جريمة إحراق المسجد الأقصى: تاريخ من الاحتلال والتدنيس

الصورة
المصدر
آخر تحديث

أربعة وخمسون عاما مرت على جريمة إحراق المسجد الأقصى المبارك، ولا زالت جرائم الاحتلال الإسرائيلي مستمرة بحق المسجد والمصلين والفلسطينين، وتأتي ذكرى حادثة إحراق المسجد الأقصى في الـ 21 آب 1969، تجسيدا لجرائم لم تنته، بل تخطت حدود الزمان والمكان منتمية إلى سجل الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الذي جعلته هدفًا لانتهاكاتها الممنهجة، ورغم تعاقب التجاوزات، إلا أن المسجد الأقصى سيبقى للأمة المسلمة رمزًا للصمود والتحدي والذاكرة الحية على حريق لم تزل نيرانه تشتعل.

جريمة إحراق المسجد الأقصى 

في مثل هذا اليوم، 21 آب من عام 1969، اقتحم المتطرف الأسترالي الجنسية، دينيس مايكل روهان، أحد أقدس المقدسات لدى المسلمين وأضرم النيران فيه. كانت هذه الحادثة بمثابة بداية لسلسلة طويلة من الاعتداءات والتدنيس التي تعرض لها المسجد الأقصى على مر العقود تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي.

بقايا منبر صلاح الدين الأيوبي في المتحف الإسلامي بالمسجد الأقصى كانت أكلته النيران في حريق الأقصى عام 1969

سياسة التدنيس والتهويد بحق المسجد الأقصى

بعد جريمة إحراق المسجد الأقصى المبارك عام 1969، استمرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بسياسة التدنيس والتهويد تجاهه من خلال سلسلة من الإجراءات المشينة، وذلك بقصد إزهاق روح المكان والقيم الإسلامية المرتبطة به، من خلال محاولته تقييد وصول الفلسطينيين للمسجد والتضييق عليهم، وتهويد البيئة المحيطة به من خلال الاستيطان والتغييرات في الطابع المعماري عدا عن الاقتحامات المتكررة للمسجد المبارك من قبل المستوطنين بحماية ومشاركة شرطة الاحتلال الإسرائيلي، وذلك بغية التأكيد على السيطرة على المسجد وتحدي الهوية الإسلامية للمكان.

كما تسابق سلطات الاحتلال الزمن لتغيير الوضع القانوني للمسجد الأقصى المبارك من خلال إقرار قوانين تُمكنها من التحكم فيه وتقييد حرية الوصول للمصلين والاعتداء عليهم بالضرب واقتيادهم إلى مركز التحقيق، عدا عن إصدار الآف قرارات الإبعاد عن المسجد بحق شخصيات مقدسية كما حدث مع خطيب المسجد الأقصى المبارك الشيخ عكرمة صبري و نائب مدير أوقاف القدس الشيخ ناجح بكيرات، بالإضافة إلى قرارات الإبعاد بحق المرابطين والمرابطات بهدف إفراغ المسجد لحساب المستوطنين. 

كما تسعى سلطات الاحتلال إلى عملية تدمير بنيوية ممنهجة بحق المسجد الأقصى من خلال تنفيذ مشاريع تهويدية في محيطه، بهدف تغيير الطابع الإسلامي للمنطقة المحيطة به والمتمثلة بالبلدة القديمة من مدينة القدس المحتلة، عدا عن أعمال الحفريات تحت أساساته وذلك لتنفيذ مخططاتها لبناء "الهيكل" المزعوم على أنقاض المسجد. 

ومما يؤكد مساعي حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة لتقسيم المسجد الأقصى المبارك زمانيا ومكانيا؛ الاجتماع الذي عقده نتنياهو في أيار الماضي لأعضاء حكومته في نفق تحت المسجد الأقصى بعد ساعات قليلة من اقتحامه من قبل الوزير المتطرّف "إيتمار بن غفير"، وتخصيص عشرات الملايين من الشواقل لمصلحة "تعزيز أمن" مستوطنات القدس المحتلة، ما يؤكد مساعي الحكومة اليمينية المتطرفة لتقسيم المسجد الأقصى زمانيًّا ومكانيًّا وفرض أمر واقع عليه.

وفي الذكرى الـ54 لإحراق المسجد الأقصى، لا تزال جرائم الاحتلال تتواصل حيث بلغ عدد العقارات التي استولت الجمعيات الاستيطانية عليها في البلدة القديمة بالقدس 78 عقاراً تحولت لبؤر استيطانية يسكن فيها أكثر من ألفي مستوطن ينغصون حياة 40 ألف فلسطيني يعيشون في المدينة القديمة. 

وتصاعدت اقتحامات المستوطنين خلال النصف الأول من العام، إذ اقتحم 26,276 مستوطنا باحات المسجد الأقصى المبارك تحت حماية قوات الاحتلال التي أمنت دخول 482,392 سائح دون إذن الأوقاف، كما شنت قوات الاحتلال حملات اعتقال واسعة في صفوف المقدسيين، وتم رصد 1800 حالة اعتقال في كافة مناطق محافظة القدس، من بينهم ما يزيد على 208 أطفال ونحو 56 امرأة. 

وخلال النصف الأول من هذا العام، بلغ عدد عمليات الهدم في محافظة القدس 181 عملية هدم و19 عملية تجريف، كان منها 40 عملية هدم ذاتي قسري و141 عملية هدم نفذتها آليات الاحتلال.

صمود وتحدي في وجه العدو

وأمام هذه الجرائم، يلتف الفلسطينيون ببسالة حول المسجد الأقصى المبارك فيما تتجسد صور النساء والشيوخ وهم يحملون شعلة الصمود والأمل في وجه الاحتلال والقهر والاستبداد الإسرائيلي، وعلى صخرة الصمود الفلسطيني تُكسر زعم السيادة الإسرائيلية في القدس وفي المسجد الأقصى، ويثبت المقدسيون أنهم أصحاب السيادة الفعلية على الحرم القدسي الشريف.

لكن الصمود الفلسطيني اليوم، بأمسّ الحاجة إلى مساندة فاعلة وحقيقية من العرب والمسلمين للحفاظ على جذوته متوقدة أمام مؤامرات الاحتلال وممارسات المستوطنين العدوانية.

الأكثر قراءة
00:00:00