لماذا استحدث الاحتلال محور موراج بين خانيونس ورفح؟ | مادة تحليلية

الصورة
خريطة تظهر محور موراج جنوب قطاع غزة | المصدر: خرائط جوجل
خريطة تظهر محور موراج جنوب قطاع غزة | المصدر: خرائط جوجل

موراج منطقة استراتيجية زراعية وتجارية حيوية

آخر تحديث

بدأ جيش الاحتلال مطلع الأسبوع الحالي بالتمركز في محور موراج وهو محور استحدثه الاحتلال يفصل مدينة خانيونس عن مدينة رفح، وذلك بعد سلسلة من الغارات التي شنها على المدينتين وأجبر أهلها على النزوح قصرا منها. فما هو محور موراج ولماذا استحدثه الاحتلال؟

محور موراج

تعود تسمية هذا المحور بموراج نسبة إلى المستوطنة التي كان الاحتلال قد أسسها في الموقع ذاته قبل اندحار الاحتلال من قطاع غزة عام 2005. 

ويقدر طول هذا المحور بنحو 12 كيلومترا عرضا، حيث يمتد من البحر غربا حتى مفترق شارع صلاح الدين شرقا، وصولا إلى معبر صوفا الواقع بين رفح وخانيونس، حيث يسيطر جيش الاحتلال على هذا المعبر. 

وبنى الغزيون على أنقاض مستوطنة موراج بعد خروج الاحتلال من القطاع ما يسمى بمدينة الشيخ خليفة التي تم تمويلها من الإمارات، كما استُثمر جزء كبير منها بالزراعة فهي أرض خصبة مناسبة لمختلف الزراعات، ووصف بنيامين نتنياهو هذا المحور بأنه محور مشابه لمحور فيلادلفيا وممر جديد ستبسط قواته السيطرة عليه للتضييق على المقاومة حسب زعمه.

نتنياهو: "سنقوم بتجزئة القطاع، وسنزيد الضغط خطوة تلو الأخرى، كي يسلموا لنا أسرانا".

وبحسب مصادر عبرية فإن موراج كانت مستوطنة أسست لغايات عسكرية لأول مرة عام 1972 ، ثم تحولت لغايات سكنية عام 1982، وأصبحت محطة دينية وزراعية، فقد عمل المستوطنون فيها بزراعة الزهور والخضروات، وكانت تضم نحو 200 شخص قبل خروج الاحتلال من القطاع.

ما الهدف من استحداث محور موراج؟

ويسعى جيش الاحتلال من خلال السيطرة على محور موراج إلى تقسيم قطاع غزة إلى محاور متعددة، وعزل رفح عن خانيونس بهدف تنفيذ عملية برية موسعة في رفح، إضافة إلى نيته زيادة العازل الأمني من خلال ثلاث مناطق محيطة بجنوب القطاع، بحيث تكون مساحة مدينة رفح بالكامل جزءا من هذا العازل مع تمديده شرقا لأكثر من الـ700 متر القائمة حاليا، وذلك بحسب ما قاله لـ حسنى المحلل السياسي مفيد أبو شمالة. 

وقال أبو شمالة إن الاحتلال يخطط لسيناريو هجرة الغزيين عبر البحر عبر دفع الناس جنوبا وشمالا نحو المواصي المطلة على البحر، مستشهدا بأن الاحتلال بالإضافة إلى محور موراج فإنه يضغط على منطقتي عبسان شرق خانيونس وحي الشجاعية شرق غزة، وبيت لاهيا وبيت حانون وجباليا شمالا، وذلك لتجميع سكان القطاع في بؤرة واحدة على مستوى البحر المتوسط تمهيدا لدفعهم للهجرة. 

واتفق المحلل السياسي رياض حلس مع أبو شمالة قائلا لـ حسنى إن وصول جيش الاحتلال لمحور موراج يهدف إلى إطباق الحصار على مدينة رفح كلها وعزلها عن خانيونس وشمال القطاع، وبذلك تقع رفح بين فكي كماشة؛ فجنوبها محور فيلادلفيا حيث الدبابات الإسرائيلية والحدود المصرية ومن شمالها محور موراج.

