الفقير والمقتدر ينام جوعان.. شهادات من شمال غزة عن توسع المجاعة

الصورة
فلسطينيون يتجمعون عند مطبخ خيري في مخيم جباليا للاجئين لملء أوانيهم ببعض الطعام | المصدر: رويترز
فلسطينيون يتجمعون عند مطبخ خيري في مخيم جباليا للاجئين لملء أوانيهم ببعض الطعام | المصدر: رويترز

"يضطرون لبيع ملابسهم مقابل الغذاء"

يكتفي تقرير "انعدام الأمن الغذائي لعام 2024" الذي صدر في حزيران الحالي بتصنيف الوضع الغذائي في قطاع غزة "بحالة الطوارئ العاجلة" وهو التصنيف الرابع الذي يسبق تصنيف المجاعة، ورغم عدم اعتراف التقرير بأن المجاعة سادت بل واستفحلت في كل أنحاء القطاع وليس في شمال غزة فقط إلا أن الأهالي يؤكدون أن الحصار المطبق منذ أكثر من شهرين وتحديدا منذ إغلاق المعابر استنفد كل السلع والمواد في الأسواق حتى وصل بهم إلى مقايضة ملابسهم بالطعام.

ساجدة أبو كرش: الفقير والمقتدر ينام جوعان

وفي شهادات من سكان في شمال غزة وصلت لـ حسنى مؤخرا قالت ساجدة أبو كرش إن المجاعة الأولى التي عاشها سكان شمال غزة انقطع فيها الطحين، إلا أن الخبيزة والسلق كانتا الغذاء الرسمي لأهالي الشمال، مضيفة بحزن أنه في المجاعة الحالية حتى النباتات البرية انقرضت وأصبح ورق التوت المتوفر يباع بأسعار غالية جدا تصل إلى أربعين شيكل. 

الكوسا يتوفر بين الحين والآخر بشكل محدود وبأسعار تصل إلى 50 شيكل للكيلو، ما يجعل تناول الخضار حلما للفقير وعبئا كبيرا على الذي يمتلك بعضا من النقود.

ماذا يأكل أهل شمال غزة

تجيب ساجدة:

"الشيء الوحيد المتوفر هو الطحين، وجبة واحدة في نهاية النهار نأكل فيها رغيف خبز حاف".

وعن توفر الشطة والمخلل، تقول ساجدة إنها كانت متوفرة في المجاعة الأولى، فيما اليوم تعد مواد نادرة التوفر، فإن كنت محظوظا تستطيع أن تشتري قليلا من الزعتر أو الدقة أما الشطة أصبحت بـ70 شيكل بعد أن كانت بـ3 شيكل. 

وتؤكد ساجدة أن الأسر المتعففة والأسر ذات الوضع المادي المحدود لا تستطيع اليوم أن تتناول سوى الخبز:

"حتى لو كان معك فلوس فإنت حتنام جوعان.. الفقير والمقتدر في شمال غزة ينام جوعان".

لا شيء في الأسواق يمكن أن يشتريه الفقير أو المقتدر، لا لحوم أو خضروات، أما الفاكهة فلم يرها أهالي شمال غزة منذ تسعة شهور. 

أما عن المعلبات التي ترميها الطائرات باعتبار أنها مساعدات مجانية، تقول ساجدة إن أسعارها في الأسواق ارتفعت جدا خلال الشهرين الماضيين، حتى بلغ سعر علبة اللانشون الصغيرة 25 شيكل. وتختم ساجدة شهادتها بقولها: 

"الجميع في غزة قد نزل وزنه ما بين 10 إلى 20 كيلو منذ تسعة شهور، تغيرت أشكالنا لكن لم يتغير صمودنا سنبقى نحتسب الأجر عند الله سبحانه وتعالى".

اقرأ المزيد.. تحذيرات أممية: 25% من سكان غزة على بعد خطوة من المجاعة

شيماء أبو كويك: فقدنا وسنفقد كل يوم أطفالا بسبب سوء التغذية

وتؤكد الغزية شيماء أبو كويك من شمال غزة أن المجاعة عادت بكل ما تحمله من معنى، وأن معظم الأطفال يعانون من سوء التغذية، وأن من فقدوا حياتهم سيزدادون يوما تلو اليوم طالما ظل الوضع كارثيا. 

