يتواصل العدوان الإسرائيلي على غزة لليوم الـ424، في ظل تصعيد ميداني عنيف شمالي القطاع أدى إلى سقوط آلاف الشهداء والجرحى، واستمرار معاناة
عام 2022.. الأكثر دموية على الفلسطينيين
رغم سنوات الاحتلال الطويلة ما يزال الفلسطينيون يتمسكون بأرضهم، ويتصدون لكل الممارسات التعسفية التي يقوم بها الاحتلال، ويقفون سدا منيعا في وجه كل المشاريع التوسعية والاستيطانية.
وأثبتت سنوات الاحتلال أنه مهما طال الزمن فإن سياسات الاحتلال من قتل وتشريد وتنكيل ومصادرة الأراضي والتضييق على الشعب الفلسطيني في كل المجالات، لن تكسر إرادة الشعب الفلسطيني في الصمود والمقاومة.
عام 2022.. المقاومة مستمرة
في عام 2022 لم يختلف المشهد كثيرا عن سابقه؛ فلم تتوقف مقاومة الشعب الفلسطيني في مواجهة سياسة الاحتلال، الذي يقوم بممارسات قتل وعنف وهدم بيوت وتضييق على الشعب الفلسطيني في مجالات حياته.
في هذا العام كان المشهد أكثر دموية؛ فبدأ العالم يشاهد عمليات إعدام على الأرض، من الشرطة وجنود الاحتلال والمستوطنين، الذين تفشى عنفهم في الاستخدام المفرط للقوة، حيث اعتبر خبراء من الأمم المتحدة زاروا الأراضي المحتلة أن ما تقوم به القوات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة من عنف جعل عام 2022 الأكثر دموية في هذه المنطقة من الأراضي الفلسطينية المحتلة.
استشهاد 222 فلسطينيا خلال 2022
منذ بداية عام 2022 وحتى تاريخ 19/ 12/ 2022، ارتقى 222 شهيدا فلسطينيا برصاص الاحتلال وفي اعتداءات نفذها المستوطنون وفي داخل السجون بسبب الإهمال الطبي في الضفة بما فيها القدس وقطاع غزة والداخل المحتل.
وفي الضفة الغربية وحدها وبحسب خبراء للأمم المتحدة فقد قتلت قوات الأمن الإسرائيلي 150 فلسطينيا، بينهم 33 طفلا.
ونشر الخبراء بيانا حمل توقيع كل من المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيز، والمقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفا موريس تيبال بينز، والمقرر الخاص المعني بحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، كليمان فولي، وأكد البيان قيام سلطات الاحتلال بإعدامات بحق الشباب والأطفال، وطالبوا بضمان حماية وأمن ورفاهية الشعب الفلسطيني الذي يعيش تحت احتلالها، وفقا لالتزاماتها بموجب القانون الدولي.
وظهرت ممارسات المستوطنين المسلحين والملثمين بصورة أكثر عنفا حيث يهاجمون الفلسطينيين في منازلهم، ويهاجمون الأطفال وهم في طريقهم إلى المدرسة، ويدمرون الممتلكات ويحرقون بساتين الزيتون، ويرهبون مجتمعات بكاملها مع الإفلات التام من العقاب.
وأكد تقرير أعدته السلطة الفلسطينية حول جرائم الاحتلال بحق الأطفال الفلسطينيين، أظهر أن قوات الاحتلال الإسرائيلي قتلت ما يزيد عن 52 طفلا منذ بداية عام 2022 منهم من قتلوا برصاص جيش الاحتلال وبعضهم جراء اعتداءات نفذها مستوطنون أو نتيجة للإهمال الطبي.
وسلم التقرير وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني رياض المالكي، إلى الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالأطفال والنزاعات المسلحة، فيرجينيا غامبا، التي زارت الضفة الغربية بتاريخ 12 كانون الأول للاطلاع على أدلة لاستهداف أطفال خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية.
750 حالة اعتقال بين الأطفال في عام 2022
وبحسب نادي الأسير فإن أكثر من 750 حالة اعتقال سجلت بين صفوف الأطفال والفتية منذ مطلع عام 2022 من بينهم جرحى تعرضوا لإطلاق نار، وتشمل الاعتداءات تشويه أطفال، والاعتداءات الجنسية، وخطف الأطفال، واستهداف المدارس والمستشفيات، ومنع وصول المساعدات الإنسانية والطبية.
