يستمر جيش الاحتلال باغتيال الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، فيما تواصل المقاومة تنفيذ العمليات الفدائية ضده، بالتوازي مع اعتقال العشرات
المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرات توقيف بحق نتنياهو وغالانت
المحكمة تصدر مذكرة اعتقال بحق محمد الضيف
أصدرت الدائرة التمهيدية الأولى بالمحكمة الجنائية الدولية، اليوم، قرارين برفض الطعون التي قدمتها دولة الاحتلال الإسرائيلي بموجب المادتين 18 و19 من نظام روما الأساسي. كما أصدرت مذكرات توقيف بحق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وزير حربه السابق يوآف غالانت.
تفاصيل القرارات بشأن اعتراضات "إسرائيل"
الاعتراض الأول (المادة 19(2)):
-
قدمت دولة الاحتلال اعتراضا في الـ26 من أيلول 2024، تشكك فيه باختصاص المحكمة بالنظر في الوضع في دولة فلسطين بشكل عام، وبالنظر إلى الأفراد الإسرائيليين بشكل خاص.
-
رأت الدائرة أن قبول دولة الاحتلال لاختصاص المحكمة غير مطلوب؛ لأن المحكمة تستمد اختصاصها من القبول الإقليمي لدولة فلسطين، وفقا لما قررته الدائرة التمهيدية في تشكيلها السابق.
-
أكدت المحكمة أن الاعتراض المقدم بموجب المادة 19 (2) سابق لأوانه؛ فلا يمكن تقديم مثل هذا الاعتراض إلا بعد إصدار مذكرة توقيف أو استدعاء.
الاعتراض الثاني (المادة 18(1)):
-
طلبت دولة الاحتلال أن تصدر الدائرة أمرا للادعاء العام بإعادة إشعارها ببدء التحقيقات.
-
أكدت المحكمة أن الإشعار الأصلي قُدم "لإسرائيل" في عام 2021، وأن دولة الاحتلال لم تستجب بطلب تأجيل التحقيق في ذلك الوقت، رغم دعوة الادعاء العام لها لتوضيح موقفها.
-
خلصت المحكمة إلى أن معايير التحقيق لم تتغير، وبالتالي لا حاجة لإشعار جديد.
المحكمة الجنائية الدولية توجه اتهامات ضد نتنياهو وغالانت
أصدرت الدائرة التمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية قرارا تفصيليا يؤكد وجود أسباب معقولة للاعتقاد بأن قوانين النزاع المسلح الدولي بين "إسرائيل" وفلسطين تنطبق على الفترة الزمنية المحددة، نظرا إلى أن الطرفين يعدان من الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف لعام 1949، كما أن "إسرائيل" تعد قوة احتلال لأجزاء من فلسطين. وأوضحت المحكمة أيضا أن قوانين النزاع المسلح غير الدولي تنطبق على القتال بين "إسرائيل" وحركة حماس.
تفاصيل الجرائم
أشارت المحكمة إلى أن الأفعال المنسوبة لبنيامين نتنياهو، رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي مواليد 21 تشرين الأول 1949، ويوآف غالانت، وزير الحرب الإسرائيلي مواليد 8 تشرين الثاني 1958، ترتبط بأنشطة أجهزة "الحكومة الإسرائيلية" و"القوات المسلحة" ضد السكان المدنيين في فلسطين، وتحديدا في غزة. وتطرقت إلى العلاقة بين طرفين في نزاع مسلح دولي، وكذلك العلاقة بين قوة احتلال وسكان أراضٍ محتلة. وبناء على ذلك، رأت المحكمة أن إصدار مذكرات توقيف بحق المتهمين وفقا لقوانين النزاع المسلح الدولي أمر ضروري.
وأكدت المحكمة أن الجرائم ضد الإنسانية المزعومة كانت جزءا من هجوم واسع النطاق ومنهجي ضد السكان المدنيين في غزة.
حرمان المدنيين من الموارد الأساسية
خلصت المحكمة إلى أن هناك أسبابا معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت تعمّدا حرمان السكان المدنيين في غزة من موارد أساسية لبقائهم، ومن ضمنها الغذاء والماء والأدوية والإمدادات الطبية، إلى جانب الوقود والكهرباء، وذلك خلال الفترة من 8 تشرين أول 2023 إلى 20 أيار 2024.
وشددت المحكمة على أن القيود المفروضة من قبل المتهمين أعاقت بشكل كبير قدرة المنظمات الإنسانية على تقديم المساعدات الغذائية وغيرها من السلع الضرورية للسكان المحتاجين في غزة. كما أثرت هذه القيود، إلى جانب قطع الكهرباء وتقليل إمدادات الوقود، بشكل خطير على توافر المياه في غزة وقدرة المستشفيات على تقديم الرعاية الطبية.
