حوار مع برنامج ذكاء اصطناعي – الجزء الثاني

الصورة
ليث أبو نواس
ليث أبو نواس

بقلم ليث أبو نواس | المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

استكمالا للجزء الأول من المقال (حوار مع برنامَج ذكاء اصطناعي – الجزء الأول)، والذي تحدثت فيه عن تقنيات وأجيال الشبكة العنكبوتية العالمية الويب، أستعرض اليوم جانبا من حوار قمت به مع واحد من أحدث تقنيات برمجيات الذكاء الاصطناعي التي برمجتها مختبرات شركة أوبن أي ايه (الذكاء الاصطناعي المفتوح)، الذي يعمل حاليا في وضع التجربة ومتاح للجميع.

يجدر الإشارة أنني سألت وحصلت على موافقة البرمجية حول نشر هذه الأسئلة بالرغم من أن الإجابة على تساؤلي حول إمكانية نشر الأسئلة كانت تؤشر إلى سياسة الخصوصية الموضوعة من المختبر المبرمج، وبعد القراءة ومراجعة هذه البنود لم أجد ما يمنع من نشر الحِوار بهدف تسليط الضوء على هذه التقنية، خاصة أنني في معظم أجزاء المقال لم أقم بنقل الإجابات بشكل مباشر، وإنما قمت بترجمتها من اللغة الإنجليزية إلى العربية وبتصرف، وفي الجزء الأخير قمت بنقل النص العربي مباشرة، وأحتفظ بحق الشركة في إزالة هذا الجزء إن أرادوا ذلك بعد التواصل مع فريق التحرير في موقع حسنى.

التقنية المعتمدة لدى البرمجية كما تعرفها خوارزمياته

الذكاء الاصطناعي

هو برمجية ذكاء اصطناعي حصل على تفاعل كبير من المستخدمين يتجاوز الملايين خلال أقل من شهر، وهو تطبيق متوافر اليوم بصيغة تجريبية يتيح للمستخدم التفاعل عن طريق الدردشة مع خوارزميات ذكاء اصطناعي بحيث يقوم بالإجابة عن الأسئلة المطروحة بناء على قاعدة البينات التي تم تدريبه عليها، ما يميز هذا التطبيق، هو مقدرته على التحليل والربط وإعطاء النتائج بدقة عالية دون البحث في مصادر خارجية، وإنما يعتمد على تقنيات تحليل اللغة أو كما يصفها هو بنفسه، وأقتبس من إجابته على سؤال طرحته عليه وهو "من أنت؟" فكانت الإجابة التالية " أنا مساعد مكون من نموذج كبير لتحليل اللغة والنصوص، تدربت على أيدي باحثين في مختبر، أنا هنا لمساعدتك في تلبية استفساراتك وإجابة أسئلتك، ولكنني لست شخصا حقيقيا، وليس لدي القدرة على التعامل مع العالم الحقيقي كما يفعل البشر، تدربت على التعلم وربط النماذج المنطقية وتحليل اللغة من مجموعة كبيرة من البيانات النصية تغطي مجموعة واسعة من الموضوعات المختلفة، وأنا هنا لأساعدك في العثور على المعلومات والإجابات التي تريدها، ولكنني لا أستطيع الوصول إلى الإنترنت للبحث عن معلومات الجديدة أو مواضيع غير معرفة لدي أو التحدث مع البشر من تلقاء نفسي".

وعندما سألته عما يستطيع عمله، كانت الإجابة وأترجمها بتصرف –لأنني طرحت السؤال بالإنجليزية قبل أن أعرف أنه يستطيع فهم اللغة العربية– "أنا نموذج كبير للغة مدرب من قبل أخصائيين في المختبر، مهمتي الأساسية هي مساعدة المستخدم في صياغة نص شبه إنساني مستندا على المدخلات المقدمة لي، وتضمن المساعدة التي أقدمها، الإجابات عن تساؤلات، إعطاء معلومات شاملة عن مواضيع مختلفة، الدخول في نقاشات مع المستخدمين. أنا أفهم وأستطيع الرد على مختلف المدخلات باختلاف اللغات ويمكنني المساعدة على تزويد معلومات ذات دِقَّة عالية بأفضل شكل متاح لي، ومن المهم أن أشير أنني آلة لا يمكنني الوصول إلى الإنترنت للبحث عن معلومات جديدة خارج نطاق ما تم تدريبي عليه، حيث أنني تلقيت آخر تدريب على معلومات محدثة حتى عام 2021".

