قراءة تحليلية: "إسرائيل" توسع نفوذها الإقليمي والأردن في مواجهة المخاطر

الصورة
علم الأردن على سارية في المنطقة الحدودية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة | المصدر: Getty Images
علم الأردن على سارية في المنطقة الحدودية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة | المصدر: Getty Images
آخر تحديث

يواجه الأردن اليوم تهديدات غير مسبوقة من "إسرائيل الجديدة"، التي توسعت سياسيا واقتصاديا وعسكريا، وتسعى لإعادة رسم الواقع الإقليمي على حساب الأمن القومي الأردني والفلسطيني. هذه المخاطر تتزامن مع حرب شاملة واعتداءات إسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تستهدف المدنيين والبنية التحتية، وتوسعا في الاستيطان والتهجير القسري، ما يفاقم الأزمة الإنسانية ويهدد استقرار الدول المجاورة. 

في هذا السياق، تتضح مؤشرات مشروع إسرائيلي يسعى لتصفية القضية الفلسطينية وإعادة رسم الواقع الجغرافي والسياسي، في وقت يبرز فيه دور المقاومة ودماء الشهداء كمحدد رئيسي لقوة الرد الفلسطيني.

وفي السياق ذاته، قدم الكاتب والمحلل السياسي محمد أبو رمان، والخبير العسكري محمد المقابلة، عبر حسنى، قراءة تحليلية شاملة للتطورات الأخيرة، مستعرضين المخاطر، والاستراتيجيات، ودلالات استشهاد القادة المقاومين على استمرار زخم المقاومة واستقرار الأردن والمنطقة.

السلطة الفلسطينية تنازلات دون أي إنجازات

أكد أبو رمان أن التجربة الفلسطينية منذ اتفاق أوسلو وحتى اليوم تثبت أن السلطة قدمت كل ما طلب منها، من تنسيق أمني وتنازلات سياسية، لكن النتيجة كانت كالآتي:

  • استمرار الاستيطان.

  • قرارات ضم جديدة.

  • إلغاء أي أفق سياسي للدولة الفلسطينية. 

وأشار أبو رمان إلى أن هذا المسار كشف ضعف المؤسسات الفلسطينية أمام الضغوط الدولية، وأن تقديم التنازلات لم يوقف المخاطر أو يحقق أي مكاسب حقيقية للشعب الفلسطيني.

القانون الدولي بين النظرية والممارسة

انتقد أبو رمان ازدواجية القانون الدولي، مشيرا إلى منع الرئيس الفلسطيني محمود عباس من دخول الأمم المتحدة، في حين تبرر القوى الكبرى سياسات "إسرائيل" العدوانية. وأضاف أبو رمان: 

"ما معنى القانون الدولي ومنظومة الأمم المتحدة إذا كانت تستخدم لحماية الأقوياء وتهميش الضعفاء؟". 

موضحا أن القانون الدولي أصبح أداة بيد القوى الكبرى لا أكثر.

ما يجري في غزة كشف زيف القيم الغربية

أوضح أبو رمان أن ما يجري في غزة من حصار وتجويع وقتل للأطفال بالأسلحة الفتاكة يكشف زيف القيم الغربية التي طالما تغنت بالحرية وحقوق الإنسان. واعتبر أن الكثير من الفلسفة الغربية قامت على نظرة عنصرية تجاه الشعوب الأخرى، ما يبرر السياسات العدوانية والازدواجية في المعايير الدولية.

إسرائيل الجديدة: مشروع لتصفية القضية الفلسطينية

أكد أبو رمان أن "إسرائيل" اليوم تسعى لتكون القوة الإقليمية الوحيدة، مستهدفة إنهاء وجود الدولة الفلسطينية وليس حركة حماس فقط. وشدد على أن المرحلة الجديدة لا تستهدف التنظيمات فقط، بل السلطة الفلسطينية بالكامل، ما يعكس سعي تل أبيب لتصفية القضية الفلسطينية.

