شدد مدير دائرة الأراضي والمساحة بالوكالة د.حسام أبو علي لـ حسنى، اليوم الثلاثاء، أن الملكية العقارية ذات أهمية كبيرة على اعتبار أنها إحدى
حل مشكلة شيوع الأراضي هل هو قضائي أم إداري؟
لا تزال مشكلة شيوع الأراضي تشكل هاجسا لدى أطراف عدة حتى يومنا هذا، وذلك على الرغم من إقرار قانون الملكية العقارية رقم (13) عام 2019 وما تضمنه من تعديلات على نظام إزالة الشيوع، حيث كان من المفترض أن تسهّل من إجراءات الفرز بين الشركاء من خلال تقليل المدة والأخطاء الإدارية.
ما هو شيوع الأراضي ؟
و "الشيوع" هو نظام عثماني تكون فيه ملكية الأرض لعدد من الأشخاص قد يصل إلى العشرات، وتفيد المعلومات بأن عشرات الآلاف من الدونمات داخل العاصمة عمان غير مفروزة حتى اليوم بسبب قضايا الشيوع.
ويرى قانونيون أن مشكلة شيوع الأراضي ستتطور و تزداد خطورة مستقبلا، وإنه مع مرور الزمن سيزداد مجموع شركاء الشيوع مما يؤدي إلى إستحالة حلها، ولربما السؤال الأبرز هو: من هي الجهة المؤهلة لحل هذه المعضلة، وهل هي قضائية أم إدارية؟
نقلت مهمة البت في قضايا الشيوع عام 2019 من القضاء إلى لجان إزالة الشيوع في دوائر الأراضي وذلك بناء على قانون الملكية العقارية رقم (13)، وسط تنامي نشاط الاستثمار في قطاع العقارات، الأمر الذي يحتم على الجهات المعنية البحث عن حلول لهذه المشكلة بشكل يتلائم مع حاجة القطاع العقاري والعمراني.
قضايا إزالة شيوع الأراضي "خصومة" يجب أن تبقى لدى القضاء
من جهته قال نقيب المحامين الأردنيين يحيى أبو عبود، لـ حسنى، الثلاثاء، إن نقل دعوى إزالة الشيوع من المحاكم إلى دوائر الأراضي لم يراعي بأن تلك الدعاوى هي "خصومة" وفيها نزاع على منفعة بين عدد من الأفراد، يجب أن تتم تسويتها تحت نظر السلطة القضائية، والتي تعتبر متفرغة لمثل هذا النوع من القضايا وذلك بنص الدستور.
وشدد أبو عبود بأن القاضي بما يمتلكه من شخصية قانونية تتمتع بضمانات قانونية واستقلالية غير موجودة بأي ولاية أخرى، وذلك اعتمادا على استقلالية السلطة القضائية دستوريا وعلى أرض الواقع.
لافتا إلى أن السلطة التنفيذية الإدارية في نظر الخصومات هي سلطة غير مستقلة، وإن تلك السلطة تقتصر قدرتها على إصدار قرارات إدارية وهي تختلف عن القرارات القضائية.
وأكد أبو عبود على ضرورة إبقاء النظر في إزالة الشيوع تحت ظل القضاء، وذلك للحفاظ على ضمانات التقاضي.كما انه لا يستطيع إدارة الخصومة إلا القضاة الذين تمرسوا على إداراة هذا النوع من الخصومات.
وشدد نقيب المحامين بأن إدارة الخصومة هي ضمانة من ضمانات المحاكمات العادلة، وإشراف القاضي على عملية تبليغ الخصوم هي إحدى الضمانات أيضا، خصوصا أن المحاكم استعاضت عن التبليغ الوجاهي بالتبليغ الإلكتروني والذي لا يمكن أن ينتج عنه آثارا عادلة إلا إذا أشرف عليه القضاء، والتأكد من وقوع التبليغ.
