إلزامية التطعيم عبور لمنطقة الأمان وشكوك في مأمونية المطاعيم

الصورة
المصدر
آخر تحديث

رغم أن الأردن لم يفرض إلزامية التطعيم على المواطنين، إلا أن الإجراءات التي اتبعها وبالذات خلال الفترة الأخيرة التي صاحبها متغيرات وتطورات في الحالة الوبائية لجائحة كورونا المتعلقة بالمتحور الفيروسي دلتا، تؤشر إلى الاتجاه نحو هذا الوضع، للوصول إلى منطقة الأمان المجتمعي وتخطي الوضع الصعب.

ردود فعل متباينة حول أمر الدفاع 32 

قرارات إلزامية التطعيم فرضتها العديد من الدول، حيث أثارت ردود فعل متباينة ـ أيدها البعض ورفضها البعض الأخر كون أنواعا من المطاعيم ما تزال تثير شكوكا حول فعاليتها.

الأردن وضع إجراءات جديدة ضمن خطته لفتح القطاعات والوصول إلى صيف آمن، حيث أصدر رئيس الوزراء بشر الخصاونة أمر الدّفاع رقم (32) لسنة 2021، الذي يختص بالعاملين في منشآت القطاعين العام والخاص، بحيث لا يسمح لهم الالتحاق بأعمالهم إلا بعد حصولهم على المطاعيم، وفي حال عدم تلقي الموظف المطعوم، فعليه إحضار فحص PCR سلبي النتيجة ساري المفعول لمدة (72) ساعة.

أمر الدفاع هذا أيضا فرض عقوبات على الموظفين بحيث لا يسمح لموظف القطاع العام المخالف الالتحاق بالعمل، ويتم حسم أيام من رصيد إجازاته السنوية، كما تفرض غرامات على من يخالف أحكام الفقرة (1) من هذا البند، بغرامة لا تقل عن (100) دينار ولا تزيد على (500) دينار، وفي حال التكرار يعاقب بالحد الأعلى للغرامة، كما تفرض على المؤسسات التعليمية ومؤسسات التعليم العالي التي تخالف أحكام البندين (4) و(5) من أمر الدفاع هذا بغرامة لا تقل عن (1000) دينار ولا تزيد على (3000) دينار.

العبور إلى صيف آمن يتطلب إبقاء المؤسسات في وضع آمن بحيث تتمتع في بيئة عمل صحية بعيدة عن الأمراض، في وقت أوضح فيه وزير الدولة لشؤون الإعلام المهندس صخر دودين في تصريحات صحفية أنّ جميع الإجراءات التي تشملها خطّة الوصول إلى صيف آمن تخضع للمراجعة والتقييم وفي ضوء تطوّرات الحالة الوبائيّة، ليصار إلى تعديلها.

أصوات تطالب بالاختيارية 

خرجت أصوات وعبر مواقع التواصل الاجتماعي تنادي بالتراجع عن أمر الدفاع رقم 32، كونه يقيد الحريات ولأن البعض لديه ملاحظات حول المطاعيم، إلى جانب أن البعض يعاني من أمراض صحية لا تجعله يتقبل المطاعيم.

الدكتور يحيي خريسات اختصاصي إعادة التأهيل البصري والرؤية المتدنية، يتبنى مع مجموعة من النشطاء والمحامين حملة ضد أمر الدفاع رقم 32 "كونه يقيد الحريات"، بحسب قوله، مؤكدا أهمية الاختيارية في موضوع اللقاحات.

ويستند الدكتور خريسات في وجهة نظرة إلى الدراسات العلمية التي يجب اعتمادها في حال إقرار أي قانون أو توصية تتعلق  بفيروس كورونا واللقاحات المعتمدة، وخاصة من FDA وهي أكبر مؤسسة علمية مسؤولة عن حماية وتعزيز الصحة العامة من خلال التنظيم والإشراف على سلامة الدواء والغذاء.

ويرى في تصريحه لحسنى أن اللقاحات اعتمدت ضمن تراخيص الطوارئ، لأن أي لقاح في العالم تم ترخيصه يأخذ من 7 إلى 10 سنوات.

