كيف استجابت تركيا والمناطق السورية المنكوبة للزلزال؟

الصورة

الشمال السوري منطقة منكوبة بالكامل، وناجون: كأنها القيامة.

زلزال مدمر بدرجة 7.7 أيقظ الجنوب التركي والشمال السوري فجر الاثنين. والحصيلة حتى لحظة كتابة هذا التقرير للضحايا ووفيات الزلزال تجاوزت الـ 3000 شخص في تركيا وأكثر من 20 ألف جريح، حسب آخر ما أعلنت عنه السلطات التركية، في ظل تخوف من تضاعف العدد أضعافا كثيرة بعد أن تهدأ الأمور، بينما استطاعت الخوذ البيضاء في مناطق المعارضة في الشمال السوري إحصاء 1280 شخص قضوا ونحو 2600 مصاب حتى اللحظة.

فكيف تعاملت كل من تركيا والمناطق السورية المختلفة مع الزلزال ؟

الاستجابة التركية الرسمية والشعبية

أطلقت الجهات الرسمية التركية تحذيرات وتعليمات بشأن التعامل الزلازل، وطلبت من الخبراء في مجال البحث والإنقاذ والرعاية الصحية، ومن يملكون مركبات خاصة بالبحث والإنقاذ، أو ممن يستطيعون توفير سكن للمتضررين بالتواصل معها عبر حساباتها الرسمية، ووجهت فرق الإنقاذ الطبية الرسمية إلى المواقع المنكوبة.

كما أطلقت رئاسة إدارة الكوارث والأزمات الرسمية التركية AFAD خدمة التبرع المالي من خلال الرسائل النصية والتعاون مع كافة البنوك التركية، إضافة إلى ربط المتبرعين بالمواد العينية بمؤسسة المساعدة الاجتماعية والتضامن التركية. كما نشرت أرقام التواصل في جميع المدن المنكوبة للتواصل مع مقدمي الخدمات. 

إضافة إلى ذلك، استجابت الخطوط الجوية التركية للكارثة الإنسانية وأعلنت تحديد سعر التذكرة من جميع المناطق المتضررة إلى اسطنبول بـ 100 ليرة تركية، أي ما يعادل 5.31 دولار، للمساهمة في دعم المتضررين ونقلهم إلى أماكن أكثر أمنا، وذلك حتى الـ 13 من شباط الحالي.

كما فعلت تركيا إنذار الزلازل من المستوى الرابع، والذي طلبت فيه دعما دوليا بشكل رسمي. حيث أعلنت 84 دولة منها اليابان و عدة دول في البلقان والاتحاد الأوروبي ودول عربية كمصر والأردن والجزائر عن إرسال فرق مختصة لمساندة السلطات التركية في أعمال البحث والإنقاذ.

أما على المستوى الشعبي، فوجهت منظمات خيرية ووقفية تركية كل خدماتها و طاقاتها لإغاثة المتضررين من الزلزال في المناطق المتضررة وفعلت خيار التبرعات من خارج تركيا. إضافة إلى ذلك، قامت العديد من الفنادق في المناطق المتضررة بفتح أبوابها للناس.

كما توافد العشرات من الأتراك اليوم إلى مطار اسطنبول لتسجيل أسمائهم للتطوع في مساعدة المتضررين من الزلازل في المناطق المتضررة، في لحمة وطنية وتعاضد كبير أظهروه لمصاب أبناء بلدهم، حيث طار حوالي سبعمئة متطوع في فرق الإنقاذ إلى الجنوب التركي لتقديم العون.

الشمال السوري منطقة منكوبة

من لحظة حدوث الزلزال في الشمال السوري، تم إعلانه منطقة منكوبة. فبالرغم من عشر سنوات ذاق فيها السوري ويلات الحرب والتهجير والفقر وخذلان المجتمع الدولي، إلا أن كارثة الزلزال وصفها بعضهم بأنها الأفظع على الإطلاق. فالعشرات من العائلات التي دفنت أبناءها جراء الحرب، دفنت هي اليوم بفعل الزلزال، لتمحى عائلات كاملة من السجل المدني.