ولفت أبو عبود إلى أن تعديل قانون أصول المحاكمات المدنية فيما يتعلق بالتبليغات سيختصر كثيرا من الإجراءات وسيسرع في مسألة الفصل بقضايا إزالة الشيوع في حال عودتها للقضاء. عدا عن ضرورة تخصيص عدد أكبر من القضاة المتخصصين للنظر في تلك القضايا. لافتا إلى أن إجراءات إزالة الشيوع في دوائر الأراضي لا تتم من خلال خبراء في القانون، ما قد يحدث خللا في الإجراءات.
وعبّر نقيب المحامين عن اعتزازاه بدائرة الأراضي الأردنية، مشيرا إلى أن الأردن كان من السباقين على مستوى العالم بالاحتفاظ بالسجل العيني للعقارات والأراضي في المملكة، والذي يتميز بقدرته على حفظ واستقرار المُلكيات في المنظومة القانونية، بالإضافة إلى أن الأردن كان سباقا باعتبار تسجيل العقار داخل دائرة الأراضي ركنا أساسيا من أركان تسجيل العقارات، بخلاف الأنظمة الأخرى التي تعتبره شرطا لنفاذ العقد.
وأوضح أبو عبود أن طبيعة بنيان المجتمع الأردني الذي يقوم على فكرة ملكية الأسرة، منذ تأسيس الدولة الأردنية، رسخ من قدسية الملكية الجماعية، لكن ومع تطور المجتمع ظهرت حاجة الأفراد إلى الاستفادة من تلك الملكيات التي يشترك فيها عدد كبير من الأفراد، ما يصعب فيها عملية الإفراز الرضائي، ما يدفع الأفراد إلى اللجوء إلى المحاكم التي تمتلك الخبرة والقدرة لحسم الأمر بصورة أقرب لتحقيق العدالة بين الأفراد.
العائق الزمني في إزالة شيوع الأراضي
المحامي هاني زاهدة اتفق مع أبو عبود بضرورة إعادة إزالة الشيوع إلى القضاء بعد فشل دائرة الأراضي التام بإزالة الشيوع في القضايا التي حوّلت لها بعد إقرار قانون الملكية العقارية رقم (13) عام 2019.
وقال زاهدة لـ حسنى، "إن التجربة العملية أثبتت فشل إدارة إزالة الشيوع في دوائر الأراضي حيث أصبح ينظر في هذه القضايا أشخاص غير متخصصين في فض النزاعات".
وأضاف زاهدة " أنه لم تكن هناك أي بنية تحتية في دوائر الأراضي لاستقبال قضايا إزالة الشيوع، ما تسبب بتعطل الفصل في تلك القضايا".
كما أكد زاهدة أن عملية إزالة الشيوع أمام القضاء هي عبارة عن ضبط لتلك العملية من خلال القاضي، بينما عملية الفرز كانت تتم من خلال خبراء ومساحين مختصين، وهو غير متوفر في دوائر الأراضي. ومشددا أن إزالة الشيوع هي مسألة حقوقية وتترتب عليها حقوق للناس، وإذا لم يكن يتمتع الذي ينظر بالقضية "باستقلالية ونزاهة القاضي" فإنه سيؤثر على حقوق الناس. عدا عن أن العجز الإداري في دوائر الأراضي جعل إزالة الشيوع في تلك القضايا شبه مستحيل.
وتساءل زاهدة مستغربا عن سبب استبعاد القضاء في قضايا إزالة الشيوع، علما أنه يمتلك الخبرة الكافية ومنذ عشرات السنين للفصل في تلك القضايا. عدا عن بعض الأمور التي تعطل النظر في تلك القضايا في دوائر الأراضي بسبب انشغالها في متابعة معاملات أخرى.
وعلل المحامي هاني زاهدة سبب الوقت الطويل الذي تستغرقه تلك القضايا للفصل فيها، إلى وجود عدد كبير من الشركاء في القضية الواحدة والذي قد يصل إلى 100 شخص، حيث يجب تبليغهم جميعا، وقد يصادف وفاة أحد الشركاء فيجب العمل على تبليغ ورثته، الأمر الذي يستغرق أوقاتا طويلة، وأن العائق في هذه القضايا زمني بسبب طبيعتها، وليس بسبب الجهة التي تنظر فيها.
