دخل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يومه الـ415، حيث يواصل الاحتلال شن الغارات على مناطق مختلفة من القطاع، ما أدى لارتقاء عدد من الشهداء
إدانات المنظمات الإنسانية.. هل تتجاوز الورق لتردع الاحتلال؟
منذ بدء العدوان على قطاع غزة بعد السابع من تشرين الأول المنصرم، بدت الأصوات الحقوقية الدولية تائهة تساوي بين المحتل وصاحب الأرض، وبين الجلاد والضحية، بحسب مراقبين.
ولكن المجازر اليومية المرتكبة التي التهمت آلاف الأبرياء في غزة، والتهديد بالسلاح النووي، وإطلاق القنابل المحرمة دوليا، وغيرها، أجبرت كثيرا من المؤسسات والمنظمات الحقوقية على رفع صوتها أكثر، وتغيير لهجة إداناتها الموجهة للاحتلال الإسرائيلي، وإن كانت في نهاية الأمر مجرد إدانات على الورق، ترصد الانتهاكات وتوثقها لا أكثر، أما الاحتلال فيضرب بها عرض الحائط.
89 صفحة من الإدانة.. هل تكفي؟
آخر المواقف الحقوقية تبناه مركز الحقوق الدستورية في الولايات المتحدة، إذ رفع دعوى قضائية مؤلفة من 89 صفحة، ضد كل من الرئيس الأميركي جو بايدن ووزيري الخارجية أنتوني بلينكن والدفاع لويد أوستن بتهمة تقديمهم دعما غير مشروط للإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال ضد الغزيين.
وسارع المركز برفع هذه الدعوى نيابة عن منظمات فلسطينية وفلسطينيين في غزة ومواطنين أمريكيين لديهم أقرباء في القطاع، باعتبار أن من مسؤوليات إدارة بايدن منع الإبادة الجماعية، بموجب القوانين والأعراف الدولية.
ويقول المركز الذي يعنى بالحريات المدنية إن الاحتلال الإسرائيلي الطويل لفلسطين، والحصار المفروض على غزة، والدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة، خلق ظروفا ملائمة للإبادة الجماعية التي ترتكبها "إسرائيل"، مشيرا إلى أن إدارة بايدن لم تقم بواجبها في منع الإبادة بموجب القانون الدولي.
حقوق من عيار 155 ملم
وفي الولايات المتحدة أيضا كان لنحو 30 منظمة إغاثية وحقوقية ودينية موقف من الحرب في غزة، وإن كان موقفا خجولا في لغته وتأثيره، إذ إن المنظمات ومنها "أوكسفام" والعفو الدولية ومركز المدنيين في الصراع، دعت إدارة بايدن إلى التخلي عن تزويد الاحتلال بقذائف المدفعية شديدة الانفجار من عيار 155 ملم، لأنها بحسب وصفهم تفاقم معاناة المدنيين في غزة.
وكتبت المنظمات في رسالتها:
"في ظل الظروف الحالية، فإن إعطاء حكومة "إسرائيل" الحق في الوصول إلى هذه الذخائر يقوض حماية المدنيين، ومصداقية إدارة بايدن، واحترام القانون الإنساني الدولي. ومن الصعب تخيل سيناريو يمكن فيه استخدام قذائف مدفعية شديدة الانفجار من عيار 155 ملم في غزة بما يتلاءم مع القانون الدولي الإنساني".
وجاء في الرسالة أن الذخائر المقدمة للاحتلال الإسرائيلي قصفت المدارس والمستشفيات والأحياء ومخيمات اللاجئين والملاجئ، مما تسبب بمقتل وجرح وتشريد أعداد هائلة من المدنيين.
عريضة بمليون توقيع
وخلال الأيام الأخيرة، استطاعت منظمة العفو الدولية جمع مليون توقيع على عريضة تطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، إذ جاء في بيان صادر عنها تعليقا على هذه العريضة أن بعض قادة الاتحاد الأوروبي لا يعرقلون دعوة وقف إطلاق النار فحسب، بل يزودون الاحتلال بالأسلحة والدعم السياسي، فضلا عن أنهم يقومون بإسكات المتظاهرين واعتقالهم.
مديرة مكتب المؤسسات الأوروبية التابع لمنظمة العفو الدولية، إيف غيدي، وصفت ما يحدث في غزة بـ "المروع للغاية لدرجة يصعب استيعابها"، وفق البيان.
وقالت غيدي أن بعض الدول بما فيها ألمانيا والتشيك والنمسا، تمنع الاتحاد الأوروبي من الدعوة بشكل جماعي إلى وقف إطلاق النار أو التنديد بانتهاكات القانون الإنساني الدولي التي ترتكبها "إسرائيل" وهذا يخلق مناخا مشجعا على الإفلات من العقاب وتجاهل التزاماتها بشأن حماية حقوق المدنيين.
اقرأ المزيد.. مستشفيات الغزيين.. قصة صمود خلال الحرب وقبلها
على ما يبدو..
بهذه العبارة بدأت منظمة "هيومن رايتس ووتش" بيانا لها نشر اليوم الثلاثاء، واصفة هجمات الاحتلال على قطاع غزة "بغير القانونية على ما يبدو"، ولكنها حاولت في متن البيان التوسع في إدانة الهجمات ضد المدنيين في غزة، وأتت على ذكر عدد من المجازر الإسرائيلية التي استهدفت المدنيين والطواقم الإسعافية والطبية على حد سواء، مشيرة إلى أن 521 شخصا على الأقل، بينهم 16 عاملا طبيا، قتلوا في 137 هجوما على الرعاية الصحية في غزة حتى الثاني عشر من تشرين الثاني.