ويعتقد بوجود تخبط في القرارات، مشيرا الى تعدد الآراء فيما يتعلق بتطعيم الأطفال والحوامل والمرضعات، "واليوم أصدرت منظمة الصحة العالمية تقريرا طالبت فيه بعودة الطلاب إلى المدارس وبدون أخذ اللقاحات.

ويرى أن أفضل السبل بدلا من تقييد الحريات و إلزامية التطعيم، اتباع أساليب الترغيب وليس الترهيب، وتشديد أوامر الدفاع المتعلقة بالتباعد بين الناس وخاصة في الأماكن العامة والتجمعات، ولبس الكمامة بالطريقة الصحيحة والعلمية، قائلا " إن الوضع الاقتصادي يحتم علينا العمل لأن الدولة تتحمله، فهي المسؤولة عن ازدياد حالات البطالة وليس كورونا".

في دراسة حديثة نشرها موقع "ساينس أليرت". المتخصص بالأبحاث العلمية والتقنية، اعتبرت أن "إجبار الناس على الخضوع لحملات تطعيم إلزامية يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية، وأنه عندما تكون اللقاحات طوعية، يتم إقناع المزيد من الناس بتلقيها".

وقالت الدراسة " إذا كان اللقاح آمنا وفعالا، فلا داعي لجعله إلزاميا بحسب تفكير غالبية المواطنين".

مجلة إيكونوميست البريطانية في تحليل لها وجدت أن الآفاق الاقتصادية في العالم باتت تعتمد اليوم على مواد أخرى بالغة الأهمية، على غرار اللقاحات التي يتم إنتاجها بشكل محدود ولها تأثير سياسي ويتم توزيعها بشكل غير متساوٍ.

وترى أن تطعيم السكان -في نطاق واسع كما في الولايات المتحدة يساعد على الازدهار، وأن تأخرُ عملية شراء اللقاحات وصنعها وتوزيعها في العديدَ من بلدان العالم يجعلها عرضة لتفشي فيروسات جديدة ومواجهة نكسات اقتصادية.

إيطاليا أول دولة اتحاد أوروبي تقر إلزامية التطعيم 

كانت إيطاليا أول دولة عضو في الاتحاد الأوروبي تفرض التطعيم على العاملين في مجال الرعاية الصحية، وذلك بعد أن وصلت إلى مرحلة من الارتفاع الحاد في الإصابات وتباطؤ عملية التطعيم.

تفاقم الوضع الوبائي دفع العديد من الدول للسير بإجراءات الإلزامية في التطعيم، حيث قررت أستراليا في أواخر حزيران( يونيو ) أن تجعل لقاحات كورونا الزامية للعاملين في رعاية المسنين والموظفين المعرضين لمخاطر عالية في فنادق الحجر الصحي.

فرنسا فرضت الإجراءات لمواجهة الموجة الجديدة للمتحورة، حيث توقع وزير الصحة أوليفيه فيران عودة ارتفاع حالات الإصابة خاصة وأن نسبة انتشار متحور دلتا في فرنسا بلغ 40 بالمئة من حالات الإصابة الجديدة.

مع بداية تموز الجاري، ومن هذه الإجراءات التطعيم الإلزامي ضد فيروس كورونا على العاملين الصحيين و فرض التراخيص الصحية للنشاطات الثقافية والرياضية.

وتضغط أكاديمية الطب الوطنية في فرنسا، على السلطات لفرض التطعيم الإجباري على كل من يبلغ من العمر 12 عامًا فما فوق.

الرافضون للإجراء يخاطرون بالإيقاف عن العمل بدون أجر، إذا رفضوا التلقيح، والمؤيدون يسعون إلى الأمان وحماية المجتمع والعودة إلى الحياة الطبيعية، وبينهما أصوات تتعالى لتبرير إلزامية التطعيم، خاصة إذا كان الوصول للتطعيم متاحا لجميع المواطنين.

الأكثر قراءة
00:00:00