حلس: "الغاية من السيطرة على محور موراج بدءا من الحدود الشرقية للقطاع وحتى البحر ليس فقط لتفريغ رفح من أهلها إنما من أجل تدمير ونسف كل ما تبقى فيها من مباني حتى تصبح غير قابلة للسكن أو للحياة."

وكان الاحتلال قد نفذ مخططا مشابها شمال غزة حينما استحدث خطا جديدا فصل فيه جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون عن الحدود الشرقية للمدينة وصولا إلى دوار أبو شرخ ومن ثم جباليا البلد ومنطقة الصفطاوي وصولا إلى البحر، ودمر بيت لاهيا وبيت حانون وجباليا المعسكر لتصبح غير قابلة للسكن أو الحياة.

عسكريا: إعادة هندسة الجغرافيا والديموغرافيا في غزة

عسكريا، بين مصدر عسكري مسؤول في المقاومة لـ حسنى أن التطورات الأخيرة في منطقة موراج تمثل "مرحلة جديدة" من خطة إسرائيلية لفصل مناطق القطاع عن بعضها، في إطار إعادة هندسة الجغرافيا والديموغرافيا داخل غزة. 

‎وقال المصدر إن منطقة موراج كانت وما تزال منطقة استراتيجية زراعية وتجارية حيوية، تربط بين خانيونس ورفح الشرقية والغربية، كما أنها تشكل نقطة فاصلة بين الحدود الفلسطينية والمصرية، وهو ما منحها أهمية اقتصادية خاصة في عمليات نقل البضائع.

مضيفا:

‎"منذ انسحاب الاحتلال من موراج عام 2005 في عهد شارون، والمنطقة أصبحت أحد الشرايين الحيوية في تغذية قطاع غزة بالخضروات والسلع الأساسية. واليوم ومع عودة الاحتلال للسيطرة عليها، فإن الأسواق بدأت تعاني من شح كبير في المواد الغذائية، كما أن التنقل بات صعبا جدا، خاصة في ظل محدودية المستشفيات في القطاع، فقد أصبح الوصول إلى مستشفى غزة الأوروبي تحديا حقيقيا بعد توغل قوات الاحتلال نحو تلك المنطقة."

‎خطة إسرائيلية للتهجير عبر "البوابات الإلكترونية"

وأشار المصدر إلى توقعه تحويل الاحتلال منطقة موراج إلى ما يشبه "البوابات الإلكترونية" أو "الحلابات"، بهدف تجميع السكان داخل مدينة رفح تمهيدا لعملية تهجير جماعي. 

‎ووفق تقديره، فإن مساحة موراج تشكل قرابة 20% من قطاع غزة، ما يجعلها منطقة محورية في حال قرر الاحتلال التمركز فيها بشكل دائم.

توقيت استحداث موراج والسيطرة عليه 

وحول اختيار الاحتلال هذا التوقيت لاستحداث محور موراج وعدم استحداثه في بداية الحرب، عزا أبو شمالة ذلك إلى أهداف الاحتلال الجديدة التي زعم أنه استكمل حربه لأجلها وعلى رأسها التهجير القسري للغزيين، كما أكد المحلل حلس لـ حسنى أن الاحتلال وضع رفح نصب عينيه ما دفعه لاحتلال موراج بغاية تدمير كل رفح، ولذلك أقام مؤخرا رافعات عالية ونصب عليها كاميرات مراقبة ورشاشات تصل مداها حتى خانيونس.

لماذا سياسة تقسيم القطاع؟

وأوضح المحللان حلس وأبو شمالة أنه ومنذ استئناف الاحتلال للحرب على غزة، فإن سياسة نتنياهو اتجهت أكثر نحو تقسيم القطاع وبما يخدم سير العملية العسكرية. 

ففي المرحلة الأولى من الحرب كان الاحتلال قد استخدم محور نتساريم لفصل شمال القطاع عن جنوبه، ومن ثم السيطرة على محور فيلادلفيا للسيطرة على المعابر واستخدامه كورقة ضغط على مصر، ومنع نقل الأسرى إلى خارج القطاع، فيما يجري الآن السيطرة على محور موراج لما له من أهمية تجارية وزراعية إضافة إلى السيطرة المُحكمة على رفح. 

*أجرى هذه المقابلات مراسلا حسنى مريم سلامة ورامي الصيفي

00:00:00