وأضافت المنظمة أن هذه الهجمات -أي هجمات الاحتلال الإسرائيلي- إلى جانب قرارات قطع الكهرباء والمياه وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، تعيق بشدة إمكانية الحصول على الرعاية الصحية.
وذكر البيان أن الأمم المتحدة وجدت حتى تاريخ الـ 10 من تشرين الثاني أن ثلثي مرافق الرعاية الأولية ونصف المستشفيات في غزة لا تعمل، في حين تتعامل الطواقم الطبية مع أعداد غير مسبوقة من المصابين بجروح خطيرة، كما أن الأدوية والمعدات الأساسية نفدت من المستشفيات، ما يضطر الأطباء لإجراء عمليات دون تخدير وباستخدام الخل كمطهر.
اقرأ المزيد.. استهداف مستشفى الشفاء مستمر في ظل تفاقم الوضع الكارثي داخله
سننقل المساعدات إلى غزة عند إتاحة الوصول!
أما منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "الفاو" فاعتبرت في بيان لها اليوم الثلاثاء أن جميع السكان المدنيين في غزة يعانون في هذه المرحلة من انعدام الأمن الغذائي، مؤكدة أنها ستنقل إمدادات زراعية وحيوية ملحة إلى غزة، لكن بمجرد إتاحة الوصول إلى القطاع، على حد تعبيرها.
بيان "الفاو" لم يأت على ذكر كلمة "إسرائيل" إطلاقا كمعتد أو محتل، واكتفى بعبارات مثل "الأعمال القتالية في إسرائيل وفلسطين" و"المعاناة الإنسانية".
المدير العام للمنظمة "شو دونيو" أضاف في البيان أن المنظمة تعتبر أن جميع السكان المدنيين في غزة يعانون في هذه المرحلة من انعدام الأمن الغذائي.
وأكد التزام المنظمة الكامل مع شركائها في المجال الإنساني بتلبية الاحتياجات الإنسانية الملحة للسكان في قطاع غزة والاحتياجات الإضافية الناشئة في الضفة الغربية لحماية واستعادة سبل العيش القائمة على الزراعة.
اقرأ المزيد.. لمن السيادة على معبر رفح وكيف تمنع إسرائيل دخول المساعدات؟
بيان لليونيسيف دون كلمة "إسرائيل"
بلهجة شديدة الحذر، تقف في المنطقة الرمادية، حاولت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" في آخر بيان لها نشر في العاشر من تشرين الثاني ولم يأت على ذكر كلمة "إسرائيل" إطلاقا.
وحاولت "اليونيسيف" في هذا البيان التحذير من الوضع الكارثي وانعكاسات العدوان على الأطفال الغزيين، مشيرة إلى أن "أعمالا عدائية وهجمات" تفاقم معاناة الأطفال وتهدد حياتهم، لكنها لم تذكر مصدر "الأعمال العدائية" التي تسببت باستشهاد آلاف الأطفال في قطاع غزة.
وقالت المنظمة في التقرير الذي حمل عنوان "حياة مليون طفل على شفير الهاوية، فيما الخدمات الصحية للأطفال على حافة الانهيار في جميع أنحاء قطاع غزة" إن الانهيار شبه الكامل للرعاية الصحية والخدمات الطبية في جميع أنحاء قطاع غزة، وتحديدا في المناطق الشمالية، يهدد حياة كل طفل في القطاع.
وأضافت:
"الأطفال في غزة على شفير الهاوية، خاصة في شمال غزة، فما يزال هناك آلاف من الأطفال في شمال غزة، بينما تشتد الأعمال العدائية. ولا يوجد لدى هؤلاء الأطفال أي مكان يؤويهم وهم في خطر شديد. إننا ندعو إلى وقف فوري للقصف على مرافق الرعاية الصحية للأطفال، وإلى توصيل الوقود والإمدادات الطبية بشكل عاجل إلى المستشفيات ومرافق الرعاية الصحية في جميع أنحاء غزة، من ضمنها الأجزاء الشمالية من القطاع."
عدوان 2014.. خير دليل
ويرى مراقبون أن الدعوات الحقوقية وبيانات المنظمات الإنسانية قد تضغط على الرأي العام الدولي إزاء جرائم الاحتلال في غزة وفلسطين عموما، لكنها لا ترقى إلى مرحلة التأثير الفاعل على الأرض، مستشهدين بعدوان العام 2014 على القطاع المنكوب، وما تبعه من ردود فعل حقوقية على مستوى دولي، إلا أن الاحتلال لم يرتدع أو يلتفت، ولم تتجاوز كلمات الإدانة في البيانات الحقوقية الأوراق المكتوبة عليها
ويشار إلى أن عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2014 قد أودى بحياة 2322 فلسطينيا، بينهم 578 طفلا، و489 امرأة، و102 مسن، وفق إحصائية رسمية صدرت عن وزارة الصحة الفلسطينية.
وتسبب العدوان أيضا بإصابة نحو 11 ألف فلسطيني، منهم 302 سيدة تعاني 100 منهن من إعاقة دائمة، كما أصيب 3303 من بين الجرحى بإعاقة دائمة، وفق الإحصائية.
وخلف العدوان ذاته نحو 200 يتيم في قطاع غزة، بحسب إحصائية أخرى تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية.
اقرأ المزيد.. الطفولة في مرمى النيران