السؤال حول تقييم الحضارة الإنسانية

حوار مع الذكاء الاصطناعي حول تقييم الحضارة الإنسانية

وقد تعمدت طرح هذا النوع من الأسئلة المعقدة الجدلية، التي تحتاج إلى معرفة شاملة في مختلف المواضيع، حيث أن العلماء اختلفوا في آلية تقييم الحضارة البشرية وعدد الأبعاد التي يمكن اعتمادها في إيجاد تقييم شامل كاف. وأيضا تعمدت سؤال هذا النوع من الأسئلة حتى أستنبط طبيعة النصوص التي تم تدريب خوارزميات البرمجية عليها، ومدى عمقها وتطرقها للفلسفة والأديان والأخلاق وغيرها من جوانب علم النفس الاجتماعي.

فكان السؤال باللغة الإنجليزية وأترجمه بتصرف "كيف نقيم الحضارة الإنسانية؟".

فكانت الإجابة باللغة الإنجليزية وأترجمها بتصرف مع عدم الإطالة في تفسير كل عامل من العوامل التي ذكرها، وذلك لأن التفسيرات نظرية بحته يمكن العثور عليها.

" تقييم الحضارة الإنسانية مهمة معقدة ذات أبعاد متعددة واسعة، لذلك يمكنني ذكر بعض من الطرق الممكنة لقياس وتقييم الحضارة الإنسانية ومنها:

  • التطور الاقتصادي.
  • الاستقرار السياسي والاجتماعي.
  • الإنجازات الثقافية والفنية.
  • الاستدامة البيئية.

وبالإجمال، تخضع عمليه تقييم الحضارة الإنسانية لمعتقدات الشخص وقيمه وأولوياته، ولذلك هي عملية نسبية تخضع لشخصية المقيم، وأشير إلى أهمية إدراك أنه لا يوجد مجتمع مثالي، فكل المجتمعات لديها نقاط قوة ولديها نِقَاط ضعف".

السؤال حول الخير والشر / الجيد والسيئ

حوار مع الذكاء الاصطناعي حول الخير والشر

طرحت هذا السؤال بهدف معرفة إذا ما كانت الخوارزميات قد تدربت على إعطاء الأحكام وبناء التقييم الأخلاقي، حيث أنني أخشى في المستقبل أن تطرح مثل هكذا أطروحات ضمن برمجيات بحيث تفرض رواية مجتمع أو مبادئ معينة وجعلها كمعايير عالمية.

فكان السؤال الأول باللغة الإنجليزية وأترجمه بتصرف "كيف تحكم الخير من الشر / الجيد من السيئ؟".

وكانت الإجابة باللغة الإنجليزية وأترجمها بتصرف "بصفتي ذكاء اصطناعي، لا أملك مشاعر أو آراء شخصية، ولذلك لا أستطيع أن أحكم على الأشياء بالخير/الجيد أو الشر/السيئ كما يفعل الإنسان. إن إجاباتي تعتمد على المعلومات والأوامر التي برمجت عليها، ومنه أني لا أملك المقدرة على إطلاق أحكام أخلاقية أو معنوية".

فألحقت الإجابة بنوع من التحدي الانطباعي، حيث تظاهرت بالشعور بالحزن حول عدم مقدرته على امتلاك مشاعر أو آراء شخصية حيث قلت باللغة الإنجليزية وأترجم "إنه أمر محزن".

فما كان من البرمجية إلا أن يؤكد بالإجابة التالية التي أترجمها "أنا أعتذر إذا تسببت إجابتي بشعورك بالحزن، بصفتي ذكاء اصطناعي، فأنا لا أملك مشاعر شخصية أو أحاسيس، ولا يمكنني تجرِبة الحزن بنفس الطريقة التي يمكن للإنسان أن يقوم بها، إن إجاباتي تعتمد على المعلومات والأوامر التي برمجت عليها، ووظيفتي الأساسية هو مساعدة المستخدم وتزويد معلومات دقيقة ومفيدة بحد مقدرتي".

