تتواصل حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة في يومها الـ691، واليوم الـ163 منذ استئناف العدوان في آذار الماضي، وسط تصعيد دموي جديد حصد أرواح
الروبوتات المفخخة.. استراتيجية إسرائيلية لزراعة الموت والإبادة في غزة

في قلب غزة، تتحرك آلة الموت بصمت رهيب بين المنازل والشوارع، روبوتات مفخخة محملة بأطنان من المتفجرات، تهدم البيوت وتزرع الرعب بين المدنيين، ليس مجرد تدمير للمباني، بل تهجير مئات الآلاف بالقوة، وإبادة شبه كاملة للبنية التحتية والخدمات، وخلق بيئة مستحيلة للبقاء، كل تفجير هو جريمة مدروسة، وكل حي يستهدف يثبت أن ما يحدث هو أكثر من حرب، إنها إبادة ممنهجة مدعومة بتكنولوجيا حديثة وأوامر عسكرية دقيقة. وفي سبيل ذلك تلجأ قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى استخدام الروبوتات المفخخة المصممة خصيصا لاستهداف المناطق السكنية في شمال قطاع غزة ووسطه وجنوبه، ضمن ما يسميه الجيش "عمليات عسكرية دقيقة".
ما هي الروبوتات المفخخة؟
الروبوتات المفخخة هي آليات عسكرية إسرائيلية محملة بمتفجرات ضخمة تصل أحيانا إلى أطنان، تتحرك بين المنازل والمناطق السكنية تحت سيطرة جيش الاحتلال عن بعد.
وتستخدم "إسرائيل" هذه الآليات بهدف إلحاق أكبر قدر ممكن من الخسائر البشرية في صفوف المدنيين، في إطار حرب الإبادة على قطاع غزة، وتمتلك هذه الروبوتات قدرة تفجيرية هائلة، بحيث يمكنها تدمير حي سكني كامل.
الروبوتات مزودة بأجهزة تحكم عن بعد، تسمح للجيش بتفجيرها من مسافة آمنة، إضافة إلى أن بعض النسخ مجهزة بكاميرات وأجهزة استشعار لتحديد وجود أشخاص قبل التفجير، وفق ما زعمت مصادر إسرائيلية، رغم أن الشهادات الميدانية تؤكد تعرض المدنيين للقتل بشكل مباشر وبلا تمييز.
العربات المفخخة إم 113: تحويل الأسلحة القديمة إلى أدوات إبادة
تستند الاستراتيجية الإسرائيلية إلى استخدام عربات نقل الجنود من طراز إم 113، التي خرجت من الخدمة بعد عدوان 2014. هذه العربات يتم تعديلها وتحميلها بمتفجرات تصل إلى 3–4 أطنان، ما يجعلها قادرة على هدم مبان من عدة طوابق وتحويلها إلى ركام.
الروبوتات يتم التحكم بها عبر أجهزة لاسلكية، وأحيانا عبر طائرات مسيرة، ما يسمح للجيش بالابتعاد عن أي منطقة خطرة أثناء تفجيرها، وقد سجلت وسائل إعلام فلسطينية تفجير هذه العربات في مناطق مأهولة بالسكان بشكل متعمد في أحياء الشجاعية، والزيتون، والتفاح، وبيت حانون، ما أدى إلى انهيار المباني بشكل كامل ومقتل العديد من المدنيين، بينهم نساء وأطفال.
تفجيرات ممنهجة ومواقع محددة في غزة
يواصل جيش الاحتلال استخدام هذه التكنولوجيا في عدة مناطق:
-
الشجاعية والزيتون: دمرت الروبوتات عدة مجمعات سكنية بالكامل، مع سقوط مئات الضحايا المدنيين.
-
جباليا وبيت حانون: تم تفجير الروبوتات بالقرب من مدارس ومستشفيات، ما أدى إلى تضرر واسع للبنية التحتية.
-
المناطق الحدودية: استخدام روبوتات مزودة بأجهزة استشعار للكشف عن وجود المدنيين، رغم أن النتائج تشير إلى إصابات واسعة بينهم.
المدنيون المهددون أصبحوا عاجزين عن الهرب بسبب الحصار والقيود على تحركاتهم، فيما تعجز فرق الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول لمواقع الانفجارات بسبب الدمار والحرائق الناتجة عن التفجيرات.
وفي حي الزيتون وحده، دمر أكثر من 500 منزل منذ بداية آب 2025 بفعل تفجيرات هذه الروبوتات إلى جانب الصواريخ.
