هضبة الجولان.. الأرض السورية المحتلة ذات الأهمية الاستراتيجية

الصورة
إحدى مناطق الجولان السوري المحتل | المصدر: Yahya Alshamali
إحدى مناطق الجولان السوري المحتل | المصدر: Yahya Alshamali
آخر تحديث

تقع هضبة الجولان جنوب غرب سوريا، وتمتد على مساحة تقارب 1.800 كم2. تحدها من الغرب بحيرة طبريا ونهر الأردن، ومن الشمال جبل الشيخ، ومن الجنوب وادي اليرموك، ومن الشرق العمق السوري وتحديدا محافظة درعا. 

موقع هضبة الجولان

تتميز هضبة الجولان بتضاريسها الجبلية والمرتفعة، والتي تمنحها أهمية استراتيجية عسكرية كبيرة، إذ تشرف على مناطق واسعة في شمال فلسطين المحتلة وسوريا ولبنان. كما تتمتع الهضبة بتربة خصبة ومناخ معتدل وغطاء نباتي متنوع، ما يجعلها مناسبة للزراعة والرعي.

جسر اليرموك في الجولان | المصدر: Yahya Alshamali
جسر اليرموك في الجولان | المصدر: Yahya Alshamali

موارد الجولان الطبيعية والاقتصادية 

هضبة الجولان غنية بالموارد الطبيعية رغم مساحتها المحدودة، وتفصيل تلك الموارد كالآتي:

  • المياه: تعد الهضبة خزانا مائيا مهما، فهي تضم ينابيع ومصادر مياه مثل نبع الجوخدار، وينابيع الحمة السورية، كما تتحكم بجزء من مياه نهر الأردن وبحيرة طبريا، مما يجعلها شديدة الأهمية في صراع الموارد المائية في المنطقة.

نهر اليرموك | المصدر: Yahya Alshamali
نهر اليرموك | المصدر: Yahya Alshamali
  • الزراعة: التربة البركانية الخصبة والمناخ المعتدل جعلاها مناسبة لإنتاج التفاح والكرز والعنب، إضافة إلى تربية المواشي.

  • الثروات المعدنية: تحتوي على ثروات طبيعية مثل البازلت وبعض المعادن، ويعتقد أنها قد تضم احتياطات من النفط والغاز، وقد رصدت محاولات تنقيب إسرائيلية في السنوات الأخيرة.

بحيرة طبريا كما تظهر من إربد | المصدر: Yahya Alshamali
بحيرة طبريا كما تظهر من إربد | المصدر: Yahya Alshamali

الوضع السياسي والقانوني "أرض محتلة"

تمثل هضبة الجولان أحد أبرز الاعتداءات الإسرائيلية بحق العرب خارج نطاق فلسطين المحتلة. ففي حرب 1967، احتلت "إسرائيل" غالبية مساحة الهضبة، وضمتها لاحقا في عام 1981 رسميا عبر "قانون الجولان"، وهو قانون أحادي الجانب رفضه المجتمع الدولي بالإجماع، وتمثل هذا الرفض بعدد من القرار:

  • قرارات الأمم المتحدة:

    • القرار رقم 242 (1967): دعا إلى انسحاب "إسرائيل" من الأراضي التي احتلتها في الحرب، ومنها الجولان.

    • القرار رقم 497 (1981): اعتبر قرار إسرائيل بضم الهضبة عبر "قانون الجولان" لاغيا وباطلا ولا وجود لأثر قانوني له.

  • الموقف الدولي: تعد جميع الدول تقريبا –بما فيها حلفاء الاحتلال الإسرائيلي– الجولان أرضا سورية محتلة، باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية التي اعترفت في الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب عام 2019 بـ"السيادة الإسرائيلية" عليها، وهو قرار لاقى رفضا عربيا ودوليا واسعا.

أبرز الأحداث التاريخية والسياسية منذ الاحتلال

  1. حرب 1967 "النكسة":

    احتلت "إسرائيل" الجولان بعد معارك عنيفة، وسيطرت على أكثر من ثلثي الهضبة، وأجبرت نحو 130 ألف سوري على النزوح، ودمرت قرى عديدة، وأبقت فقط على 5 قرى درزية ما زالت موجودة حتى اليوم أبرزها قرية مجدل شمس.

  2. حرب أكتوبر 1973:

    شنت سوريا هجوما لاستعادة الجولان وحققت تقدما سريعا، لكنها انسحبت لاحقا بعد الدعم الأمريكي لـ"إسرائيل". ورغم عدم استعادة الجولان، شكلت الحرب تحولا مهما في ميزان القوة بالمنطقة.

  3. اتفاق فصل القوات 1974:

    تم برعاية الأمم المتحدة، ونص على فصل القوات السورية والإسرائيلية، وإنشاء منطقة منزوعة السلاح بإشراف قوات "UNDOF" التابعة للأمم المتحدة للإشراف على وقف إطلاق النار واتفاقية فض الاشتباك بين سوريا والاحتلال الإسرائيلي، ما زالت تعمل حتى اليوم.

  4. قرار الضم الإسرائيلي 1981:

    صادق الكنيست على قانون "تطبيق القانون الإسرائيلي على الجولان"، ما يعني ضمها فعليا، وهو إجراء غير معترف به دوليا.

  5. اعتراف ترامب 2019:

    أعلن الرئيس الأمريكي ترامب في ولايته السابقة اعترافه بـ"السيادة الإسرائيلية" على الجولان، وهو الموقف الوحيد المخالف للإجماع الدولي.

  6. رفض سكان الجولان للضم:

    السكان السوريون المتبقون، ومعظمهم من الطائفة الدرزية، يرفضون الجنسية الإسرائيلية ويتمسكون بهويتهم السورية، وينظمون احتجاجات مستمرة ضد الاستيطان وضم أراضيهم.

الاستيطان الإسرائيلي في الجولان

أقامت "إسرائيل" أكثر من 30 مستوطنة في الجولان، يسكنها نحو 30 ألف مستوطن إسرائيلي، مقابل نحو 25 ألف سوري يتركزون في القرى الدرزية الخمس: مجدل شمس، بقعاثا، مسعدة، عين قنيا، الغجر. 

وبدأت الحكومة الإسرائيلية خلال السنوات الأخيرة مساعي حثيثة لتوسيع الاستيطان وتسويق الجولان كمكان سياحي واستثماري، خاصة بعد اعتراف ترامب.

مساحات زراعية على أطراف بحيرة طبريا | المصدر: Yahya Alshamali
مساحات زراعية على أطراف بحيرة طبريا | المصدر: Yahya Alshamali

مستقبل الجولان

رغم مرور أكثر من نصف قرن على احتلالها، تبقى هضبة الجولان رمزا للمواجهة العربية الإسرائيلية، وقضيتها حاضرة في جميع مفاوضات السلام المتعثرة. وتجمع معظم المبادرات على ضرورة انسحاب "إسرائيل" منها مقابل ترتيبات أمنية وسلام شامل. 

لكن مع تراجع العملية السياسية، والاعتراف الأمريكي، وتعقيد الوضع في سوريا، فإن مستقبل الهضبة لا يزال غامضا، مع استمرار رفض الاحتلال على المستوى الدولي، والتشبث السوري بحق استعادتها وعدم نية دمشق إبرام أي اتفاق سلام مع الاحتلال إلا بخروجه منها.

اقرأ المزيد.. إيران.. دولة الفستق والنفط والثورة.. كل ما تريد معرفته عن الجمهورية الإسلامية

دلالات
00:00:00