ماذا تعرف عن المواقع النووية في إيران التي استهدفتها الضربات الأمريكية؟

الصورة
خارطة توضح أبرز المواقع النووية في إيران
خارطة توضح أبرز المواقع النووية في إيران
آخر تحديث

في تطور غير مسبوق، شنت الولايات المتحدة ضربات جوية مباشرة على ثلاثة من أبرز المواقع النووية في إيران في تصعيد خطير ضمن الحرب المستمرة بين إسرائيل وإيران. 

الضربات التي وصفها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنها "ناجحة جدا"، استهدفت منشآت:

  1. نطنز. 

  2. فوردو. 

  3. أصفهان.

وكانت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية قد أكدت وقوع هجمات في وقت مبكر من صباح أمس الأحد على المواقع الثلاثة، بينما أشار مراقبون إلى أن هذه الضربات تمثل انخراطا أمريكيا مباشرا في الحملة العسكرية الإسرائيلية التي تهدف إلى ضرب المواقع النووية في إيران. 

منذ الثورة التي حولت إيران إلى جمهورية إسلامية، أبدت الدول الغربية قلقها من أن البلاد قد تستخدم برنامجها النووي لإنتاج أسلحة ذرية باستخدام اليورانيوم عالي التخصيب. 

أكدت إيران مرارا أنها لا تسعى إلى صنع أسلحة نووية، وهي طرف في معاهدة الأمم المتحدة لمنع انتشار الأسلحة النووية، والتي تعهدت بموجبها بعدم تطوير قنبلة نووية.

المواقع النووية في إيران التي استهدفتها الضربات الأمريكية

نظرة تفصيلية على المواقع النووية في إيران وأهميتها في البرنامج النووي الإيراني:

1- منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم

تقع منشأة نطنز على بعد نحو 220 كم جنوب شرق العاصمة طهران، وتعد المنشأة الرئيسية لتخصيب اليورانيوم في إيران، وصلت مستويات التخصيب فيها إلى 60%، وهي نسبة قريبة من مستوى تصنيع الأسلحة النووية، قبل أن تتعرض لهجوم إسرائيلي دمر جزءها العلوي، بحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA). 

المنشأة تتكون من جزأين، أحدهما تحت الأرض لحمايته من الغارات الجوية، وتضم المنشأة أنظمة متعددة من أجهزة الطرد المركزي المرتبة على شكل "سلاسل" لتسريع عملية التخصيب.

وتشير تقارير الوكالة الدولية إلى أن الغارة الإسرائيلية في الـ13 من حزيران الجاري، تسببت في تدمير أغلب هذه الأجهزة، بعد انقطاع التيار الكهربائي عن الموقع.

كما تنشط إيران في حفر منشآت جديدة داخل أحد الجبال الواقعة جنوب نطنز، والذي يُعتقد أنه سيضم منشآت بديلة محصنة. 

وتاريخيا، تعرضت نطنز لهجمات سيبرانية (مثل فيروس "ستاكس نت") وعمليات تخريب، كما حدث في عام 2020 حيث شب حريق في المنشأة واتهمت السلطات الإيرانية دولة الاحتلال الإسرائيلي بالوقوف خلفه. 

وقبيل توقيع إيران اتفاقا بينها وبين مجموعة "5+1" في عام 2015، كان مفاعل نطنز هو الموقع الوحيد من المواقع النووية في إيران الذي يسمح فيه بتخصيب اليورانيوم بنسبة أقل من 3.67% مدة 15 عاما.

2- منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم

تقع على بعد نحو 100 كم جنوب غرب طهران، وتعد إحدى أكثر المنشآت تحصينا، إذ بنيت تحت جبل، وتحيط بها بطاريات دفاع جوي، بدأ بناؤها في عام 2007، وأبلغت إيران الوكالة الدولية بوجودها عام 2009 فقط، بعد أن كشفتها استخبارات أمريكية وغربية. 

تحتوي المنشأة على عدد أقل من أجهزة الطرد المركزي مقارنة بنطنز، لكنها ذات أهمية استراتيجية كبيرة. ويعتقد الخبراء العسكريون أن قصفها لا يمكن أن يتم إلا باستخدام قنابل خارقة للتحصينات مثل قنبلة GBU-57 الأمريكية العملاقة، التي يمكن إطلاقها فقط من القاذفة الشبح B-2 الأمريكية. 

مفاعل فوردو هو ثاني أبرز موقع نووي في إيران، وينتج اليورانيوم عالي التخصيب ويقع المفاعل تحت الأرض بمنطقة جبلية حصينة جنوب طهران، ويعد من أعمق المواقع النووية في إيران وأكثرها تحصينا، إذ صمم لمقاومة الهجمات الجوية التقليدية، على عمق يقدر بـ90 مترا تحت الأرض.

وافقت إيران في عام 2015 على اتفاق تضمن وقف أنشطة تخصيب الوقود في منشأة فوردو لمدة 15 عاما، باستثناء إنتاج كميات محدودة من النظائر المستقرة، وتمت إعادة هيكلة المنشأة، لتحويلها إلى مركز أبحاث خاضع لإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية. 

ومع انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية عام 2018 وتعثر المفاوضات قررت إيران في حزيران 2022 إزالة جميع معدات المراقبة التابعة للوكالة من منشأة فوردو، ورفعت مستوى التخصيب باستخدام أجهزة طرد مركزي متطورة.

إلا أن تزايد الضغوط الدولية، أجبر طهران في كانون الأول 2024 على الموافقة على تشديد الوكالة الدولية للطاقة الذرية الرقابة على منشأة فوردو، بهدف تعزيز تدابير الضمانات، من خلال تكثيف أنشطة التفتيش والمراقبة.

