"العمارة الحديثة انعكاس للحال المجتمعي"، تشرح لنا المهندسة سناء طعان خلال لقائنا معها في بودكاست نحن والمدينة عن الأسباب التي دفعتنا لتغيير النمط المعماري لأبنيتنا، والتوجه لاستخدام مواد البناء التي لا تشبه بيئتنا المحلية ولا تعبر عن هويتنا المعمارية، كاستبدال الحجر بالخرسانة في معظم البناء الحديث أو ما يسمى بالعمارة الحديثة.

لماذا استغنت العمارة الحديثة عن الحرفة؟

تخبرنا طعان عن كيف ماتت الحرف والمهن في ظل التوجه للعمارة الحديثة، فهي استغنت عن الحجارين والنقاشين والحرفيين الذين ساهموا في تشكيل هوية معمارية لمدننا؛ بأبنية خرسانية صماء تشبه بعضها البعض في كل دول العالم.

ويمكن أيضا ملاحظة توجه النمط الحديث في نسخ التجارب المعمارية من خلال النظر إلى الأبراج وناطحات السحاب التي يتسابق إلى بنائها المعماريون في العالم حتى فقدت المدن خصوصيتها المعمارية، فغدا وسط عمان الجديد بمشروع العبدلي كأبراج دبي، التي بدورها نافست نيويورك في ارتفاع أبنيتها.

العمارة التراثية بين النظرية والتطبيق

كما تحدثنا طعان عن الفجوة التي يعيشها المجتمع المعماري بين النظرية والتطبيق، فحسب طعان تعيش مجتمعاتنا العربية والإسلامية فجوة بين ما تدعمه حضارتنا من قيم، و بين تجربتنا المعاصرة في الحداثة التي تبتعد عن التراث.

وتشير لنا من خلال عملها كأكاديمية أن طالب العمارة المهتم بالعمارة التراثية والإسلامية يعيش حالة اصطدام بالواقع ما إن خرج إلى العمل، فالتوجه العام والمواد المستخدمة والمتوفرة في البناء -في معظمها- تتمسك بالنمط الحديث في البناء وتفضله على غيره.

مفاهيم من العمارة الإسلامية

تستعرض لنا طعان في هذه الحلقة مفهومين أساسيين في العمارة التراثية والإسلامية والتي تغفل عنها العمارة الحديثة، هما الاستدامة وتكريم المادة، وتعرج لنا على تطبيقات من عمارتنا التراثية والإسلامية.

اهتمت العمارة الإسلامية بالمادة الطبيعية التي تنتجها الأرض دون تدخلات بشرية في تركيبتها، ففضلت الحجر وأبدعت في نقشه وصقله وزخرفته، محققة في ذلك أيضا استدامة للطبيعة، حيث أن هدم البناء التراثي لا يشكل ضررا بيئيا ويمكن إعادة استخدام مواده على عكس ركام البناء الحديث الذي تدخل فيه مواد يصعب إعادة استخدمها.

كما تشير طعان إلى أهمية فهم ومعالجة القيم التي اتسمت بها العمارة الإسلامية ليتمكن المعماري الحديث من تطبيقها وتطويعها في عمله، فهي ليست محصورة بالجماليات والزخارف فقط، بل لها بعد قيمي واجتماعي يجعل منها أكثر انسجاما مع المجتمع وسلوكه المعيشي.

اقرأ أيضا: العمارة الإسلامية بين التشريع والتطبيق

تؤكد طعان على أهمية بناء فكرة المبنى قبل بنائه وتصميمه، فاهتمام العمارة التراثية بتفاصيل كالفضاء واتجاهات الرياح والشمس جعلت منها أكثر استدامة وانسجاما في محيطها وبيئتها، في مقابل توجه العمارة الحديثة للبناء السريع قليل الجودة قصير العمر.

من هي سناء طعان؟

معمارية، تعمل عضوا في هيئة التدريس في كلية العمارة والتصميم في جامعة عمان الأهلية، وهي مختصة بالعمارة والفنون الإسلامية.

للاستماع للحلقة كاملة: