قانوني، كاتب
هل كسبنا الرهان؟
الشخص الذي تم التزوير ضده في انتخابات بلدية إربد الكبرى في عام 2007 بطريقة فجة ومفضوحة وبتصويت علني من كوادر مجيشة، يتصدر اليوم نتائج انتخابات رئاسة بلدية إربد الكبرى، أكبر محافظة كثافة سكانية بعد العاصمة عمان بفارق كبير مع أقرب منافس له حيث حصل على 40% من مجموع الأصوات التي شاركت في الانتخابات، فكان نجاح الدكتور نبيل رسالة سياسية واضحة لكل من يعمل بالسياسة أنه لا زال هناك أمل..
"الذين كسبوا الرهان هم المؤمنون بأن الإصلاح للنظام السياسي والعبور الآمن يمكن أن يكون من داخل النظام وعبر الصندوق النظيف"
كل مؤمن بأن الإصلاح للنظام السياسي والعبور الآمن يمكن أن يكون من داخل النظام وعبر الصندوق النظيف، اليوم كسب الرهان بصعود الدكتور نبيل الكوفحي رئيسا لبلدية إربد الكبرى بشكل فاق كل التوقعات، لقد راهنا على وعي شعب إربد وكسبنا الرهان.
في مواجهة اليأس والسوداوية
لقد كسبنا الرهان في هزيمة خطاب التيئيس والسوداوية الذي حاول البعض أن يجعله السلوك والجو العام في الأردن، وأنه لا أمل في الإصلاح والخروج إلى صناديق الاقتراع أو الثقة بالعملية السياسية في الأردن، لكن الشعب في إربد أراد إرسال رسالة أخرى لكل الشعب الأردني مضمونها "سوف نبقى نحاول ونجرب حتى نهزم اليأس" وقد نجح بحمد لله.
لقد كسبنا الرهان نحن المؤمنون بخطاب البرنامج بمواجهة الأيدولوجيات بكل مكوناتها، فلم نرفع أي شعار ديني بوجه أحد لأننا نعلم أن من ينافسنا إخوان لنا في الإيمان، لم نرفع شعارا قوميا في مواجهة أحد لأننا نعلم أن العروبة تنبض في عروق كل مواطن أردني، لم نرفع شعار العشائرية والجهوية، ولم نقبل أن تتحول العشائر إلى أحزاب سياسية موسمية مؤقتة، فكان نبيل الكوفحي مرشحا لكل العشائر وكل الأحزاب وكل فئات المجتمع ومكوناته الشعبية والدينية.
خطاب برامجي في مواجهة الطرح الضبابي
لقد كسبنا الرهان عندما تم رفع البرنامج والخطة الواضحة في الإصلاح والتنمية بمواجهة الطرح الضبابي، لقد كسبنا الرهان عندما تم استمالة الشباب، عندما تم تقديم لغة الأرقام على الخطابات الشعبوية الطوبائية الرغائبية، لقد كسبنا الرهان عندما قدمت الواقعية على الحلم الموهوم، لقد كسبنا الرهان عندما تم الإيمان بضرورة صعود السلم خطوة خطوة لأننا ندرك أن السلم كلما بعدت درجاته صعب على الجميع اجتيازه.
لقد كسبنا الرهان سياسيا عندما قدمنا خطابا لصانع القرار بأننا طلاب ديمقراطية وخدمة للناس، فتجاوزنا الأيدولوجيا وبدلنا خطابنا وهيكلنا وشكلنا التنظيمي، كل ذلك قدم بعيدا عن النزاعات والمكاسرة والصراع الثنائي الصفري نحن وهم أو أننا البديل السياسي عن النظام ونريد مزاحمته على مكانه بأي شكل من الأشكال، لقد كسبنا الرهان عندما اقتنع صناع القرار بروايتنا ومشروعنا وساعدونا بلجم جيوب الحرس القديم والضرب على أياديهم من العبث بهذه الانتخابات ونتائجها، هؤلاء الحرس القديم يرون في أي نتيجة للصندوق النظيف عدوا لهم ولنفوذهم وخطرا يهدد مستقبلهم ومصالحهم.
نبيل الكوفحي نموذجا للمشروع الإصلاحي
لقد كسبنا الرهان بحمد لله عندما استطعنا أن نقدم الرجل ليكون النموذج المصغر في شكل المشروع الوطني الإصلاحي الذي نريد، المشروع الذي يعبر من خلاله الجميع إلى أردن أقوى وأفضل وقادر على النهوض بما يملكه من إمكانيات وقدرات كامنة في داخله؛ يتم هدرها بسوء الإدارة وقلة الخبرة والكفاءة، والمشوار أمام الدكتور نبيل طويل وصعب ووعر؛ ليبرهن على أن الأردن يستطيع أن يكون بالإمكانيات الممكنة والمتاحة الشيء الكثير ،وقادر على النهوض متى ما توفرت نظافة اليد والرؤيا السليمة والرشد في الكسب والإنفاق والواقعية السياسية.
"اليوم من نجح هو البرنامج المتدرج وبرنامج المشروع الوطني، برنامج الإصلاح الواقعي اليوم هزم الخطاب الطوبائي المثالي والرغبوية في تفسير الأحداث وعقلية المؤامرة، اليوم هزمت روح اليائس والتيئيس وعبثية الأفكار السطحية التي تريد دفع الناس إلى اليأس والقنوط وتريد هدم المجتمعات والدولة بكل مؤسساتها وتصفير العداد لإعادة بناء الدولة وفقا لتصوراتهم"
هذا الفوز الكبير للدكتور نبيل الكوفحي يبث فينا الأمل في شكل الانتخابات البرلمانية القادمة، يبث الأمل في الشباب أن تعالوا إلى العمل الحزبي رافعة تحقيق طموحاتكم وذاتكم ورؤيتكم وبرامجكم، يبث الأمل من جديد أن طريق العبور الآمن يكون عبر الصندوق النظيف، وأن بداية الحكاية والنهوض يكون من خلال بوابة الأحزاب والمشاركة الفاعلة.
الشكر موصول لأهل مدينة إربد، الشكر موصول لمخ الدولة الذي حمى الانتخابات في مدينة إربد من العبث ولجم كهنة الحرس القديم من إفساد العملية الانتخابية، الشكر لبعض المرشحين الذين قدموا خطاب برامجي نادرا ما شهده الأردن في الانتخابات البلدية، الشكر للشباب الذين كانوا ذراع العزم والإصرار على التغيير ونجحوا في تحقيق الهدف.