ويستخدم جيش الاحتلال إلى جانب الروبوتات المفخخة، براميل متفجرة يتم تحديد موعد انفجارها بين المباني السكنية، في محاولة منه لتدمير أكبر مساحات ممكنة من الأحياء السكنية، بحيث لا تشكل خطرا على حياة جنوده.
وفي كانون أول الماضي، شهد محيط مستشفى كمال عدوان في غزة مشهدا نادرا لما يعرف بالروبوت المفخخ، الذي ظهر قبل لحظات من انفجاره وتدميره منطقة سكنية بالكامل.
وأظهر فيديو صورته عائلة محاصرة داخل منزلها الروبوت وهو يقترب، في حين تظل عشرات العائلات الأخرى محاصرة يوميا وتتعرض لعمليات نسف دون أن يعلم أحد بمصيرهم.
التأثير على البنية التحتية والخدمات
أدت الانفجارات إلى:
-
انهيار خطوط الكهرباء والمياه والصرف الصحي.
-
حرق المنازل وتحويلها إلى رماد.
-
توقف شبه كامل لعمل الطواقم الطبية.
-
تهجير مئات الآلاف من المدنيين من مناطقهم بشكل قسري.
الدمار طال المدارس والمستشفيات والمراكز التجارية، ما جعل المدنيين يعيشون في بيئة قاسية للغاية، بين الدمار المستمر والخطر المباشر على حياتهم.
الدمار الذي تسببه الروبوتات المفخخة قد يلحق دمارا بمناطق يصل قطرها إلى 100 متر، وأضرار جزئية تصل إلى 300 متر، وأكد الدفاع المدني أن الروبوتات تحول المباني إلى رماد وتحرق الطبقة السطحية للتربة، بينما يصعب على فرق الإسعاف الوصول للضحايا بسبب الانفجارات وحصار المناطق.
تشير تقديرات المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى أن هذه العمليات أسفرت عن انهيار شبه كامل للبنية التحتية في شمال غزة، وتهجير مئات الآلاف من المدنيين، مع توقف شبه كامل لعمل طواقم الإسعاف والدفاع المدني. كما أشار الشهود إلى أن الجيش يواصل تفجير الروبوتات في المناطق المأهولة بالسكان دون معرفة ما إذا كان المدنيون موجودين داخل المباني، ما يجعل من هذه العمليات جريمة ضد الإنسانية بحد ذاتها.
الروبوتات المفخخة في جنوب لبنان
لم يقتصر الأمر على غزة، فقد تم توثيق عمليات مشابهة في قرى جنوب لبنان، مثل كفار كيلا ومحيطها، حيث استخدمت عربات إم 113 المفخخة محملة بالمتفجرات لتدمير المنازل والبنية التحتية. هذا الاستخدام يعكس استراتيجية شاملة لتوسيع دائرة الإرهاب ضد المدنيين، مستفيدة من ضعف الرقابة الدولية على الحدود.
خلفية استراتيجية الجيش الإسرائيلي
الجيش الإسرائيلي يعد هذه الروبوتات جزءا من "خطة الجنرالات" التي تهدف إلى:
-
إفراغ المناطق السكنية من السكان المدنيين.
-
تعطيل قدرات المقاومة الفلسطينية على الرد.
-
السيطرة على المناطق الاستراتيجية في غزة دون تعرض القوات الإسرائيلية لخطر مباشر.
هذه الخطة تعتمد على دمج التكنولوجيا الحديثة مع استراتيجيات قديمة في الحصار والتدمير، ما يجعل المدنيين أهدافا مباشرة لهذه العمليات.
الروبوتات كسلاح عشوائي وجريمة حرب
وفق القانون الدولي، استخدام روبوتات مفخخة في مناطق مأهولة بالسكان يصنف كسلاح عشوائي، نظرا لعدم القدرة على تحديد أهداف عسكرية دقيقة، وإصابة المدنيين بشكل مباشر أو غير مباشر. هذا الاستخدام في المناطق السكنية يعد جريمة حرب، خاصة مع تسجيل مئات حالات القتل والتشريد المتعمد للفلسطينيين.
توثق الشهادات والتقارير الحقوقية استخدام "إسرائيل" الروبوتات المفخخة كأداة رئيسية في استراتيجية إبادة مدنية ممنهجة، وسط مطالبات للمجتمع الدولي بالتدخل الفوري لوقف هذه الممارسات، ومحاسبة المسؤولين عنها، وضمان حماية المدنيين العزل من تهجير وقتل ممنهج.