تحدي المياه في الأردن بين الحاجة والسياسة

الصورة

في خضم النقاش الدائر منذ توقيع مذكرة التفاهم بين الأردن وإسرائيل على تبادل المياه مقابل الطاقة بما يعرف باتفاق النوايا، يبرز موضوع تحدي المياه في الأردن من جديد إلى الواجهة.

فهل هذا النقاش كان سيأخذ هذه المساحة من الاهتمام لو كانت هذه الاتفاقية مع سوريا أو العراق أو أي دولة عربية أخرى، بالتأكيد لا والدليل أن هناك الكثير من الاتفاقيات لتزويد دول عربية بالطاقة أو الحصول على مصادر طاقة مثل الغاز والنفط، لكن لم تحظ بمثل هذا الاهتمام.

من هنا فإن ربط موضوع المياه مع محتل وعدو مغتصب للأرض والمياه هو ما أعطى هذا الزخم وليس الحاجة للمياه بحد ذاتها، إن هذا الربط له هدف سياسي غير الحاجة للمياه، بدليل حديث السفير الأمريكي لوسائل الإعلام عن تحدي المياه في الأردن والحلول لهذا التحدي ومنها اتفاق النوايا لدمج إسرائيل في مشاريع إقليمية.

فإذا كان تحدي المياه هو تحدي احتياجات كما بين السفير وكما بررت الدولة الأردنية، فهناك الكثير من الحلول التي تستطيع أن تقلل الفجوة بين الاحتياجات والمصادر المتاحة، بما في ذلك المصادر غير التقليدية مثل التحلية أو تحويل رطوبة الهواء  إلى مياه أو تقليل الفاقد في الشبكات الذي يصل إلى 50% أو إنشاء مزيد من السدود وغيرها من الحلول التي بإمكان الدولة الأردنية القيام بها دون الحاجة لربط ذلك بالدول المجاورة.

الأمر الآخر أن يتم إظهار الحاجة وشح الموارد لتنفيذ مخططات سياسية، فهذا ما يحب الحذر منه وعدم الوقوع في هذا الفخ، والأولى أن يتم ربط الحاجة بالحقوق وليس بمشاريع سياسية تربط قضايا مصيرية مثل المياه مع من اعتدى على حقوق الأردن وسوريا ولبنان وفلسطين وسرق مواردها المائية جهارا نهارا، وكان الأولى المطالبة بهذه الحقوق خاصة أنها حقوق معترف بها دوليا.

ولتوضيح الصورة أكثر فإن اتفاق النوايا يتحدث عن تزويد الأردن بكميات تصل إلى 200 مليون م3 من المياه للمناطق الشمالية، في المقابل خطة جونسون عام 1953 أعطت للأردن 300 مليون من حوض نهر الأردن، وهذا المصدر محاذ للمناطق الشمالية وغير مكلف، لكن للأسف الشديد تنازل عنها لإسرائيل في اتفاقية السلام، ورضي فقط بخمسين مليون م فلو حصل الأردن على تلك الكمية بالإضافة للحلول الأخرى لما احتاج لمشروع الناقل الوطني لنقل المياه المحلاة من البحر الأحمر والذي سيكلف المليارات ولا إلى اتفاق النوايا.

للأسف نحن نعيش في زمن أوصلتنا سياسات دولنا وحكامنا إلى أن ينعم المحتل بالأرض ومصادر المياه الطبيعية المسروقة والرخيصة بينما أصحاب الحقوق عليهم قبول ذلك أو شراء المياه منه كما هو حال الأردن في الصيف وحال فلسطين حيث يشترون مياه الضفة الغربية من الشركات الإسرائيلية أو البحث عن مصادر مكلفة تزيد من تبعيتهم للدول والمؤسسات الدولية الممولة لتلك المشاريع مثل ناقل البحرين الذي تم صرف الملايين عليه، ثم توقف ومثل الناقل الوطني للمياه المحلاة.

فمن المسؤول عن هذا التخبط وتضييع الحقوق ولمصلحة من سوى العدو المحتل، وهل هناك من يحاسب من فرطوا وأوصلوا البلاد إلى هذه الحال، أسئلة كثيرة لكل صاحب قرار ولكل من ولي مسؤولية عامة ولكل نائب ارتضى أن يمثل الناس.

الأكثر قراءة
00:00:00