استفاق قطاع غزة اليوم على وقع مجزرتين مروعتين ارتكبتهما قوات الاحتلال الإسرائيلي، أسفرتا عن استشهاد 88 فلسطينيا، بينهم أطفال ونساء، وإصابة
رفح المهددة بالاجتياح.. ماذا تعرف عنها؟
تتجه الأنظار إلى مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة على الساحل الفلسطيني مع مصر، والتي لم يتوقف قادة الاحتلال عن التهديد باجتياحها بعد أن دفع بمئات آلاف الفلسطينيين إليها بعد أن تم إخلاؤهم قسرا من منازلهم في مناطق شمال ووسط القطاع، لتصبح رفح المدينة الأكثر اكتظاظا بالسكان على مستوى العالم.
رفح موطن النازحين القسري
وخلال ستة أشهر من العدوان المتواصل لليوم الـ201 على التوالي تحولت مدينة رفح إلى موطن قسري للنازحين الفلسطينيين والذين وصل عددهم إلى أكثر من مليون شخص يعيشون في ظروف قاسية إنسانيا وتحت ضغط إسرائيلي يهدف لتهجيرهم إلى سيناء المصرية.
وبعد العدوان الذي شنه جيش الاحتلال على قطاع غزة، في أعقاب معركة طوفان الأقصى أُجبر الفلسطينيون تحت التهديد والقصف الإسرائيلي العنيف على التوجه جنوبا إلى رفح، فتحولت إلى مخيم كبير للنازحين الذين تكدسوا في المدارس والمرافق العامة والخيام في ظروف مأساوية ونقص حاد في المتطلبات الإنسانية الأساسية.
وتزامن ذلك مع قصف إسرائيلي متواصل على المدينة خلّف مئات الشهداء والجرحى، في حين أعلنت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، أن الجيش الإسرائيلي بدأ استعدادات تنفيذ هجوم بري واسع على رفح.
تاريخ مدينة رفح
رفح جذورها ضاربة في عمق التاريخ، أنشئت قبل نحو 5 آلاف عام، وتعد بوابة قطاع غزة إلى العالم، حيث يوجد فيها المنفذ الوحيد لسكان غزة إلى الخارج وهو "معبر رفح"؛ كما تعد محورا استراتيجيا حساسا لوقوعها على خط المواجهة الساخن في المنطقة مع دولة الاحتلال.
وهي تعد من المدن التاريخية القديمة التي تأسست قبل 5 آلاف عام، وغزاها كل من الفراعنة والأشوريون والإغريق والرومان. وعرفت بعدة أسماء، فقد سماها الفراعنة "روبيهوي" بينما أطلق عليها الأشوريون "رفيحو"، وسماها الرومان واليونان باسم "رافيا" ثم سماها العرب رفح.
وخضعت مدينة رفح عام 1917 للاستعمار البريطاني الذي فرض الانتداب على فلسطين، وفي 1948 أصبحت تحت سيطرة مصر بعد دخول الجيش المصري إليها، وبقيت كذلك حتى وقعت تحت الاحتلال الإسرائيلي عام 1956 ثم عادت للإدارة المصرية عام 1957 حتى عام 1967 حيث احتلتها "إسرائيل" مرة أخرى.
اكتسبت مدينة رفح أهمية إضافية بعد أن أصبح خط السكك الحديدية يمر في أراضيها، وهو ذلك الخط الذي يصل بين القاهرة وحيفا، وقد تم تدمير هذا الخط بعد عام 1967.
وقُسّمت المدينة إلى شطرين بعد اتفاقية التطبيع كامب ديفيد بين القاهرة وتل أبيب، حيث استعادت مصر سيناء، وإثر هذه الاتفاقية انفصلت رفح المصرية عن رفح غزة، وبلغت مساحة الشطر الواقع في غزة 3 أضعاف مساحة الشطر الذي المصري تقريبا.
يعود أصل معظم سكان رفح إلى مدينة خانيونس وإلى بدو النقب وسيناء، ثم أضيف إليهم اللاجئون الفلسطينيون الذين قدموا إليها من مختلف القرى والمدن الفلسطينية بعد نكبة عام 48.
