هل ينجح مجلس الأمن في امتحان تطبيق المبادئ التي يتبناها في غزة؟

الصورة
مجلس الأمن في إحدى جلساته
مجلس الأمن في إحدى جلساته

هل يمكن تغيير تركيبة مجلس الأمن التي تدعم "إسرائيل"؟

منذ بدء العدوان الغاشم على غزة من قبل طائرات وجيش الاحتلال الإسرائيلي في السابع من تشرين أول الحالي، عقد مجلس الأمن عدة جلسات إلا أنه لم ينجح في أي منها في استصدار قرار يلزم "إسرائيل" بوقف حربها على المدنيين في القطاع. 

وعقد مجلس الأمن أمس جلسة على مستوى الوزراء حضرها رؤساء الوزراء ووزراء خارجية للدول الأعضاء وغير الأعضاء وغير الدائمين، وعلى رأسهم من الدول العربية نائب رئيس وزراء الأردن ووزير خارجيتها أيمن الصفدي، ووزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي الإماراتية ريم الهاشمي، وتمثل الإمارات اليوم مقعد الدول العربية لغير الأعضاء في المجلس.

الصفدي: على مجلس الأمن أن ينتصر للعدل والإنسانية 

وقال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في كلمته أن مجلس الأمن اليوم أمام امتحان للمبادئ التي يتبناها، إما أن يتخذ قرارات ينتصر فيها للعدل والقانون والإنسانية أو أن يقول عبر صمته "أنه يحق لإسرائيل ما لا يحق لغيرها".

ودعا الصفدي مجلس الأمن إلى اتخاذ قرار حاسم واضح بإدانة قتل المدنيين من الجانبين ووقف الحرب ومنع تجويع الفلسطينيين وتعطيشهم، ودعا الصفدي المجلس قائلا:

"ليتخذ المجلس اليوم موقفا واضحا ويطمئن به 2 مليار عربي ومسلم أن القانون الدولي يطبق دون تمييز ودون انتقائية".

الإمارات: يجب عدم النظر لهذه الحرب بمعزل عن الوضع القائم منذ 6 عقود

وتحدثت وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي الإماراتية ريم الهاشمي نيابة عن المقعد العربي في المجلس، حيث بينت في كلمتها ضرورة اعتماد قرار فوري لوقف النار والحرب على الفلسطينيين في قطاع غزة.

واستشهدت الهاشمي بقولها أن مجلس الأمن تأخر في حرب 1967 في اعتماد قرار لوقف الحرب، ما ساهم في انطلاق أطول احتلال عسكري مستمر إلى يومنا هذا.

غوتيريش: هجمات حماس لم تحدث من فراغ

من جهته دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى تبني قرار لوقف إطلاق نار إنساني -حسب وصفه-، قائلا لأول مرة إن هجمات حماس لا تبرر لإسرائيل القتل الجماعي الذي تشهده غزة مضيفا: 

"من المهم أن ندرك أن هجمات حماس لم تحدث من فراغ"

تركيا: مجلس الأمن يفاقم الأزمة

واعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في خطاب له أمس أن مجلس الأمن بات يفاقم الأزمة في قطاع غزة، وذلك إثر موقفه المنحاز، كما أنه تسبب بما وصفها بأسوأ ضرر لسمعة الأمم المتحدة.

هل سيتخذ مجلس الأمن قرارا يوقف الحرب؟

ويرى الأستاذ الدكتور محمد الموسى الخبير في القانون الدولي أن مجلس الأمن يعاني من تركيبة تحتم النتائج التي نشهدها اليوم، والتي تتمثل بعدم التبني لأي قرارات تدين الاحتلال وجرائمه، مبينا أن مجلس الأمن المنوط به حفظ السلم والأمن الدوليين، تم إنشاؤه بناء على نموذج توازن القوى والتفاهم بين الدول التي انتصرت في الحرب العالمية الثانية، وهي تركة للحرب العالمية لا يمكن اليوم تفتيتها.

ويعتقد الموسى أن تفاهم الدول الأعضاء الخمسة التي تمتلك حق النقض الفيتو هي بمنزلة تفاهم حكومة للعالم؛ إن توافقت على أمر يخضع لها القانون الدولي، وإذا لم تتوافق يتم تعطيل القانون إلى مالانهاية، مضيفا:

"الحالة التركيبية لمجلس الأمن مرتبطة بالنظام الليبرالي والاستعماري الذي يقف إلى صف "إسرائيل" اليوم، وهناك أوجه نواقص ومثالب في تركيبة مجلس الأمن في الإطار القانوني الناظم لعمله".