وأشارت شيماء إلى الأطفال من مرضى الشلل الدماغي الذين حرموا من العلاج والمياه النظيفة والطعام المخصص لهم، ما أفقد العديد منهم حياتهم:

"تخيلوا هدول الأطفال لازم يكون عندهم أكل صحي وأدوية معينة ومي نظيفة وما شي متوفر من هي الأشياء.. نحن كل يوم عم نفقد ورح نفقد أطفال بسبب سوء التغذية".

وتؤكد شيماء عدم دخول أي مساعدات إلى شمال غزة منذ ثلاثة أشهر، مبينة أن الطحين المتوفر مخزن من قبل.

"لا خضار ولا فواكه ولا ألبان ولا أي نوع من أنوع اللحوم متوفرة".

ماذا يتوفر ؟ تقول شيماء: 

تتوفر المعلبات بأسعار باهظة الثمن لا يستطيع أحد شراءها، وتضيف شيماء أن المعاناة لا تتوقف عند توفر الطعام، إذ إن الأوبئة منتشرة بشدة بسبب الأكل الملوث والمياه غير النظيفة التي يضطر الأهالي لتناولها وشربها، إضافة إلى المعاناة من القصف المستمر واستهداف كافة القطاعات الطبية التي تحرم المريض من العلاج.

 وتختصر شيماء شهادتها بقولها:

"الحياة معاناة!! وطول ما الاحتلال مانع تفوت مساعدات رح يضل الوضع سيئ ورح يصير أسوأ من هيك".

جميل قنيطة: المجاعة أكبر وأسوأ من سابقتها

وبشهادة مختصرة يقول الشاب جميل قنيطة أن أهالي شمال غزة يمرون بمجاعة أكبر وأسوأ من التي مرت من قبل، إذ لا تتوفر أي بضاعة للأكل في الأسواق، وإن كانت قد توفر شيء بسيط منها فإنها تباع بأثمان باهظة جدا لا يستطيع الأهالي شراءها مضيفا: 

" لا دخل لأهالي القطاع منذ تسعة شهور، ولا يستطيع الغزي تأمين احتياجاته وشراء طعام وتوفير متطلبات العيش في ظل انقطاع الدخل.. فلا رواتب في القطاع منذ تسعة أشهر.. كيف سنعيش؟ حتى المساعدات ببيعوها بيع". 

يضطرون لبيع ملابسهم مقابل الغذاء

ويقدر تقرير حالة انعدام الأمن الغذائي في العالم والذي أشرفت عليه منظمة الصحة العالمية ومنظمة الفاو للأغذية والزراعة، بأن 2.1 مليون غزي من أصل 2.4 مليون يعانون من مستويات مرتفعة من حالة انعدام الأمن الغذائي، وأن 22% من سكان القطاع يواجهون مستويات كارثية من الانعدام الحاد للأمن الغذائي في المرحلة الخامسة، التي تواجه فيها الأسر نقصا شديدا للغذاء والتضور جوعا واستنفاد القدرة على المواجهة. 

ولم تشفع كل هذه الأرقام لإعلان غزة كاملة منطقة مجاعة، رغم أن التقرير أوضح أن المجاعة ليست مقتصرة على شمال القطاع وإنما أيضا وصلت إلى محافظات جنوب غزة حيث تعاني من تدهور كبير منذ مطلع أيار الماضي في ظل نزوح أكثر من مليون شخص واستمرار إغلاق المعابر.

وذكر التقرير الدولي أن أحدث البيانات تفيد بأن أكثر من نصف الأسر اضطرت، من أجل شراء الطعام، إلى تبديل ملابسها بالمال، فيما لجأت ثلث الأسر إلى جمع النفايات لبيعها، وإن ما يزيد على 20% من الأسر يقضون أياما وليالي كاملة دون تناول أي طعام.

وأظهرت فيديوهات من أسواق شمال غزة بيع حبة الفلفل بـ20 شيكل، كما أظهرت بيع ضمة البقدونس بالورقة وليس بالضمة، حيث يصل سعر الضمة الواحدة إلى 30 أو 40 شيكل.

اقرأ المزيد.. طوفان الأقصى في يومها الـ265 قصف عنيف على مناطق متفرقة من قطاع غزة

دلالات
الأكثر قراءة
00:00:00