الدور الأمريكي وتمكين نتنياهو

أشار أبو رمان إلى أن دونالد ترامب منح نتنياهو الضوء الأخضر لمواصلة سياساته في الضفة الغربية وغزة، بما في ذلك ضم الأغوار وتقسيم الضفة، ما ينهي أي أفق لقيام دولة فلسطينية متواصلة جغرافيا، ويعزز التفرد الإسرائيلي الإقليمي.

الأردن في عين العاصفة

رأى أبو رمان أن الأردن يواجه خطرا غير مسبوق مع "إسرائيل الجديدة"، التي توسعت سياسيا واقتصاديا وثقافيا، ولا ترى بقاء الأردن مستقرا كما في الماضي مصلحة لها. وأكد أن هذا الواقع يتطلب مراجعة الاستراتيجيات الوطنية والأمنية، وتعزيز قراءة "إسرائيل" كمصدر تهديد مباشر للأمن القومي الأردني، خصوصا فيما يتعلق بالقدس والوصاية الهاشمية، إضافة إلى مخاطر "الترانسفير الناعم" للفلسطينيين عبر التضييق الاقتصادي والإنساني.

التحرك الأردني متعدد المسارات

لفت أبو رمان إلى أن الأردن يتحرك دبلوماسيا على عدة مستويات، عبر بناء تحالفات مع الدول الغربية والأوروبية، وتعزيز الإدانة الدولية لـ"إسرائيل"، إضافة إلى تنسيق عربي مع مصر والسعودية والسلطة الفلسطينية. كما أكد دراسة سيناريوهات متعددة للتعامل مع أي تصعيد محتمل في الضفة الغربية أو القدس، أو أي تهجير قسري للفلسطينيين.

استشهاد القادة: وقود للمقاومة

من جانبه أكد الخبير العسكري محمد المقابلة لـ حسنى أن خبر استشهاد القائد أبو عبيدة، إن صح، سيكون وقودا جديدا لتعبئة المقاومة، خصوصا في الضفة الغربية وأراضي الـ48. وأوضح أن دماء الشهداء كانت دائما مصدر قوة وتجديد لروح المقاومة، وأن استشهاد القادة لا يضعفها، بل يزيدها صلابة ومتانة.

نقد للأصوات المشككة في الشهداء

انتقد المقابلة الأصوات التي تطعن في شهداء المقاومة، واعتبرها مواقف تتناغم مع خطاب الأعداء، لا تليق بالمؤمنين. ولفت إلى ازدواجية بعض الدول في الاحتفاء بيوم الشهيد مقابل تشويه شهداء غزة والمقاومة، ما يعكس موقفا غير مقبول سياسيا وأخلاقيا.

التهديدات الإسرائيلية للأردن

حذر المقابلة من أن الأردن يواجه تهديدات إسرائيلية متصاعدة، مؤكدا أن هذه المخاطر حقيقة وليست وهمية، وتستلزم استعدادا سياسيا وأمنيا وعسكريا. وأشار إلى وجود فجوة بين خطاب الدولة الرسمي والشارع الأردني فيما يتعلق بحجم الخطر، داعيا إلى معالجة هذا التباين.

مشروع "إسرائيل الكبرى"

أكد المقابلة أن مشروع "إسرائيل الكبرى" تحقق في معظم أبعاده الاقتصادية والسياسية والثقافية عبر اتفاقيات الغاز والمياه وتقييد دعم المقاومة، ولم يتبق سوى البعد الجغرافي. وحذر من أن أي إضعاف للأردن سيكون مدخلا لتحقيق هذا المشروع، ما يجعل المملكة هدفا مركزيا في المخطط الإسرائيلي.

دعوة للاستعداد العملي

اختتم المقابلة بالتحذير من الاكتفاء بالشعارات أو إدارة الملفات بشكل روتيني، داعيا إلى اتخاذ خطوات عملية على الأرض للتحضير لاحتمال فرض حصار على الأردن شبيه بما حدث في غزة، ومواجهة الظروف غير المألوفة بخطط عملية واستراتيجية واضحة.

اقرأ المزيد.. مشروع إسرائيل الكبرى خطر وجودي؟

دلالات
شخصيات ذكرت في هذا المقال
00:00:00