هل تريد السلام "الإسرائيلي" الفلسطيني؟ جرِّب الكونفدرالية

الصورة
نتنياهو وعبّاس
نتنياهو وعبّاس

نيويورك تايمز تطرح خيار الكونفدرالية الإسرائيلية الفلسطينية

طرحت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية في مقال، مشروع إقامة "كونفدرالية" بين "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية كحل نهائي بديلاً من "حل الدولتين" الذي أعاد الرئيس الأميركي جو بايدن طرحه ضمن سياسة إدارته تجاه قضايا الشرق الأوسط. 

وقالت الصحيفة في مقال تحت عنوان: "هل تريد السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين؟ جرب الكونفدرالية"، إن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب غادر منصبه تاركاً لخلَفه جو بايدن تركة ثقيلة من الأزمات الدولية التي لا تُعدّ ولا تُحصى، أكثرها تعقيداً هي العلاقة بين "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية. 

 

وأشار المقال، الذي تشارك في كتابته كل من رجل الأعمال الأميركي من أصول فلسيطينة "سام بحور "من رام الله والكاتب الإسرائيلي "برنارد أفيشاي"، إلى أن بايدن يواجه وضعاً متفجراً بين الإسرائيليين والفلسطينيين على الرغم من تبنيه حل الدولتين: فالإدارة السابقة صادقت على أن القدس عاصمة "لإسرائيل" ومشروع تل أبيب الاستيطاني، بالمقابل أظهر استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية على الفلسطينيين زيادة في دعم الكفاح المسلح، وأفادت الأمم المتحدة بأن عنف المستوطنين قد تصاعد في الربيع الماضي، بالإضافة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سمح ببناء 1257 وحدة استيطانية في القدس الشرقية. 

 

وقال المقال إن التوترات القائمة بين الجانبين لن يبددها حل "إقامة دولتين تفصلهما حدود"، فهذه المحاولات فشلت مراراً وتكراراً منذ توقيع اتفاق أوسلو للسلام 1993، وانطلاقاً من هذا الواقع قال المقال إنه يجب على بايدن تعزيز إقامة الكونفدرالية من أجل العيش بازدهار بين الجانبين، فيجب على الإسرائيليين والفلسطينيين إقامة دولتين تتشاركان ما يجب مشاركته وتفصلان ما يمكن فصله. 

الفلسطنيون يرغبون بدولة معترفٍ بها من قبل أكثر من 70 في المئة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، خالية من الاحتلال العسكري وحل قضية اللاجئين، أما "إسرائيل " فترغب بالحصول على اعتراف من قبل كل دول المنطقة والحفاظ على أمنها واستقراراها ورخائها الاقتصادي. 

 

يرغب كل منهما في الحفاظ على هويته الوطنية والسياسية والثقافية، ولكن جميع دول العالم تسعى وراء المصالح الاقتصادية وإقامة شبكات تجارية دولية، فلذلك يجب على الإسرائيليين والفلسطيينين المشاركة في عاصمة واحدة ووسائل نقل وبنية تحتية ونظام بيئي للأعمال مشترك بينهما وفقاً للمقال. 

وقالت الصحيفة إن المساحة الممتدة من بئر السبع جنوباً إلى الحدود الشمالية مع لبنان وهي تقارب مساحة لوس أنجلوس الكبرى (8000 ميل مربع) ويقطن فيها 14 مليون فلسطيني و"إسرائيلي" يتشاركون عملة واحدة وشبكة كهرباء واحدة وطرق سريعة مشتركة، وأن المسافة الممتدة بين منطقة التكنولوجيا الإسرائيلية "هرتسليا" ومدنية نابلس الفلسطينية، ثاني مدينة صناعية فلسطينية ومقر بورصة فلسطين للأوراق المالية، تصل مساحتها ل25 ميلاً مربعاً، مستائلاً "إذا بالإمكان الفصل بين هذه الأمور في مساحة صغيرة جداً؟"، مشيراً إلى إنه بالإمكان رؤية أفق تل أبيب من أبراج رام الله التجارية، ورؤية وادي الأردن من الجامعة العبرية. 

 

وانطلاقا من هذه الوقائع، تقول الصحيفة إن التقسيم الكامل ما هو "إلا هراء". واستند المقال على قرار الأمم المتحدة الرقم 181 عام 1947 القاضي بتقسيم فلسطين والذي نصّ على اتحاد اقتصادي وإنشاء لجنة من طرف ثالث توفر التعاون بين الجانبين، حينها وافقت "إسرائيل"على القرار ورفضه العرب، معتبرة أنه لو تم تطبيق القرار حينها كان سيطبق على عشر عدد السكان الحالي فقط، ومع ذلك فان هذا النموذج يتم تطويره الآن "من قبلنا حتى ما بعد اتفاق أوسلو". 

