ذكرى الهجرة النبوية دروس نستلهم منها العبر في بناء الدولة
تأتي ذكرى الهجرة النبوية الشريفة التي تصادف في الثَّلاثين من تمّوز 2022 ، الموافق للأوَّل من محرَّم لسنة 1444 هجريَّة؛ لتعطينا الدروس والعبر في الصبر والتكاتف في بناء الدولة وتثبيت أركان اقتصادها وقوانينها.
وتحيي الهجرة النبوية العديد من المعاني السامية، حيث كانت مفتاحا لبناء الدولة، وغيرت مجرى التاريخ في النهج الإسلامي ونشر الإسلام، وأهم ما ميزها المؤاخاة بين المهاجرين الذين هاجروا من ديارهم استجابة للنداء الالهي الرباني، فكان الرسول الكريم مثالا وقدوة وتحمل ما تحمل من أجل رسالة الحق لإخراج الناس من الظلمات إلى النور وانتقل من مكة الى المدينة مهاجرا،واستقبله الأنصار، وأسس أول مجتمع اسلامي فتأسست دولة حقيقية: على أرض المدينة المنورة ، فجمعت الهجرة شعبا من مختلف الأعراق واللغات ليوحد بينهم ويصنع منهم أمة.
وذكر أستاذ الفقه الإسلامي الدكتور أنس أبو عطا بأن الهجرة النبوية الشريفة تعلمنا حسن التدبير والأخذ بالأسباب، وبناء دولة القانون، فالله عزّ وجل حينما أراد تكريم النبي صلى الله عليه وسلّم أسرى به من خلال البراق، ولكنه أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون قدوة وأسوة ومعلماً للناس، فأذن له بالهجرة النبوية الشريفة.
وقال أبو عطا في حديثه إلى حسنى اليوم إن الهجرة عنوانها الرئيس الأخذ بالأسباب، وأن الإسلام دين بذل وعطاء وتضحية، حيث مكث النبي صلى الله عليه وسلّم يعدّ خطّة الهجرة 4 أشهر كاملة، وأخذ بالأسباب في تفاصيل التفاصيل، وهذه أولى محطات الهجرة النبوية الشريفة.
أما المحطّة الثانية، فقد شارك جميع أفراد المجتمع في خطّة الهجرة، فاختار النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق صاحب وصديق له في رحلة الهجرة وهذا دلالة على حسن الاختيار في الزواج، وحسن الاختيار في الجيران، وحسن الاختيار في العمل، فعندما هاجر الرسول تحمل المشاق والصعاب لأجل نيل رضا الله، مع الصحبة الصالحة التي اختارها في السفر التي تعينه على الخير .
وقد شاركت المرأة، والغلام، والصبي، وشارك أيضاً غير الكافر، وهنا إشارة إلى اختيار الأشخاص أصحاب الكفاءات للقيام بالمهام، بغض النظر عن دينهم أو عمرهم.
أما المحطة الثالثة فهي ضرورة بذل المال والجهد لأجل الدين، وليس العكس، نبذل الدين لأجل المال، حيث تبرع أبو بكر الصديق بالناقتين للهجرة، فيما بنى النبي صلى الله عليم وسلم مسجد قباء أيضاً من خلال بذل المال لشرائه من الأيتام، والهجرة ليست بالأمر السهل، بل تهاجر إذا لم تستطع تغيير المنكر في البلد الذي تعيش فيه، ولكن إذا استطعت فعليك السعي دوماً لإنكار المنكر وبكل الطرق الممكنة.