نعمة الأم 

الصورة
المصدر

نعمة الأم 

بقلم :د. ميرفت سرحان 

أن تكون صحيح الجسم .. معافى البدن .. فهذه واحدة من أجل النعم .. فهي تجعلك أكثر ثقة بقدرتك .. وتعطيك إحساسًا بالقوة حتى لو كنت نحيل الجسد .. وتمنحك قدرًا من الاستقلالية يعينك على تخطي كثيرًا من الصعاب، وتجاوز بعض المحن .. عدا عن أنها تحيطك بدفء الطمأنينة، وتمدك بشيء من الأمل ..      

ومع أن الصحة -كما يقال- تاج على رؤوس الأصحاء .. إلا أننا نعتادها كما نعتاد الكثير من النعم .. فلا ندرك قيمتها، ولا نستشعر فضلها ..  

ولن نفهم معنى وجودها إلا إذا حل بجسدنا ألم .. 

والأم هي صمام أمان الصحة، واكتمال سلامة العافية .. ترتقي بك إلى مستوى رفيع من النعم ..  فضلها يوازي أن تعيش الحياة بلا مرض ولا علل .. وتنعم بأيامها بلا وجع ولا ألم .. 

فالأم تاج على رؤوس الأبناء .. إن نال منك القلق .. ففي دعائها يكون سكون النفس .. والحديث  معها هدوء للبال .. وفي الاصغاء لنصحها، والاستماع لخبراك4تها استقرار العقل، أما عن قصصها وحكاياها فهي زاد الروح، وطريقة للاسترخاء .. فإن أصاب جسدك المرض، فلمسة يدها تمسح رجفة الألم .. ودفء حضنها يخفض حرارة الحمى .. ورائحتها تداوي كل وعكة .. والنظر في عينيها يعيد فتح الشهية .. أما الجلوس تحت قدميها فينعش القلب ويعيد له الحياة .. 

في قربها تشعر بالأمان .. ووصلها يمنحك السكينة .. وعن وجودها، فهو الأمل .. 

أما غيابها فيرهق عقلك .. ويضعف قلبك .. وتضطرب له نفسك .. ويصيب روحك بالوهن .. 

 بغيابها يسكن في صدرك الأنين .. ويلازم جسدك السقم ..  

غيابها يسبب خللًا في وظائف الحواس .. فأنت تأكل وتشبع، ولا يهمك أن يعجبك طعم الأكل، إن كان حلوًا أو حاذقًا أو مالحًا .. فكله واحد ..   

وترى الكون بوسعه، ولكن لا تدهشك ألوانه، أحمر وأصفر، فاقع أو بارد .. فالإحساس بها واحد ..

وتجلس بين الزهور فلا تفرق بين روائحها، ياسمين أو جوري أو زنبق .. عطر قوي أو هادئ  فأريجها واحد ..

وتتواجد وسط سمفونية موسيقية، تُعزف على أوتار العود أو الغيثار أو الكمان .. صاخبة أو هادئة .. ولا تستمع بأنغامها .. فإيقاعها واحد ..

وأن تستلقي في آخر النهار على فرش إسفنجيٍ أو   قطني أو كتان .. ولا يهمك إن كان خشنًا أو ناعمًا .. فملمسها واحد ..

إن رحلت أمك فكل الأشياء حولك .. كل الأشياء .. واحد ..

يقول ربي تبارك وتعالى: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعبُدُوا إَلَّا إَيَّاهُ وَبِالوَالِدَينِ إحسانًا إِمَّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَو كِلاَهُما فَلاَ تَقُل لَّهُماَ أُفٍّ وَلاَ تَنهَرهُما وَقُل لَّهُمَا قَولًا كَرِيمًا* واخفِض لَهُما جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحمَةِ وَقُل رَّبِّ ارحَمهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا" .. (الإسراء ٢٣، ٢٤) ..

 

دلالات

اختصاصية علم نفس ومرشدة في وزارة التربية والتعليم

الأكثر قراءة
00:00:00