اقرأ المزيد.. في يوم الأسير الفلسطيني.. نحو 10 آلاف أسير في سجون الاحتلال
الموقع
تقع مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة، على الحدود مع شبه جزيرة سيناء المصرية، ويحدها من الشمال خانيونس، ومن الجنوب مصر ومن الغرب البحر الأبيض المتوسط، ومن الشرق أراضي عام 48 المحتلة أو ما يعرف بالخط الأخضر، الذي يفصل بين الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 والمحتلة عام 1948.
ترتفع رفح عن سطح البحر الأبيض المتوسط 48 مترا، ويضمها نطاق السهل الساحلي الفلسطيني عند خط التقائه بصحراء سيناء، وصحراء النقب، وهي تتشكل في منطقة شبه صحراوية، تربتها رملية قاحلة وتنتشر فيها الكثبان.
وهي تتمتع بمناخ شبه صحراوي، وصيفها حار ورطب وشتاؤها بارد وجاف، تتراوح درجة الحرارة فيها عادة بين 9 درجات مئوية شتاء و31 درجة مئوية صيفا، وتتساقط الأمطار في فصل الشتاء غالبا، بمعدل هطول سنوي يصل إلى نحو 250 مليمترا.
وتقدر مساحتها بـ63 كيلومترا مربعا، حسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني للعام 2017، تعد المدينة مركز محافظة رفح، وتضم 10 أحياء وتجمعات سكنية، هي:
-
منطقة المواصي.
-
تل السلطان.
-
وسط البلد.
-
الحشاش.
-
رفح الغربية.
-
حي النخلة.
-
خربة العدس.
-
حي السلام.
-
حي الجنينة.
-
حي البيوك.
وعقب الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين أصبحت رفح محورا حساسا في المواجهة مع الاحتلال، فهي لا تبعد عن خط الهدنة المرسوم وفقا لاتفاقية عام 1949 بأكثر من 7.6 كيلومتر، كما أنها تقع بالقرب من محور فيلادلفيا، الخط الأكثر إثارة للمناوشات السياسية وتصاعد المواجهات العسكرية، وهي تمتاز بقربها من مستوطنات غلاف قطاع غزة، فهي على مسافة 12 كيلومترا من مستوطنة "نير إسحاق" مما يجعلها منطقة تأهب عسكري دائم بالنسبة للاحتلال.
ويقع على بعد نحو 4 كيلومترات من مدينة رفح معبر "كرم أبو سالم" والذي يعد نقطة الوصل المهمة بين غزة والضفة الغربية، فمنه تعبر البضائع القادمة من فلسطين المحتلة وكذلك بعض المساعدات الدولية.
وتضم المدينة بعض المعالم التاريخية، التي خلّدت تاريخها الطويل، فقد احتوت على مجموعة من التلال والخرائب الأثرية في مواضع متعددة من المدينة، مثل تل رفح، الذي يُذكر بأنه الموضع الذي كانت تقوم عليه المدينة الرومانية "رافيا"، وكذلك "تل المُصبِّح" وتلال "أم المديدة" و"خربة رفح" و"خربة العدس".
وفي هذه الأماكن توجد أطلال أثرية وأنقاض تحتوي قطعا فخارية قديمة، وحصى وفسيفساء وأعمدة وتيجانا تاريخية، ومقبرة أثرية.
ويمثل النشاط التجاري المورد الرئيسي لسكان مدينة رفح، ويرجع الفضل في ذلك إلى موقعها الجغرافي وكونها نقطة حدودية على الخط الفاصل مع مصر، كما أن قربها من البحر ساعد العديد من سكانها على احتراف مهنة الصيد.
استطاع سكان المنطقة منذ ستينات القرن العشرين حفر الآبار، واستصلاح مساحات من الأراضي، لا سيما منطقة المواصي، وزرعوها بالحمضيات واللوزيات وكروم العنب والنخيل، إضافة إلى أصناف عديدة من الخضروات.
اقرأ المزيد.. الفصح اليهودي.. تهديد للأقصى وارتباط بالهيكل المزعوم