسمبر 2008، فرض الاحتلال على الفلسطينيين الابتعاد عن السياج لمسافة تصل إلى 1000-1500. وتمثل تلك الأراضي "العازلة" حوالي 35٪ من أراضي غزة الصالحة للزراعة.

ودمرت القوات الإسرائيلية أو لوثت الكثير من تلك المساحة. بعد الهجوم العسكري الواسع عام 2012، خففت إسرائيل هذه القيود، ولكنها عاودت فرضها مرة أخرى في وقت لاحق. وبغض النظر عن الحدود الرسمية، غالبًا ما تستهدف قوات الاحتلال بشكل دوري حتى المزارعين الذين يعملون في المناطق المسموح بها. بالإضافة إلى ذلك، يرشّ الكيان المحتل بشكل متكرر خلال العام مبيدات الآفات من الطائرات على الأراضي الفلسطينية على طول الحدود ما يتسبب بتلف المحاصيل الزراعية، حتى التي تتواجد في المناطق التي تبعد أكثر من 300 متر عن السياج، وهو ما .يعني تهديد مصدر الرزق الوحيد للمزارعين و تشير الأرقام إلى أن 35 % من الأراضي الصالحة للزراعة محظور العمل فيها ،  كمأ ان نصيب المزارع في غزة من إجمالي الناتج المحلي لا يتعدى الــ5% و 13723 دونم من المحاصيل الزراعية تضررت بحلول عام 2018،  كما تضرر 70% من الماشية التي ترعى في المنطقة العازلة .

 

العمليات العسكرية على قطاع غزة خلال فترة الحصار

خلال الـ 15 سنة الماضية، شنت قوات  الاحتلال ثلاث هجمات رئيسية على قطاع غزة: في 2008 -2009 و2012 و2014. ووقعت هجمات جوية وبرية متفرقة بينهما.

عملية الرصاص المصبوب (2008-2009)

بدأت أولى الهجمات الكبرى في 27  كانون الأول 2008 و استمرت 21 يومًا - وانتهت في 18 كانون الثاني 2009. وعلى مدار الأسابيع الثلاثة، أسقطت القوات الإسرائيلية حوالي مليون كيلوغرام من المتفجرات على القطاع، ما تسبب باستشهاد 1،436 فلسطيني و إصابة حوالي 5،400 آخرين بينهم عدد كبير من النساء و الأطفال، وتدمير نحو 4100 منزل وتضرر 17500 منزل آخر.

عملية عمود السحاب (2012)

بدأ الهجوم في 14 تشرين الثاني 2012 ، و استمر ثمانية أيام حتى تشرين الثاني 2012. و قتلت غارات سلاح الجو الإسرائيلي 162 فلسطينياً، وأصابت ما يقرب من 1300 ، ودمرت 200 منزل بشكل كلي، 1500 منزل آخر بشكل جزئي، خلال تلك الفترة.

عملية الجرف الصامد (2014)

بدأ الهجوم الإسرائيلي الأطول و الأكثر فتكاً على غزة في 8 من تموز  2014، واستمر 51 يومًا - وانتهى في 26 من آب 2014. وثق خلالها 60،664 هجوما بريا وجويا و بحريا أسفر عن استشهاد 2147 فلسطينيًا (قتلت أسر بأكملها في بعض الحالات) و جرح 10870 آخرين. وتضرر 17123 منزلا، منها 2465 دمّر بشكل كلي.

 

تداعيات أزمة الكهرباء

تعود أزمة الكهرباء في قطاع غزة إلى بدء الحصار في عام 2006، عندما قصفت القوات الإسرائيلية المحولات الستة الرئيسية في محطة الطاقة الوحيدة. وعلى الرغم من الإصلاح الجزئي للمحطة، إلا أن هناك نقصًا في الوقود اللازم لتشغيلها ما يتسبب في عجز كبير في إمدادات الطاقة الكهربائية، إذ تصل ساعات انقطاع التيار الكهربي إلى 12 ساعة في اليوم.

 

 30 % من سكان غزة محرومون من حقهم في المياه نتيجة انقطاع الكهرباء المستمر، اقل من نصف كمية الوقود اللازمة لتشغيل محطة توليد الطاقة في غزة بكامل قدرتها متوفرة، 100 مليون لتر من مياه الصرف الملوثة (غير المعالجة) يتم ضخها يوميًا في البحر الأبيض المتوسط بسبب نقص الطاقة، ما يتسبب في تلوث الشواطئ و أجبرت أزمة الكهرباء المستشفيات على تأجيل العمليات الجراحية غير الطارئة، وبالتالي زادت فترة الانتظار المقدرة ب 16 شهرًا بحلول بداية عام 2021، مقارنة بـ 3 أشهر في عام 2005.

 

00:00:00