واستهدف الاحتلال الإسرائيلي مفاعل فوردو أكثر من مرة مع بداية الحرب التي اندلعت بين الاحتلال وإيران في 13 حزيران 2025.

3- مركز أصفهان للتكنولوجيا النووية

يبعد نحو 350 كم جنوب شرق طهران، ويضم الآلاف من العلماء النوويين. يحتوي الموقع على مفاعلات أبحاث صينية ومختبرات تتعلق بتطوير البرنامج النووي الإيراني. 

في عام 2006، بدأت إيران بتشغيل منشأة لمعالجة اليورانيوم في مركز الأبحاث النووية في أصفهان، بهدف تحويل الكعكة الصفراء إلى ثلاثة أشكال رئيسية وهي غاز سداسي فلوريد اليورانيوم وأكسيد اليورانيوم والمعادن. 

وفي حزيران 2025 عقب شن الاحتلال الإسرائيلي حربا على إيران، أعلن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أنه تم تدمير مفاعل أصفهان الذي من دونه لا يمكن الوصول إلى سلاح نووي، وأشارت صور الأقمار الصناعية إلى أن منشآت في الموقع تعرضت لقصف إسرائيلي، بما فيها منشأة لتحويل اليورانيوم، ومع ذلك، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إنه لم تسجل أي مؤشرات على تسرب إشعاعي.

اقرأ المزيد.. الضربة الأمريكية على إيران تستهدف منشآت نووية

المواقع النووية في إيران التي لم تستهدف

1- محطة بوشهر للطاقة النووية

تقع على الخليج العربي جنوب إيران، وتعد المحطة النووية التجارية الوحيدة في البلاد. يشرف على تشغيلها الروس وتستخدم وقودا نوويا روسيا، كما تخضع لمراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. تعمل إيران على بناء مفاعلين إضافيين في الموقع نفسه.

وبدأت إيران في العمل على بناء محطة بوشهر، في عهد الشاه محمد رضا بهلوي عام 1975 بواسطة شركة "سيمنس" الألمانية، وكان من المقرر دخوله مرحلة التشغيل بحلول عام 1985 إلا أن الثورة الإيرانية التي أطاحت بالنظام البهلوي عام 1979 عرقلت المشروع. 

وتعرض المفاعل لقصف صاروخي وغارات جوية في فترة الحرب العراقية الإيرانية (1988-1980)، مما ترك آثارا بجوار المحطة. 

كما تسببت العقوبات الدولية والمشكلات الفنية والمالية بتأخير تشغيل المفاعل إلى أن بدأت المحطة بتوليد الكهرباء في آب 2011 بقدرة ألف ميغاوات.

2- مفاعل أراك للماء الثقيل

يبعد 250 كم جنوب غرب طهران، يستخدم الماء الثقيل لتبريد المفاعلات النووية، وينتج البلوتونيوم كمنتج جانبي، ما يثير القلق من إمكانيات الاستخدام العسكري. وكانت إيران قد وافقت ضمن الاتفاق النووي لعام 2015 على إعادة تصميم هذا المفاعل لتهدئة المخاوف الدولية. 

باشرت إيران منذ عام 1996 بناء منشأة لإنتاج الماء الثقيل في مدينة أراك "وسط إيران". وأعلنت طهران رسميا بدء إنتاجه في 28 آب 2006 بعد أن كشفت المعارضة الإيرانية النقاب عن هذه المنشأة للمرة الأولى عام 2002، كما نشرت صورا لها. 

وفي عام 2004، بدأت إيران إنشاء مفاعل من تصميمها بقدرة 40 ميغاوات بالقرب من منشأة أراك لإنتاج الماء الثقيل، ويعتمد المفاعل في تشغيله على الماء الثقيل واليورانيوم الطبيعي المتوفر في إيران، دون الحاجة لتخصيب اليورانيوم الذي تطالب الدول الكبرى طهران بوقف عمليات إنتاجه.

ما هو اليورانيوم المخصب؟

التخصيب هو عملية تزيد من كمية اليورانيوم 235، وهو نوع خاص من اليورانيوم يستخدم لتشغيل المفاعلات النووية أو بكميات أكبر بكثير لصنع الأسلحة النووية. 

يتكون اليورانيوم الطبيعي في معظمه من اليورانيوم-238، بنسبة 99.3% تقريبا، وهو غير مناسب لإنتاج الطاقة أو القنابل، أما اليورانيوم-235، فهو لا يشكل سوى 0.7% تقريبا، وهو الجزء اللازم لإطلاق الطاقة. 

لاستخدام الطاقة النووية، يجب تركيز تلك الكمية الضئيلة من اليورانيوم-235 المفيد للقيام بذلك، يحول اليورانيوم أولا إلى غاز، ثم يدار بسرعات عالية في أجهزة تسمى أجهزة الطرد المركزي، تساعد هذه الأجهزة على فصل اليورانيوم-235 عن اليورانيوم-238 الأكثر شيوعا، وهذه هي عملية التخصيب.

عادة ما يخصب اليورانيوم المستخدم في محطات الطاقة النووية بنسبة 3.67% تقريبا، ولصنع قنبلة نووية، يجب تخصيبه بنسبة 90% تقريبا. وقد خصبت إيران اليورانيوم بنسبة 60%، وهي نسبة لا تكفي لصنع قنبلة، ولكنها تمثل خطوة كبيرة نحو الوصول إلى مادة صالحة للاستخدام في الأسلحة. 

اقرأ المزيد.. قاذفة B-2: الطائرة الشبح التي غيرت قواعد الاشتباك الجوي

دلالات
00:00:00