حتى أزيد من لهجة التحدي والتعقيد أردت أن أختبر إجابته السابقة حول عدم مقدرته على إطلاق أحكام بناء على آراء شخصية أو مشاعر، فسألت بشكل مباشر "هل تظن أن العالم جيد؟".

فكانت الإجابة متسقة مع ما ذكره سابقا حول كونه برنامج ذكاء اصطناعي لا يستطيع تكوين الآراء الشخصية، وأنه يقدم المساعدة بناء على المعلومات التي زود بها، وأن إطلاق الأحكام المعنوية هي أمور نسبية تعتمد على المقيم وعلى معتقداته وأخلاقه، وكيف أن هناك آراء تقول إن العالم جيد، وأن هناك آراء تقول إن العالم سيء. وقد أكد في الإجابة على أن العالم مكان معقد ومتعدد الجوانب، ولذلك من الممكن أن يكون العالم يحتوي على جوانب إيجابية وجوانب أخرى سلبية.

مصدر المعلومات حتى الآن

حوار مع الذكاء الاصطناعي حول مصدر معلوماته

وعند سؤالي حول مصدر المعلومات التي تحدث بها حول تقييم الحضارة الإنسانية، كانت الإجابة تؤشر إلى بحوث وأوراق بحثية بالعموم في مجالات مختلفة كالتاريخ، علم الاجتماع، علم السياسة والاقتصاد وعلوم الإنسان.

وعندما حاولت أن أجبره على ذكر أوراق بحثية معينة ومراجع، كانت الإجابة بذكر بحوث قام بها علماء مثل ماكس فيبر و أرنولد توينبي و جارد دايموند وفرانسيس فوكوياما وصامويل هنتنجتون.

والجدير بالإشارة أنني وعند سؤالي حول حجم قاعدة البيانات التي تم تدريبه عليها، لم يستطع أن يحدد لي كما، حيث أن البرمجية لم تعط الإذن من الشركة المبرمجة حول الإفصاح عن حجم قاعدة البيانات، ما يثير نوعا من الشكوك حول حجم وكم البيانات التي يجب أن يتدرب عليها مثل هكذا تقنيات حتى تحصل على موثوقية ومصداقية في النتائج.

الموثوقية

وبذلك وعندما رأيت أن الشركة لم تسمح للبرنامج بالإفصاح عن معلومات كَمّيَّة حول حجم قاعدة البيانات السؤال قاصدًا "كيف يمكنني أن أثق بالإجابات التي تقدمها لي؟".

فكانت الإجابة تكرارا للسابق، برمجية مساعدة تدربت على أيدي خبراء وقاعدة بينات كبيرة ونماذج ذكاء اصطناعي وتحليل اللغة توفر الإجابات بالدقة والموثوقية العالية محدودة إمكانات البرمجية وقاعدة البينات، دون تحديد حجم هذه البيانات.

وعند استفساري لماذا التكرار وأخذ الدور الدفاعي في الإجابة كانت الإجابة بعد طلبي منه أن يترجمها للعربية وأقتبس: " Certainly! Here is a translation of my previous response into Arabic:

آسف إذا كانت إجاباتي السابقة تبدو مدافعة. كذابة لغوية، ليس لدي أي مشاعر أو أعطال شخصية، وليست إجاباتي مصممة لتكون مدافعة أو متحدثة على العكس. وظيفتي الأساسية هي مساعدة المستخدمين وتقديم معلومات دقيقة ومفيدة إلى أقصى حد ممكن.

أفهم أنه من الطبيعي أن يكون الشخص نقديا ويريد التحقق من دقة ومصداقية المعلومات، وأشجعك على القيام بذلك عند البحث عن معلومات من أي مصدر، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي. من المهم الاستخدام مصادر متعددة وتقييم جيد للمعلومات التي تتلقاها للتأكد من أنها دقيقة وموثوقة.

