أيهم وراشد: ما بعد إيجادهما.. تساؤلات تربوية ونفسية.. ودعوة لعدم التنمر

الصورة
صورة للطالبين أيهم العمري وراشد صبح
صورة للطالبين أيهم العمري وراشد صبح
المصدر

أخذت قضية الطالبين أيهم العمري وزميله راشد الصبح، منعطفا آخر بعد العثور عليهما في مسجد الأبرار بمنطقة البيادر، والتأكد من عدم وجود طرف ثالث بالحادثة بحسب تحقيقات الأمن العام صباح الجمعة الماضي، وبأن خروجهم كان بمحض إرادتهم متأثرين بقراءة كتاب "الأب الغني والأب الفقير".

لكن الحادثة أثارت عدة تساؤلات جادة، تستدعي من جميع المعنيين التوقف عندها ومراجعة ما نتج عن الحادثة، لاستغلالها بتصويب الأوضاع التي دفعت الطفلين للتمرد على ما هو سائد من سلطة الأبوين والمدرسة بحسب وصف مدير مديرية تربية إربد محمد المومني في حديثه لـ حسنى.

غياب وزارة التربية والمدرسة عن المشهد

كشف والد الطالب أيهم حسين العمري، عن عدم تواصل المعنيين في قسم الإرشاد التربوي أو إدارة مدرسة الملك عبدالله للتميز في إربد معهم منذ بداية الحادثة وحتى اللحظة الحالية التي مرت بتفاصيل كثيرة، رغم أن رسالة الطفلين بعد اختفائهما حمّلت طريقة التعليم السائدة مسؤولية ذلك، وهو ما أكده والد أيهم بأن الدافع الوحيد لخروجه من البيت كان الشغف وعدم تقبله للمناهج الدراسية وطريقة إيصال المعلومات الموجودة فيه للطلبة، مؤكدا أن الوضع المادي لعائلته ميسور والترابط الأسري موجود ومع ذلك فقد كان الموضوع محرجا جدا أمام المجتمع، وأصبحنا حديث الناس فجأة.

وجاءت تصريحات والد أيهم بعكس ما سبقه من توضيحات لمدير التربية المومني، الذي أكد فيها على وجود خطة للتعامل مع الطفلين بحسب ما أبلغته مديرة المدرسة مريم معابرة التي رفضت الحديث مع حسنى بحجة أنهم ليسوا طرفا بما جرى.

وأوضح المومني بأنه جرى التواصل مع مديرة المدرسة فور التبليغ عن فقدانهم لمراجعة سيرتهم الذاتية لدى المرشد التربوي في المدرسة ولم يكن هناك ما يدعو للفت النظر، موضحا بأن مدارس الملك عبدالله للتميز تتبع فنيا وإداريا لإدارة التعليم في الوزارة وليست تابعة لمديريات التربية.

تفاصيل جديدة عن الأيام الأربعة لأيهم وراشد

يبدو بأن طموحات الطفلين كانت عالية، قبل أن تصطدم خطتهما بالوصول للعقبة بعدم إمكانية ذلك لعدم امتلاكهما هوية شخصية تمكنهما من استقلال مركبات النقل إلى هناك، وبيّن والد أيهم بأن الطفلين كان بحوزتهما 17 دينارا فقط، وبحسب الخطة كان عليها العمل لتأمين نجاح خطتهم المتمحورة حول توفير المال من أجل البدء بمشروع خاص بهما.

وعليه توجه الطفلان إلى مسجد الأبرار في منطقة البيادر حيث مكثا طوال الأيام الأربعة فيه، مستغلين وجود رجال دعوة يبيتون في ذات المسجد، تزامنا مع بحثهما عن عمل لاستكمال خطتهما بحسب والد أيهم، حتى جرى تبليغ الأجهزة الأمنية من قبل إمام المسجد، مؤكداً بأنه جرى تحويل الطفلين لحماية الأسرة في مديرية الأمن العام والتي كانت حريصة على الأطفال من خلال توفير أخصائية اجتماعية للتحدث معهما.

تعرُّض أيهم العمري للحرج.. منعه من الالتحاق بالمدرسة 

أوضح والد أيهم بأن هناك حرجا يشعر به ابنه دفعه لعدم الالتحاق بالمدرسة اليوم الأحد، حيث فضّل والده توفير الراحة النفسية له لإخراجه من الظروف الصعبة التي مر بها، مؤكدا بأنه كان يرفض خروج ابنه على أي وسيلة إعلامية، وقد أزعجه الحوار الذي جرى مع أحد البرامج على قناة محلية حسب قوله لطريقة الأسئلة الموجهة لابنه، علما بأن الجميع يتفق على أن ابنه أخطأ ولكن ذلك لا يعني ضغطه وإحراجه بهذه الطريقة حسب توضيحاته.

التنمر على الطالبين قد يؤدي لأزمة نفسية

وناشد رئيس جمعية الأطباء النفسيين الأردنيين واختصاصي الطب النفسي علاء الفروخ، الأردنيين، بعدم التعليق بأي رسائل سلبية حول قضيّة اختفاء الطالبين، لأن أي تعليق سلبي قد يحبطهما أو يصيبهما بأزمة نفسية.

وقال الفروخ بأن هناك غيابا شبه تام لدى الحكومة والمجتمع بالاهتمام بالصحة النفسية، والتي لا تعني الأمراض النفسية، بل تعني النمو الطبيعي للنفس، بسياقاتها الطبيعية ومراحلها المتدرجة.

ثقافة الوجبات السريعة

وأضاف الفروخ بأن أكثر ما نعاني منه اليوم في تربية الأجيال، هي ثقافات الوجبات السريعة، والتي تتأثر بالنظام الغربي الاستهلاكي، بحيث يريد الفرد كل شيء بسرعة، يقرأ أحاديث نبوية ليصبح عالم شريعة أو معلومات عن الزلازل ليصبح خبير زلازل.

من المهم أن ينتبه التربويون إلى البناء الفكري الصحيح للفرد، بحيث تصبح طريقة تفكيره منطقية، ومبنية على شكل خطوات متتالية، وأن يستطيع الفرد عن التعبير عن نفسه وأفكاره، وبالتالي يحقق التوازن ويتجنب ردود الفعل الارتجالية، وفق الفروخ.

وأكد بأن علينا محاورة الطفل حينما يطرح فكرة، حتى نستطيع إقناعه بالفكرة الصحيحة وتجنيبه الفكرة الخاطئة، وفي حال إسكاته ستبقى الفكرة الخاطئة وسيعبّر عنها في وقت آخر بطريقة غير متوازنة.

ودعا الفروخ لإنشاء مؤسسات مجتمع مدني مهتمّة بتطوير المهارات الفردية، ووضعها في المساقات الطبيعية لها، لأن هذا الاحتضان قد يساهم في تجنب العديد من التصرفات الفردية غير المنضبطة.

غياب منظومة القيم والتربية الإيمانية

أدى غياب منظومة القيم وتراجعها لصالح النفعية المادية، إلى قيام هؤلاء الطلبة بالخروج من المنزل لتحقيق طموحهم بالثراء السريع، مقابل عدم المبالاة بمشاعر أهلهم الذين يهتمون بهم ويحبونهم، وغرس القيم وحده هو القادر على تحقيق التوازن بين الأمرين، وفق الفروخ.

أكد الفروخ بأن التربية الإيمانية مهمة للغاية، وهي أمر يختلف عن العاطفة الدينية فقط، حيث يجب أن يصاحبها تنمية للفكر والعقل، من خلال الأدوات التربوية والعملية اللازمة.

00:00:00