 جل ما اتخذه مجلس الأمن تجاه القضية الفلسطينية توصيات لا قرارات

ويستند عمل مجلس الأمن على فصلين في ميثاق الأمم المتحدة هما:

  •  الفصل السادس، والذي يتبنى فيه مجلس الأمن توصيات غير ملزمة تعتقد فيه أن استمرار الوضع الراهن قد يهدد الأمن والسلم الدوليين.

  • الفصل السابع، والذي يتبنى فيه مجلس الأمن قرارات ملزمة ويتبعها بملاحقة قانونية ودولية للدول غير المنفذة، ويعتقد المجلس في هذه الحالة أن الوضع الراهن يهدد الأمن والسلم الدوليين بشكل كبير وحقيقي.

وأضاف الموسى في المقابلة التي أجرتها معه حسنى اليوم أنه من المؤسف أن السواد الأعظم من المواقف التي يتبناها مجلس الأمن منذ بدء القضية الفلسطينية يتبع للفصل السادس، ويعد كل ما يصدر عن المجلس في سياق القضية الفلسطينية محض توصيات غير ملزمة.

اقرأ المزيد.. لمن السيادة على معبر رفح وكيف تمنع إسرائيل دخول المساعدات؟

طريقة التصويت على القرارات والتوصيات

بحسب ميثاق الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، فإن أي توصية تحتاج موافقة 9 أعضاء من أصل 15 في مجلس الأمن، وتصدر التوصية حتى وإن استخدمت إحدى الدول الأعضاء الخمسة حق النقض الفيتو. والدول الخمسة هي: الولايات المتحدة الأمريكية، الصين، روسيا، بريطانيا، فرنسا.

أما القرار فيحتاج إلى موافقة 9 أعضاء من أصل 15 في مجلس الأمن، ولا يمكن بأي حال صدور القرار وتنفيذه في حال استخدام إحدى الدول الأعضاء الخمسة نفسها لحق النقض الفيتو. 

وفي هذا السياق، أكد الموسى أن مواقف مجلس الأمن لا تخضع لرقابة محكمة العدل الدولية بشكل مستقل، ولا يطلب منه تبرير اتخاذه قرارا أو توصية تجاه قضية ما دون غيرها.

هل يمكن تغيير تركيبة مجلس الأمن؟

ويحتاج تغيير ميثاق الأمم المتحدة وتركيبة مجلس الأمن إلى موافقة الأعضاء الخمسة الدائمين، وهو الأمر الذي وصفه الموسى بشبه المستحيل، فلا أحد يريد أن يتخلى عن قواه في هذا العالم، مضيفا أن المخرج الوحيد هو أن تصاب إحدى الدول القوية بوهن واضح وتراجع كبير يسمح لبقية الأعضاء بإعادة تركيبة الميثاق من جديد.

هل يستمر العرب في السعي للحصول على توصيات وقرارات من مجلس الأمن؟

ورغم الخذلان الأممي المتواصل تجاه ما يحدث في قطاع غزة، وعدم قدرة أي من أجهزة ومؤسسات الأمم المتحدة على إدانة "إسرائيل" واعتبارها ترتكب جريمة إبادة جماعية وجريمة حرب في قطاع غزة، إلا أن الموسى يرى أن العرب يجب أن يخوضوا في الساحة القانونية والقرارات الدولية لإلصاق الوجه الإجرامي بدولة الكيان المحتل، حتى وإن لم يتم اتخاذ أي قرارات أو توصيات في هذا السياق، مضيفا: 

"لطالما كان الدور العربي متأثرا بالرواية الغربية في مجلس الأمن، ولم يكن من المؤثرين، ولطالما سعى الغربيون إلى استخدام هذه المؤسسات ليس لإنصاف الحق وإقامة العدل وإنما لفرض حلول تخدم مشروعهم، يترتب على العرب دور إثبات وجه الاحتلال المجرم في ساحات الأمم المتحدة". 

الملكة رانيا أكدت على انتهاك "إسرائيل" للقانون الدولي 

وفي مقابلة لها عبر شبكة "سي إن إن"، قالت الملكة رانيا العبد الله مساء أمس إن "إسرائيل" تنتهك كافة المواثيق الدولية والإنسانية وتتجاهل كافة التوصيات والقرارات التي تصدر عن المؤسسات الأممية، مضيفة:

"هناك معيار مزدوج صارخ هنا، هذه المرة الأولى في التاريخ الحديث التي تحدث فيها معاناة إنسانية بهذه القسوة، والعالم لا يطالب حتى بوقف إطلاق النار".

اقرأ المزيد.. مقابلة الملكة رانيا العبدالله على قناة الـ CNN

00:00:00