حسب خبراء، فإن الأبنية في الشمال السوري والتي تعرضت للتصدع والتخلخل جراء قصف النظام السوري لها خلال الحرب، كانت عرضة بشكل أكبر وأكثف للدمار لحظة الزلزال. إضافة إلى أن الكثافة السكانية الكبيرة التي تعاني منها مناطق الشمال السوري بسبب التهجير القسري واللجوء، زادت من صعوبة إنقاذ الناس من تحت الركام والحطام.

المناطق التي طالها الزلزال في سوريا هي حلب وإدلب وحماة واللاذقية وطرطوس ودمشق، حيث توزعت سيطرة هذه المناطق بين النظام السوري، و قوات سوريا الديموقراطية (قسد)، و قوات المعارضة السورية. مما دفع للتساؤل حول طبيعة المساعدات المقدمة من الدول والأماكن التي ستطالها.

أعلنت كل من مصر والأردن والجزائر والبحرين وتونس عن إرسال مساعدات إغاثية عاجلة إلى سوريا وتركيا. أما روسيا فاستعانت بجنودها الذين ينتشرون في الأراضي السورية منذ تدخلها في الأزمة السورية، للمباشرة في رفع الأنقاض في الأماكن التي تخضع لسيطرة النظام السوري حسب تصريحات للجيش الروسي.

إلا أن البعض وصف المساعدات التي عرضت على سوريا وتم الإعلان عنها بالخجولة، حيث توافدت المساعدات بشكل كبير وسريع لتركيا، لتحظى سوريا باهتمام دولي أقل رغم فقر الإمكانيات وشح الموارد والوضع السياسي والإنساني الحرج فيها. كما تخوف البعض من منع النظام السوري وصول هذه المساعدات إلى المناطق التي لا تقع تحت سيطرته.

 

ملائكة الرحمة السورية 

رغم التضييق الكبير على السكان والمهجرين في المناطق التي تخضع لسيطرة المعارضة السورية، إلا أن جمعيات خيرية سورية باشرت بجمع تبرعات مادية من أنحاء العالم لمساندة المتضررين.

أما جمعية "الخوذ البيضاء" ، المعروفة رسمياً باسم الدفاع المدني السوري في مناطق سيطرة المعارضة في شمال غربي سوريا، فقد قامت بعمليات الإنقاذ والإسعاف رغم تواضع الإمكانيات وقلة الموارد. حيث أعلنت عن بلوغ عدد الضحايا جراء الزلزال لأكثر من 1280 شخص و 2600 مصاب حتى اللحظة. إلا أن هذه الأرقام ليست دقيقة تماما للصعوبات التي يواجهها السوريون في إنقاذ الناس من تحت الحطام وتوزع الإحصائيات بين المناطق، وتواضع الإمكانيات المتوفرة.

أما في المناطق التي تخضع لسيطرة النظام السوري، فأعلنت وزارة الصحة تجاوز عدد الوفيات 500 وفاة و 1400 مصاب. و ناشد فيها رئيس منظمة الهلال الأحمر السوري المجتمع الدولي برفع الحصار و العقوبات الاقتصادية عن سوريا، معللا ذلك بحاجتهم لمعدات ثقيلة وآليات وسيارات إسعاف لمساندة المتضررين من الزلزال، حسبما أفادت الوكالة العربية السورية للأنباء. إلا أنه وحسب سياسيين، فإن المساعدات الإغاثية لا تخضع لفرض العقوبات الاقتصادية على سوريا.

ما سبب وقوع الزلزال ؟ 

حسب خبراء، فإن اصطدام الصفيحة العربية بالصفيحة الأناضولية سببت هزات أرضية عميقة وصلت حتى 10 كيلومترات في العمق و غطت مساحة تقارب 110 آلاف كيلومتر مربع. وعلى الرغم من أن منشأ الهزة الأرضيىة كان في مدينة كهرمان مرعش التركية إلا أن بعض السكان في الأردن، و التي تبعد حوال 750 كيلومترا عن مرعش التركية، شعروا بها.

 

00:00:00