في غزة.. قتل الاحتلال ابنيه وهدم منزله وأباد أرضه (قصة الغزي كامل مرتجى)

الصورة
فلسطينيون يسيرون في حي دمره الاحتلال في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة | المصدر: وكالة الأنباء الفرنسية
فلسطينيون يسيرون في حي دمره الاحتلال في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة | المصدر: وكالة الأنباء الفرنسية
آخر تحديث

لعل من النادر أن تجد شخصا في قطاع غزة لم يذق واحدا أو أكثر من فصول الألم والمعاناة خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة، والتي امتدت لأكثر من 15 شهرا وخلفت أكثر من 50 ألف شهيد ومئات الآلاف من الجرحى. 

فهذا الغزي فقد ابنه، وذاك فقد أحد والديه، وذاك قصف منزله، وآخر حرقت أرضه الزراعية، وتعرض كثيرون لإصابات مرات عديدة بعضها بليغة وأخرى خفيفة، وذاق غزي آخر مرارة النزوح المتكرر، لكن الغزي كامل مرتجى "أبو رائد" ذاق كل هذه الصور مجتمعة على مدار أيام الحرب.

استشهاد بكره رائد في أول يوم من طوفان الأقصى

يقول أبو رائد لـ حسنى إن قصته بدأت منذ فجر السبت المشهود، أول أيام معركة طوفان الأقصى، فمع ساعات ما قبل الظهر وصله خبر استشهاد نجله البكر رائد في أثناء مشاركته المقاومة في اقتحام موقع فجة العسكري شرق مدينة غزة خلال الهجوم الكبير الذي نفذته المقاومة الفلسطينية ضد المواقع العسكرية الإسرائيلية على امتداد حدود قطاع غزة. 

ويذكر كامل مرتجى أن آخر عهده بابنه رائد كان مساء الجمعة، حين خرج ليلا مخبرا والده بوجود حالة استنفار قصوى لدى رجال المقاومة الفلسطينية فقط.

رائد مرتجى استشهد في أول يوم من طوفان الأقصى
صورة لنجل كامل مرتجى البكر رائد مرتجى الذي استشهد في عملية طوفان الأقصى

تلقى أبو رائد خبر استشهاد نجله بصبر وثبات وفخر، وأصر على أن يؤم المصلين على ابنه في صلاة الجنازة قبل أن يوارى جثمانه الطاهر الثرى، وفور انتهاء الجنازة ترك وأسرته منزلهم الكائن في حي الزيتون جنوب مدينة غزة خوفا من تعرضه لقصف الاحتلال، بادئا رحلة النزوح والانتقال من مكان لآخر حرصا على سلامة الجميع.

استشهاد ابنته ذات الـ24 عاما في غزة

بعد 40 يوما من استشهاد نجله رائد، وفي أثناء تنقله من مكان لآخر ونزوحه عند أحد الأقارب في حي الزيتون، وقع قصف مدفعي مكثف استهدف المنطقة ما أدى إلى استشهاد ابنته ديانا ذات الـ24 عاما، وهي متزوجة وأم لطفلين، وقد أصيبت بشظية مباشرة في الرقبة أدت إلى استشهادها على الفور.

استهداف منزله ثلاث مرات 

لم تكتف قوات الاحتلال بقتل اثنين من أبناء مرتجى، بل تعمدت استهداف منزله المكون من طابقين للمرة الأولى بمجموعة من القذائف المدفعية أدت إلى احتراقه وتفريغه من جدرانه وكل محتوياته، بحيث أصبح غير صالح للسكن، وبعدها بأيام قليلة تم استهداف الطابق الثاني بصواريخ "أف 16" أدت إلى تدمير الطابق بشكل كامل، وبعد شهر كان الاستهداف الثالث، وفيه تدمر المنزل بشكل كامل وسُوي بالأرض.

ركام منزل كامل مرتجى
ركام منزل كامل مرتجى وعائلته الذي سواه الاحتلال بالأرض

حرق بيارة الحمضيات الخاصة بالعائلة وتجريفها

بجوار المنزل كانت بيارة الحمضيات الكبيرة الخاصة بمرتجى وإخوانه والتي تبلغ مساحتها أكثر من 21 دونما زراعيا وتحتوى على أشكال أشجار الحمضيات وأنواعها كافة، وقد أقدمت قوات الاحتلال على تجريفها بشكل كامل وأصبحت أثرا بعد عين.

بيارة الحمضيات لعائلة مرتجى
بيارة الحمضيات التي كانت لعائلة مرتجى وجرفها الاحتلال بالكامل

وفاة والده وإصابته بشظايا

وفي حديثه لمراسل حسنى رامي الصيفي، قال مرتجى إن رحلة نزوحه هو وعائلته استمرت وصولا إلى منطقة حي التفاح هربا من القصف الإسرائيلي المتكرر، ورغم النزوح لمناطق يعدها الجيش المحتل آمنة فإن الدبابات توغلت في حي الشجاعية والتفاح وأصيب إثر ذلك عدد من أفراد عائلة مرتجى، من بينهم والده الطاعن في السن واستشهد لاحقا متأثرا بجراحه في أثناء الانتقال به من مكان لآخر، إذ إنه استشهد بعد أن توقف قلبه في الخامس من كانون أول من عام 2023، وتم دفنه مؤقتا في مدرسة بنات الزيتون بسبب صعوبة الوصول للمقبرة وبعدها تم نقل الجثة إلى المقبرة. 

لم تتوقف معاناة أبو رائد عند هذا الحد، إذ تعرض لإصابة طفيفة في القدم للمرة الأولى بعد استهداف قوات الاحتلال لبعض الفصول الدراسية داخل مدرسة الزيتون، واستشهد على إثر ذاك القصف 25 غزيا.

توقف قلبه ليعود إلى الحياة بشكل مفاجئ

بعد شهر من إصابته وبعض أفراد عائلته بإصابات طفيفة، تعرضت المدرسة المجاورة لمكان نزوح عائلة مرتجى لقصف جوي شديد، أصيب على إثرها بإصابة خطيرة في القلب، وأعلن الأطباء في المستشفى عن استشهاده وتوقف قلبه، إلا أنه يروي تفاصيل عودته إلى الحياة قائلا:

"بفضل الله عاد قلبي للعمل، فما زالت في الحياة بقية لنعيشها، وشخص الأطباء إصابتي بأنها ثقب في الرئة وكسر في الصدر وأجريت عدة عمليات جراحية وبقيت لي عملية لإخراج شظية بجوار القلب".

واختتم مرتجى حديثه لـ حسنى بقوله:

"نحمد الله على كل البلاء الذي مر، ونسأله العوض والخير، وهؤلاء المحتلين كفار لا أمان ولا مأمن لهم، ونحن في صراع معهم إلى يوم الدين وهذا الابتلاء دليل القبول من الله لنا ونرجو الثواب من الله تعالى".

اقرأ المزيد.. 100 ألف طن من المتفجرات ألقتها "إسرائيل" على القطاع.. فماذا تركت وراءها؟

00:00:00