حسين الرواشدة: الدليل "المغشوش" للوظائف العليا

الصورة

الكاتب والصحفي حسين الرواشدة

آخر تحديث

الكاتب والصحفي حسين الرواشدة كتب على صفحته تحت عنوان "منع من النشر" مقالة بعنوان: الدليل "المغشوش" للوظائف العليا، جاء فيها:

حتى الآن، لا يوجد لدى الحكومات "إرادة" حقيقية لحسم مسألة "التعيين" في الوظائف العليا بالدولة، ثمة أنظمة أقرت -بالطبع-، وتجارب ناجحة أحياناً ومسلوقة أحياناً أخرى، لكن الصحيح هو أن الطريق أمام أية "كفاءة" وطنية مؤهلة للوصول إلى الموقع العام ما تزال محفوفة "بالأسيجة"، ومرتبطة "بمراسيم" لا علاقة لها -في الغالب- بالقوانين والمعايير السليمة.

الطريق أمام أية "كفاءة" وطنية مؤهلة للوصول إلى الموقع العام ما تزال محفوفة "بالأسيجة"

في مثل هذه المناخات التي تراجعت فيه افتراضات العدالة وتكافؤ الفرص وحسن الاختيار ودقة التعيين والتوظيف، والتي حضرت فيها "المصلحة" العامة بمقاسات محددة سلفاً، فإن من حق الشباب الأردنيين الطامحين للوصول إلى أي موقع عام على أعلى سلّم الوظائف أن يبحثوا عن دليل أو "كتالوج" لتحقيق أحلامهم، لا تسأل هنا عن "المشروعية" والصواب والنزاهة، ولا عن القيم الواجب أن يلتزموا بها، فالسباق أو "الماراثون" يفرض على هؤلاء -للأسف - أن يتحرروا من هذه "القيود" أو أن "يزهدوا" في هذه الوظائف ويقتنعوا "بحظوظهم"، ويشهروا بالتالي استقالاتهم من "السعي" لتبوأ أي عمل عام رسمي.

لست في وارد أن ألوم هذا الطرف أو ذاك، المسألة تتجاوز خيارات "الأفراد" إلى خيارات الدولة والمؤسسات، ومصلحة الباحثين عن الفرص أو " البريستيج "، أو ربما الحقوق، إلى اعتبارات الصالح والخير العام، ثم ما يترتب على ذلك من قيم المواطنة والعدالة والمساواة والإحساس بالانتماء، والاهم ما يتعلق بالأداء في الوظيفة العامة، هذه التي تعكس "حركة" المؤسسة وعلى أساسها يتحقق النشاط والتنمية ، والإنتاج والرضى العام لدى المجتمع.

ما علينا، يمكن هنا أن أضع "دليلاً" لغايات التشخيص ، لا لغايات "الامتثال" ولا "للتجريب" أيضاً، هذا الدليل المغشوش هدفه أن نرى مسألة "التعيينات"، بمرآة واقعنا فقط، هنا لدينا ثلاث "قنوات" للوصول إلى الوظائف العليا.

 أولها: ركوب "موجة" الانصياع التام بما يلزمها من "تأييد" دائم لمقررات المسئولين، ومن انضباط لمطالبهم، وتزيين لصورهم، وبناءً عليه سيتم "التصنيف" على قائمة المحسوبين و" الطيعين" أو على حزب "أهل الدار".

أما القناة الثانية فهي التسلل إلى "المعارضة" تحت أي عنوان "وتقمص" خطاباها العام وفق أعلى السقوف وأكثرها تشدداً، ثم النزول من "أعلى الشجرة" فجأة.

تبقى القناة الثالثة وهي انتهازية بامتياز، حيث يمكن لمن يطمح هنا بالوظيفة العامة أن يمارس دور "الفهلوي" أو أن يضع قدماً هنا وقدماً هناك، ثم "يربط" مواقفه تبعاً لحسابات اللحظة، ويتطوع دائماً ليكون "كبش" الفداء.

وسط هذا الواقع، لا نعدم -بالطبع- وجود أشخاص كثيرين وصلوا إلى المواقع العليا بكفاءتهم وجدارتهم، كما لا تخلو الإدارة العامة من وجود "نماذج" حقيقية للنظافة والأداء الحسن، وهؤلاء يمثلون كنز حقيقي للمؤسسة وصورة مشرقة وملهمة أيضاً للشباب الذين ما زالوا "يحلمون" بتبؤ المناصب العامة.

حذرت في مقالة أمس الأول من خطر ارتفاع منسوب "الاستفزاز" العام بسبب "التعيينات" المغشوشة، وأضيف الآن بأن بقاء هذه "القنوات" كاضطرارات أمام الشباب للعبور منها من أجل تحقيق طموحاتهم المشروعة، سيزيد بالتأكيد من حالة "الاستفزاز"، ليس هذا فقط، و إنما سيضر بالوظيفة العامة وبأداء المؤسسات وبسلامة المجتمع أيضاً.

شخصيات ذكرت في هذا المقال
00:00:00