التطبيع كحل اقتصادي سريع، هل يغفر الشهداء لنا؟

الصورة
صورة تعبيرية | اجتماع العقبة يبحث التهدئة في الأراضي الفلسطينية
صورة تعبيرية | اجتماع العقبة يبحث التهدئة في الأراضي الفلسطينية

رغم قلق الأردن الرسمي من موجة التطبيع العربي مع العدو الإسرائيلي، إلا أنه يسعى لتطوير الملف السياحي وزيادة عدد العمالة الأردنية في الجانب الآخر، معللا ذلك ربما بتوفير وضع اقتصادي أكثر ملاءمة لمواطنيه. فلم يتردد مدير سلطة العقبة حمزة الحاج حسن في مقابلة له على قناة المملكة من الإفصاح عن نية السلطة تطوير الملف السياحي مع جانب الاحتلال الإسرائيلي. 

التطبيع مع الاحتلال بمبررات اقتصادية 

وفي الحقيقة، لا تختلف هذه الخطوة عن ممارسات السلطة التطبيعية مع الاحتلال في الأغوار الشمالية من خلال السماح للمشاريع الإسرائيلية بالتسرب إلى الأراضي الأردنية بحجة تبادل الخبرات الاقتصادية وتمكين المرأة الأردنية اقتصاديا. فنساء غور الصافي اللواتي ظهرن في فيديو يصافحن فيه نساء "إسرائيليات" ويشاركنهن أعمالا وحرفا يدوية، برّرن تطبيعهن بتبادل الخبرات، وأن هذا الأمر ليس له علاقة بالاحتلال. ويبرر الحاج حسن أيضا تطبيعهم في سلطة العقبة في الملف السياحي بأنه ضمن بروتوكول موقع ما بين سلطة العقبة ومدينة "إيلات"، متعلق بـ"الاهتمام بالحالة العمالية في إيلات". 

ورغم نفي الحاج حسن لتصريحات إسرائيلية عن إقامة منتجع أردني - إسرائيلي مشترك، إلا أنه رأى في قلة عدد العمالة الأردنية في "إيلات" مشكلة، حيث أتبع حديثه في اللقاء قائلا: "نعمل على زيادة هذا العدد وتحسين الظروف للعمالة". 

هل نذل تاريخنا الشريف للقمة عيش؟ 

يعيش الأردن الرسمي حالة انفصام سياسية تتعلق بالخطط والرؤى الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية التي لا تنعكس على الحالة الاقتصادية. 

ففي حين أن الشرعية السياسية للنظام السياسي الأردني لا زالت تستند بشكل مباشر إلى الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، وتستند بشكل مباشر أيضا إلى الثورة العربية الكبرى التي كان قائدها الشريف حسين بن علي رافضا للتوطين اليهودي على الأراضي الفلسطينية؛ تقوم الحكومة الأردنية -التي تحتفي بهذا التاريخ- بالسعي نحو "تحسين" العلاقة مع الاحتلال، أكبر تهديد سياسي واقتصادي للأردن. 

يتناسى المسؤول الأردني مسؤولية الاحتلال المباشرة في أزمة المياه في الأردن، كما يتناسى إبرامه اتفاقيات تحد من قدرته على التنقيب عن الموارد الطبيعية في أرضه، ويتناسى أيضا توجيهه لتكديس المشاريع الاستثمارية في العاصمة وتعزيز الطبقية الاجتماعية والاقتصادية، ليلتفت المسؤول آخرا إلى المواطن المنسي في زوايا هذه الجغرافيا، ويقدم له حلولا اقتصادية آنية ترى في التطبيع حلا سريعا، تفصل فيه الأردني عن تاريخه العدائي مع الاحتلال وعقيدته. 

ربما أكثر ما ينساه المسؤول الأردني هو سعي الاحتلال المعلن عن مخططه الاستعماري لأكناف بيت المقدس، فلم يتوانى وزير مالية الاحتلال عن استخدام خريطة لـ "إسرائيل" تضم حدود المملكة الأردنية الهاشمية والأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك خلال مشاركته في فعالية عقدت في باريس في آذار الماضي. الأردن الرسمي، وعلى لسان وزير خارجيته، صرح في حينه بأنه سوف يستمر في اتخاذ كافة المواقف التي تحمي مصالحه في حال تصاعدت الاستفزازات الإسرائيلية. 

فهل تكون حماية مصالح الأردن بالتسهيل على أبنائه العمل تحت سلطة احتلالية استعمارية، وتطبيع العلاقات معها لتحسين الظروف الاقتصادية للمواطن الأردني، أم تكون بتوفير فرص عمل كريمة لا تحيج الأردني المرابط على حدود وطنه لقبول التطبيع مع عدو يسرق منه مياهه وأرضه وتاريخه؟  

الأكثر قراءة
00:00:00