لكن زاهدة أكد في معرض حديثه أن القرارات الصادرة عن دوائر الأراضي في قضايا إزالة الشيوع تكتسب نفس القيمة القانونية للقرارات التي تصدر عن القضاء وهي قابلة للاستئناف أمام محاكم البداية.
إحالة إزالة الشيوع إلى دائرة الأراضي نقلة نوعية لم تكتمل
من جانبه قال الخبير العقاري وعضو جمعية مستثمري الإسكان السابق سليمان الداوود، لـ حسنى، إنه وعلى الرغم من الثورة التشريعية التي أقرتها الحكومة خلال السنوات الأخيرة فيما يتعلق بالشأن العقاري بعد إلغاء 13 قانونا ودمجها تحت قانون الملكية العقارية، إلا أن قضية إزالة شيوع الأراضي بحاجة لوقفة حقيقة.
وأكد الداوود على ضرورة تواصل الجهات المعنية، وعلى رأسها دائرة الأراضي مع المجتمع العقاري والاستماع إليه، للوقوف عند المشكلات التي يعانيها القطاع بسبب قضايا إزالة الشيوع قبل إقرار مسودة التعديلات التي تنوي الحكومة إجراءها على إزالة الشيوع في قانون الملكية العقارية والتي تقضي بإعادة تلك القضايا من جديد للقضاء.
ويرى الداوود بأن إحالة قضايا إزالة الشيوع من القضاء إلى دائرة الأراضي شكل نقلة نوعية كانت ستقلل من الفترة الزمنية التي تستهلكها تلك القضايا وتختصرها بحدو الـ 6 أشهر إلى سنة، لكنها فشلت على أرض الواقع بسبب عم توفير البنية التحيتة اللازمة لتنفيذ ذلك الإجراء على أكمل وجه وتحديدا فيما يتعلق بوجود خبراء مختصين للنظر في تلك القضايا، مع وجود ملكيات خاصة تقدّر بعشرات الآلاف من الدونمات داخل العاصمة عمان غير مفروزة حتى اليوم بسبب قضايا الشيوع.
وأكد الداوود بأن إنجاز قضايا إزالة الشيوع، سينعكس بشكل إيجابي على القطاع العقاري.
وأفادت مصادر مطلعة لـ حسنى بتسجيل نحو 8 الآف معاملة إزالة شيوع في كافة دوائر الأراضي بالمملكة، تم الفصل في ألفي معاملة بشكل نهائي بينما العمل جار على 6200 معاملة.
وتجدر الإشارة إلى أن مجلس النواب وافق على المادة 97 من مشروع قانون الملكية العقارية، والتي تعطي دائرة الأراضي صلاحية إزالة شيوع الأراضي .
وتتضمن المادة أنه في حال تعذر اتفاق جميع الشركاء على التصرف في العقار المملوك على الشيوع ببيعه، فإنه يجوز التصرف بالعقار لإنهاء الشيوع فيه بطلب يقدم إلى مدير دائرة الاراضي و لإحالته إلى لجنة إزالة الشيوع في العقار.
ويمكن طلب إزالة الشيوع من قبل مالكي ثلاثة أرباع الحصص على الأقل في العقار شريطة أن تكون الحصص المتبقية غير قابلة للقسمة منفردة أو مجتمعة، على أن يبلغ طلبهم إلى بقية الشركاء، فإن أجازوه أجرى التصرف، وإن لم يجيزوه أو امتنعوا عن إبداء رأيهم فيه نفذ التصرف، ولهم إقامة دعوى للمطالبة بالتعويض عما لحق بهم من ضرر في ما يخص حصصهم من ثمن العقار لدى المحكمة خلال 30 يوما من تاريخ تسجيل التصرف في العقار.