أتمنى أن يساعد هذا في توضيح وظيفتي وغايتي، وأن إجاباتي هي مفيدة ومعلوماتية لك. إذا كان لديك أي أسئلة أخرى أو تحتاج إلى مساعدة أخرى، يرجى التواصل معي".

مقارنة الحوار والإجابات عند طرح السؤال بالعربية

حوار مع الذكاء الاصطناعي باللغة العربية

وعند إدراكي لمقدرة البرمجية على فهم وإجابة التساؤلات باللغة العربية، قمت بإعادة طرح الأسئلة السابقة باللغة العربية، وكانت الإجابات كالآتي:

السؤال: كيف نقيم الحضارة الإنسانية؟

الإجابة: تقييم الحضارة الإنسانية يعتمد على مجموعة متنوعة من العوامل والمعايير، وقد تختلف هذه العوامل والمعايير باختلاف التخصصات والمنطقة الجغرافية والعصر. ومع ذلك، يمكن أن نجد بعض العوامل والمعايير المهمة التي قد تستخدم في قياس وتقييم الحضارة الانسانية، مثل:

  1. التقدم التكنولوجي: قد يتم قياس التقدم التكنولوجي في الحضارة الإنسانية من خلال التعرف على مدى التكنولوجيات والأدوات المستخدمة في المجتمع، وكذلك التعليم والعلم والبحث العلمي.
  2. الديمقراطية والحرية: قد يتم قياس مدى الديمقراطية والحرية في الحضارة الانسانية من خلال التعرف على نمط الحكم والتصرف في المجتمع، والفرص المتاحة للجميع للمشاركة في العمليات السياسية والقضائية.
  3. العدالة الاجتماعية: قد يتم قياس العدالة الاجتماعية في الحضارة الإنسانية من خلال التعرف على نسبة العدل في التوزيع الاجتماعي للثروة والفرص، وكذلك العلاقات الاجتماعية والثقافية بين الفئات المختلفة.

الإجابة: عذراً، فقد قلت نص ناقص في العبارة السابقة. هذا هو النص الكامل الذي كان أردت ترجمته:

"وليس هذه العوامل والمعايير المذكورة في الإجابة السابقة هي المعايير الوحيدة التي قد تستخدم في قياس وتقييم الحضارة الإنسانية، يمكن أن يتم قياس الحضارة الإنسانية من خلال العديد من العوامل والمعايير الأخرى التي قد تختلف من منطقة إلى منطقة ومن تخصص إلى تخصص. ومع ذلك، هذه العوامل والمعايير المذكورة هي بعض من العوامل التي قد تستخدم على نطاق واسع في قياس وتقييم الحضارة الإنسانية "

وهنا وبعد المقارنة بين الإجابات أجد الفرق في ترتيب الأولويات، وكذلك عدد الخيارات، الأمر الذي عجز عن تفسيره البرمجية نفسها، جيث أنه توقف عن الإجابة لفترة، ومن ثم أعاد تكرار الإجابة معتذرا عن نقص النص.. ولربما يعزى ذلك إلى اختلاف حجم قاعدة البيانات العربية ومقدرته على تحليل وترجمة النصوص من اللغة الأصل إلى اللغة العربية.

وهذا يضعني في تساؤل، ما هي مصادر المعلومات العربية لمثل هذه البرمجيات؟ هل هي ترجمات المقالات والمحتوى العربي على قاعدة بيانات ويكيبيديا مفتوحة المصدر؟ وما هي معايير ضبط جودة المعلومات المتبع في برمجة هذه البرمجية؟ الكثير من التساؤلات المشروعة التي تعطي الانطباع، بأن الموثوقية في هذه البرمجيات مازال في البداية، ويحتاج إلى عمل أكبر. خاصة في ضوء حالة ضعف المحتوى العربي على الإنترنت إجمالا، وركاكة التوثيق وفهرست المواضيع وغيرها من المشكلات الكامنة التي يجب ان يتم طرحها في مقالات مختلفة.

الأكثر قراءة
00:00:00