ويستعرض المقال كيفية تطبيق الكونفدرالية على أرض الواقع ضمن المعطيات الحالية، إذ يذكر مثالاً عن الملاحة الجوية حيث أن مطار بن غوريون، يبعد حوالي 8 أميال عن حدود الضفة الغربية، ويستخدم المجال الجوي الفلسطيني، وكذلك في حال بناء مطار القدس للفلسطينيين، الذي عطّلته "اسرائيل"، سيستخدم المجال الجوي "الإسرائيلي". وقال المقال أن صاروخاً واحداً يطلق من الكتف كافياً لأن يعيق حركة التجارة الفلسطينية والإسرائيلية الدولية لأشهر. 

 

وأشار المقال إلى إن التخطيط الأمني والتعاون بين الطرفين سيساهم في تهميش الرافضين من كلا الجانبين لمشروع الكونفدرالية، وتقصد الصحيفة حركة "حماس" والمؤيدين لها والمعارضين للسلام من الجانبين، والمتطرفين اليهود.

 

وطرح المقال حلاً لقضايا الحل النهائي العالقة بين الجانبين: القدس واللاجئين الفلسطينيين، وذلك بتقاسم السيادة في القدس مع بقاء المدينة مفتوحة للجميع، وبالإمكان تطبيق هذا الأمر على مدن أخرى، مما سيسمح بإقامة سوق مشتركة بين الجانبين تشارك فيها الأردن، كما يسمح بانتقال رؤوس الأموال الفلسطينية إلى الداخل وإقامة شراكات تجارية، والاستفادة من رجال الأعمال الفلسطينين الموجودين في الأردن ودول الخليج العربي في إقامة الشراكات معهم أو تسهيل أعمال الشركات الإسرائيلية في تلك البلدان، مشيراً إلى إمكانية استفادة الشركات العالمية في تل أبيب من المهندسين الفلسطينيين الذين يتخرجون كل عام من مختلف التخصصات. 

 

وقال المقال إنه يجب توقف الاعتماد فقط على الإنتاج الزراعي الذي يشكل 5 % فقط من الناتج المحلي، والاستفادة من المصانع الكبيرة الموجودة في مدينة نابلس والتي يعمل فيها الآلاف من العمال، وتوسيع الطريق "5" الذي يربط المستوطنات في الضفة ليصبح طريقاً دولياً يربط وادي الأردن بتل أبيب وإعفاء "الجيش الاسرائيلي" من مهامه في حماية المستوطنات.

وأضاف المقال أن الجانبين سيستفيدان من مصادر المياه نفسها في بحيرة طبرية وحوض البحر الميت، بما أنهما يستخدمان الشبكة الكهربائية وشبكات الاتصال نفسها أيضاً. ولم يغفل المقال عن ذكر الجانب السياحي، إذ أشار إلى أنه من المتوقع استقبال 4 ملايين سائح سنوياً مما سيضيف 9 مليارات دولار أميركي إلى إجمالي الناتج المحلي المشترك بين الدولتين، ومن هذا المنطلق يجب أن يكون هناك نظام مصرفي مشترك بينهما.

 

وفي ما يخص قضية اللاجئين الفلسطينيين والمستوطنين، قال المقال إنه بالإمكان أن تقوم المؤسسات الكونفدرالية بالتعاون لمعاجلة هذه القضايا وذلك بتحديد عدد اللاجئين الذين سوف يعودون إلى "إسرائيل"، وتحديد عدد الإسرائيليين الذين سوف يعيشون في فلسطين بإقامة دائمة ومن دون جنسية، مع وضع قوانين معينة تسمح في حرية التنقل بين البلدين. 

 

وأضاف المقال أن كل القضايا العالقة ليس بالإمكان حلها دون التعاون بين الجانبين خاصة مع وجود أعداد هائلة من المستوطنين والشتات الفلسطينيي، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن استمرار الحلول المطروحة حالياً سوف يبقي الطريق مسدوداً أمامهما . وختم المقال بأنه يمكن لإدارة بايدن إحداث فرقٍ كبيرٍ من خلال طرحٍ كهذا، يكون لصالح ازدهار وإنقاذ الشعبين،وذلك حسب كتّاب المقال .

شخصيات ذكرت في هذا المقال
00:00:00