ومارست قوات الاحتلال عقابا جماعيا ضد سكان مخيم شعفاط، حيث فرضت حصارا على المخيم وأحياء رأس خميس ورأس شحادة وضاحية السلام وعناتا بعد مقتل مجندة وإصابة عنصري أمن بإطلاق نار استهدف حاجزا عسكريا على مدخل المخيم، وكذلك قامت بعمليات اعتقال في المخيم والأحياء المجاورة، واستخدمت أيضا المياه العادمة داخل الأزقة الضيقة للمخيم المكتظ بعشرات آلاف السكان، ليتضطر السكان للخروج من شعفاط والأحياء المجاورة له إلى الانتظار ساعات طويلة أمام الحواجز الإسرائيلية التي تسير ببطء شديد.
كما اشتدّت المواجهات بين جنود الاحتلال والمقاومين في مخيم شعفاط، جراء ما حدث من حصار، حيث نفذ أهالي المخيم "عصيان مدني مفتوح"، رفضا للحصار.
ضغوط على أهالي الشيخ جراح
بقي الاحتلال يمارس ضغوطه على أهالي حي الشيخ جراح في القدس سواء من خلال هدم المنازل ومصادرتها واعتقال أهالي المنطقة، وفي 14 شباط 2022، اعتدت شرطة الاحتلال الإسرائيلي في القدس، على مجموعة من الشباب، بقنابل الصوت والمسيلة للدموع في محاولة لتفريقهم، عقب تجديد عضو الكنيست الفاشي، الكاهاني إيتمار بن غفير، اقتحامه للحي برفقة عدد من أنصار اليمين الإسرائيلي المتطرف وأعلنت عن تعزيز قواتها في الحي الذي تسكن فيه عشرات العائلات الفلسطينية المهددة بالتهجير والإخلاء من منازلها، وفي هذه الأثناء.
سياسة العقاب الجماعي ظلت إحدى الأساليب التي تنتهجها قوات الاحتلال ضد الفلسطينيين، وهي الممنوعة بكل القوانين، لكن سلطات الاحتلال اتخذتها لتضييق الخناق على الفلسطينيين في مخيم جنين، وقد حاولت قوات الاحتلال الإسرائيلي اقتحام مخيم جنين أكثر من مرة في عام 2022 ولكنها فشلت نظرا للعمليات الفدائية المتواصلة من أبناء المخيم الذي واجهوا العقوبات الجماعية التي فرضت في التاسع من نيسان.
استشهاد الإعلامية شيرين أبو عاقلة
واستشهدت الإعلامية ومراسلة قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة في 11 أيار/ مايو الحالي، برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي أثناء تغطيتها لاقتحام الاحتلال مدينة جنين ومخيمها في الضفة الغربية المحتلة، حيث أطلق جنود الاحتلال الرصاص على أبو عاقلة (51 عاما)، رغم أنها كانت ترتدي سترة الصحافة التي تميز الصحفيين عن غيرهم في التغطيات.
وخلال تشييع جثمانها شاهد العالم القمع الإسرائيلي عندما اعتدت قوات الأمن الإسرائيلي على المشاركين في المسيرة، واقتحام قوات الاحتلال المشفى الذي كان الجثمان يتواجد فيه، وفي ضوء ذلك رفعت شبكة الجزيرة الإعلامية والتي تعمل بها أبو عاقلة دعوى في المحكمة الجنائية الدولية ضد قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي بتهمة اغتيال مراسلتها في فلسطين، وتتهمها بالقتل العمد، وتستند على سلسلة تصريحات من شهود عيان ولقطات مصورة توثق حادثة قتل أبو عاقلة وإصابة زملاء لها كانوا معها وقت الحادثة في مخيم جنين.
وفي الثاني من حزيران استشهدت الأسيرة المحررة غفران هارون حامد وراسنة، 31 عاما، برصاص قوات الاحتلال، عند مدخل مخيم العروب، شمال مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة، وكانت الشهيدة قد اعتقلت على يد الاحتلال لمدة ثلاثة أشهر مطلع العام الحالي وتحررت في الأول من نيسان.
وارتكبت قوات الاحتلال جريمة بشعة في 17 حزيران حيث أعدمت ثلاثة شبان وهم: يوسف ناصر صلاح (23 عاما)، وبراء كمال لحلوح (24 عاما)، وليث صلاح أبو سرور (24 عاما)، إثر اقتحامها لمدينة جنين.