المساعدات الإنسانية واستجابة الضغوط الدولية
لاحظت المحكمة أن القرارات المتعلقة بالسماح بإدخال المساعدات الإنسانية أو زيادتها إلى غزة كانت غالبا مشروطة، ولم تُتخذ للوفاء بالتزامات "إسرائيل" بموجب القانون الإنساني الدولي أو لضمان توفير السلع الأساسية للسكان المدنيين في غزة. بل جاءت هذه القرارات استجابة لضغوط دولية أو طلبات من الولايات المتحدة الأمريكية. ورغم ذلك كانت المساعدات المقدمة غير كافية لتحسين وصول السكان إلى السلع الأساسية.
وأشارت المحكمة إلى عدم وجود أي ضرورة عسكرية واضحة أو مبررات أخرى بموجب القانون الإنساني الدولي لتبرير القيود المفروضة على عمليات الإغاثة الإنسانية.
ارتباط القيود بأهداف الحرب
رأت المحكمة أن تصريحات نتنياهو التي تربط منع دخول السلع الأساسية والمساعدات الإنسانية بأهداف الحرب تعزز الاعتقاد بارتكاب جريمة الحرب المتمثلة باستخدام التجويع كوسيلة حرب.
تأثير القيود على المدنيين
أكدت المحكمة أن نقص الغذاء والماء والكهرباء والوقود، بالإضافة إلى الإمدادات الطبية، خلق ظروف حياة تهدف إلى تدمير جزء من السكان المدنيين في غزة، مما أدى إلى وفاة مدنيين، ومن ضمنهم أطفال، نتيجة سوء التغذية والجفاف.
ورغم أن المواد المقدمة من الادعاء لم تؤكد تحقق جميع عناصر جريمة الإبادة الجماعية، فإن المحكمة وجدت أن هناك أسبابا معقولة للاعتقاد بأن جريمة قتل جماعية وقعت بحق هؤلاء الضحايا.
الإجراءات الطبية اللاإنسانية
أوضحت المحكمة أن القيود المفروضة على الإمدادات الطبية، لا سيما أدوية التخدير وأجهزة التخدير، تسببت بمعاناة شديدة، قد اضطر الأطباء لإجراء عمليات بتر وعلاج الجرحى، ومن ضمنهم الأطفال، دون تخدير كافٍ، مما تسبب بآلام كبيرة. ورأت المحكمة أن هذا يشكل جريمة ضد الإنسانية.
استهداف السكان على أسس سياسية وقومية
خلصت المحكمة إلى أن الأفعال المزعومة حرمت جزءا كبيرا من السكان المدنيين في غزة من حقوقهم الأساسية، ومن ضمنها الحق في الحياة والصحة، واستهدفت السكان بناء على أسس سياسية أو قومية.
الجرائم المرتبطة بالهجمات على المدنيين
أشارت المحكمة إلى وجود أسباب معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت يتحملان مسؤولية جنائية كقادة مدنيين عن جرائم الحرب المتمثلة بتوجيه هجمات متعمدة ضد السكان المدنيين في غزة.
ورغم توفر وسائل لمنع الجرائم أو اتخاذ تدابير للحد منها، فإن المحكمة وجدت أن المتهمين لم يقوما بذلك.
مذكرة اعتقال بحق محمد الضيف
كما أعلنت الجنائية الدولية، إصدار مذكرة اعتقال بحق محمد دياب إبراهيم المصري، المعروف باسم "محمد الضيف" القائد العام لكتائب عز الدين القسام. تتهمه المذكرة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية على أراضي كل من "إسرائيل" ودولة فلسطين منذ الـ7 من تشرين الأول 2023 على الأقل.
وكانت النيابة العامة قد قدمت سابقا طلبات لإصدار مذكرات اعتقال بحق شخصيات بارزة أخرى في حركة حماس، وهما الشهيد الراحل إسماعيل هنية والشهيد يحيى السنوار. ومع تأكيد استشهادهما، سُحبت الطلبات في 9 آب 2024 و25 تشرين الأول 2024 على التوالي.
وفيما يتعلق بمحمد الضيف، أشارت النيابة العامة إلى أنها تواصل التحقيق في مصيره، إذ أبلغت المحكمة في 15 تشرين الثاني 2024، استنادا إلى معلومات واردة من السلطات الإسرائيلية والفلسطينية، بأنها غير قادرة على تحديد ما إذا كان الضيف قد "قُتل" أو لا يزال على قيد الحياة. بناء على ذلك، أصدرت الدائرة مذكرة الاعتقال الحالية.
وأكدت النيابة العامة استمرار تحقيقاتها في الجرائم المرتكبة ضمن النزاع الجاري، مع توقع تقديم طلبات إضافية لإصدار أوامر اعتقال مستقبلا.
تم تصنيف مذكرة الاعتقال ضد محمد الضيف على أنها "سرية" حفاظا على سلامة الشهود وسير التحقيقات. ومع ذلك، قررت المحكمة الكشف عن بعض التفاصيل نظرا لاستمرار السلوك الذي تتعلق به مذكرة الاعتقال، ومن ضمنها احتجاز عدد من الرهائن. كما رأت المحكمة أن الإفصاح يخدم مصلحة الضحايا وأسرهم.