واستشهدت في الثاني من تموز أكبر الأسيرات سنا في سجون الاحتلال سعدية فرج الله "68 عاما" من بلدة إذنا غرب مدينة الخليل في سجن الدامون الإسرائيلي دون معرفة ظروف استشهادها، والتي اعتقلت قرب الحرم الإبراهيمي الشريف وسط مدينة الخليل في الثامن عشر من شهر كانون الأول من عام 2021، وهي أم لثمانية أبناء.
واستشهد الشيخ سليمان الهذلين (75 عاما) في 17 كانون الثاني، في مستشفى الميزان التخصصي في الخليل، متأثرا بإصابته قبل أيام بحادث دهس من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.
عملية بزوغ الفجر
وفي الخامس من آب نفذت قوات الاحتلال الاسرائيلي عملية عسكرية في قطاع غزة، أطلقت عليها اسم "بزوغ الفجر"، حيث شنت طائرات سلاح الجو الإسرائيلي غارة على أهداف لحركة الجهاد الإسلامي، وتم اغتيال القيادي تيسير الجعبري، وأدت العملية إلى استشهاد 49 فلسطينيا، منهم 17 طفلا .
عرين الأسود
وفي مدينة نابلس ظهرت مجموعة مقاومة جديدة باسم (عرين الأسود)، وهي مجموعة مسلحة تجند فيها عشرات المقاومين الذين اتخذوا من البلدة القديمة في نابلس مقرا لهم، وأخذوا على عاتقهم مقاومة الاحتلال أينما وكيفما وجد وبكل أشكاله من جنود ومستوطنين وغيرهم.
بالمقابل فإن هذه المجموعة كانت تحت أنظار الاحتلال الذي واصل قمعه للشعب الفلسطيني والمقاومين، حيث داهمت شرطة الاحتلال مدينة جنين ومخيمها أكثر من مرة وعلى فترات، واغتالت عددا من قادة مجموعة عرين الأسود خلال شهر تشرين الأول.
ورغم العمليات التي قامت فيها وحدات الأمن الإسرائيلية ضد قادة عرين الأسود، إلا أن صفحة هذه المجموعة لم تغلق وهي كغيرها من المجموعات المسلحة ستبقى تتخذ المقاومة منهجا في مسيرتها المسلحة، ويستلهم منها الشباب الجدد أسلوبا جديدا في المقاومة بعيدا عن النهج الذي تمثله المنظمات الفلسطينية التقليدية.
توسع الاقتحامات للمسجد الأقصى
وتوسعت الاقتحامات للمسجد الأقصى من قبل الجماعات اليهودية المتطرفة، وباتت تأخذ شكلا مختلفا وتحت حماية قوات الشرطة الإسرائيلية، ونشطت جماعة بناء "الهيكل الثالث"، وأصبح صوتها عاليا في المناداة باقتحام المسجد الأقصى وتشجع اليهود على اقتحامه والصلاة فيه باعتباره الهيكل المزعوم، وكذلك سعيها لتغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى ومحاولة تقسيمه، كما فعلت سلطات الاحتلال في الحرم الإبراهيمي في القدس.
وفي احتفالات ما يسمى السنة العبرية، حاولت جماعات يهودية متطرفة اقتحمت المسجد الأقصى النفخ في البوق، ولكن هذه المحاولات لم تنجح وتصدى لها المصلون الفلسطينيين في المسجد الأقصى.
استشهاد الأسير ناصر أبو حميد
ويتعرض الأسرى في سجون الاحتلال إلى القمع والمضايقات والحرمان، وإلى الإهمال الطبي كما حصل مع الأسير في سجون الاحتلال ناصر أبو حميد (49 عاما)، والمحكوم بـ 7 مؤبدات و50 عاما، والذي استشهد في 20 كانون الأول، جراء الإهمال الطبي المتعمد التي تتبعها إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي بحق الأسرى المرضى، وكان أبو حميد يعاني من مرض السرطان، وأجريت له عملية ولكنه أعيد إلى السجن إلى أن تدهورت حالته الصحية.
وأعلن الأسرى في سجون الاحتلال الحداد والإضراب لمدة ثلاثة أيام، وشرعوا بالتكبيرات وطرق على الأبواب؛ ردا على هذه الجريمة التي ارتكبها الاحتلال.
ويبلغ عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال (4760) أسيرا، وذلك حتى نهاية شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2022، من بينهم (33) أسيرة، ونحو (160) قاصرا، و(820) معتقلا إداريا من بينهم 3 أسيرات، و4 أطفال.